عرض الملابس على تماثيل مجسمة جريمة أخلاقية

0 1047

· أصحاب المحلات:
الفتيات الصغيرات يتخذن قرار الشراء بعد مشاهدة هذه المجسمات
· البنات:
نتخيل أنفسنا جميلات بهذه الملابس مثل هذه المانيكات
· الشباب:
الحرج يقتلنا ومصادر الإثارة حولنا كثيرة
· د. أكرم رضا:
فاترينات صفراء وليس ببعيد أن تتحول إلي وسائل لعرض البغاء
· علماء الدين:
تأخذ حكم الصورة الحية والعبرة بما يترتب على النظر إليها من آثار
· قالوا عن النظر:
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
· ويقول ابن القيم:
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغير موقوف على خطر
يسر ناظره ما ضر خاطره لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

**فاترينات العرض وإثارة الشهوات في نفوس الشباب***

انتشرت في الآونة الأخيرة صور الإغراء البصرية والسمعية، في التلفاز، وفي المجلات، والصحف، بل في المحلات، وعلى أبواب الكوافيرات، وفي كل مكان في الشارع على الحوائط والاستيكرات في السيارات، حتى أصبحت تطارد الشاب في كل مكان يذهب إليه، وكان من أكثر هذه الأشياء انتشارا وأوضحها، بل وأفضحها منظرا الصورة العارية للمجسدات التي تعرض عليها ملابس النساء في الفاترينات، حتى أن إحدى النساء أرسلت إلي بريد الأهرام تقول: "نحن الآباء والأمهات نطالب بإغلاق جميع المحلات التي تعرض أجساد النساء في فاترينات".

فهل هذه الصورة والمجسد منها خاصة، تؤثر في نفوس الشباب، وتحدث أثرا يستحق معه أن تغلق هذه المحلات التي تقوم على عرضها؟ وهل هذا الأثر قاصر على الشباب الرجال فقط أم أن لها أثرا أيضا على الفتيات؟ وما رأي الدين فيها؟.

تساؤلات يثيرها هذا التحقيق
**جذابة ومؤثرة***
توجهنا أولا إلي أصحاب المحلات لنعرف عن هذه المجسدات فكان جوابهم:
يقول الحاج محمد سليمان - 50 سنة - صاحب أحد المحلات في وسط البلد: الغرض من هذه المانيكان جذب الفتيات الصغيرات، فالمرأة التي بلغت أربعين سنة مثلا عندها خبرة في الملابس وشكلها، وخاصة الملابس الداخلية، ولا يهمها أن تراها مجسدة أمامها، أما الفتاة في سن العشرين فلابد أن تري القطعة مجسدة أمامها حتى تستريح لها.

وتشاركه الرأي ه. و - بائعة في أحد المحلات - فتقول: الفتاة عندما تمر على أحد المحلات فتشتري أشياء مع أنها لم تخرج في الأصل لهذا الغرض، ولكن لأنها رأت مثلا هذه القطعة أو غيرها معروضة على مانيكان بشكل جميل، فتحس أنها ستكون جميلة أيضا عندما ترتديها.

**تساعدني في الاختيار ولكن***
أما أ. م - 23 سنة موظفة - فتقول: هذه الطريقة أشعر بالإحراج الشديد عند مروري بالأماكن التي تعرض الملابس النسائية، وخاصة الملابس الداخلية فأنا أحس وكأن امرأة بملابسها الداخلية تقف أمامي هذا زيادة على أنها تنافي تقاليدنا وعاداتنا، وأنا أحمل المسئولية كاملة لأصحاب المحلات؛ لأنهم من الممكن أن يستعيضوا عن هذه الطريقة بأي طرق أخرى من طرق العرض.

وتوافقها في الرأي ن. ح - 24 سنة مندوبة مبيعات - حيث تري أن المشكلة تكمن في عملية عرض الملابس الداخلية النسائية في هذه الفاترينات، وإن كانت لا تري مشكلة في عرض بقية الملابس، وتري أننا جميعا نتحمل المسئولية مع أصحاب المحلات، فيجب علينا أن نوجههم، بأن نرسل إليهم رسائل مثلا أو أن نتحدث معهم مباشرة أثناء الشراء من هذه المحلات.

وأما عن رأي الشباب وهم بالطبع سبب المشكلة فكان أكثر إثارة.

أحمد فتحي - أخصائي معلومات في الجامعة الأمريكية - يقول: هذه المجسدات تثير الاشمئزاز في نفسي، وأشعر في بعض الحالات أنني أمر على مجموعة نساء عاريات، وأشعر بالحرص على أن أمر بسرعة من أمام هذه المحلات حفاظا على نفسي.

ويوافقه في الرأي محمد ناصر - معيد بجامعة الأزهر - وإن كان يري أن هناك ما هو أكثر إثارة من هذه المجسمات مثل أفيشات السينما مثلا، والإعلانات عن الأفلام ومستحضرات التجميل، والتي تملأ الشوارع، وفي كل مكان.

**تصعب مهمة المدرس والإعلام مسئول***
وأما الأستاذ أشرف عيد حسن - 27 سنة مدرس إعدادي - فيري أن هذه المجسدات حقيقة تؤثر على وظيفة المدرس في العملية التعليمية، فهي أكثر أثرا في نفوس التلاميذ، وخاصة في سن الإعدادية والثانوية، فالأولاد عندما يرون مثل هذه المناظر يحاولون تقليدها، وإذا أراد المدرس أن يتكلم في هذه الأمور فيرد الطلاب بأنه إذا كانت هذه الأمور منافية لعاداتنا وتقاليدنا وديننا، فلماذا لا تمنعها الدولة، ويلقي بالعبء والمسئولية على وسائل الإعلام بأنواعها، ويري أنه من الواجب على وسائل الإعلام توضيح هذه الأمور للناس، وخاصة المجلات والصحف؛ لأن الشباب يستمدون ثقافتهم غالبا من وسائل الإعلام هذه.

أما عن رأي علماء النفس في هذه المجسدات وأثرها على الشباب فكان:
**الفاترينات الصفراء***
يقول دكتور أكرم رضا - باحث تربوي ونفسي وله عدة كتب في مجال التربية وخاصة فترة المراهقة - إن الصورة وخاصة المجسدة لها أثر واضح على الشباب من الجنسين، وأجمع العلماء النفسيون والتربويون على أن أي صورة تظهر فتنة المرأة تؤثر بالسلب على نفس كل فتاة وشاب، وتزيل الحياء من بين الناس، فهي تعرض أدق خصوصيات الرجل والمرأة، وما لا يجب أن يظهر إلا في غرف النوم، تظهر على رؤوس الأشهاد.

ويري كذلك أنها لا تقل عن فاترينات عرض النساء للبغاء أو للبيع في الدول التي تحل الرقيق، ويتوجس خيفة من أن تصبح هذه الفاترينات في يوم من الأيام لهذه الأغراض، ويسميها الفاترينات الصفراء على غرار الصحافة الصفراء، ويعدها أحد أسباب انهيار الحضارة، فإذا تعرت المرأة تعرت الحضارة، وكانت عرضة لعوامل الهدم.

ويطالب الدكتور كل الفتيات بأن يتقدمن باحتجاجات إلي كل الهيئات المسئولة، والتي يمكن أن تؤثر على مثل هذه المحلات على غرار المرأة التي أرسلت إلي بريد الأهرام تطالب بإغلاق مثل هذه المحلات.

**الشباب يتأثر بما على حبل الغسيل***
وأما د. حاتم آدم - طبيب أمراض نفسية وعصبية - فيؤكد أن هذه المجسدات مؤثرة على الشباب، وخاصة في ما بين الثامنة عشر والثامنة والعشرين؛ حيث تكون الشهوة متفجرة، والشباب في هذه المرحلة يتأثر بالملابس على حبل الغسيل، فكيف بها إذا كانت مجسدة، وينصح الدكتور الآباء والأمهات بأن يحاولوا الحفاظ على أبنائهم من هذه الأشياء؛ لأن نبضات الشهوة الخفية هذه يمكن أن تتحول إلي أفعال وحوادث لا يعلم مداها إلا الله.

**مثل الصورة الحية***
وأما عن رأي الدين في هذه المجسدات وحكم صناعتها والنظر إليها
فتقول د. سعاد صالح - أستاذة ورئيسة قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات جامعة الأزهر:
أولا - كل صورة مجسدة كاملة الأعضاء تأخذ حكم التصوير المحرم في الإسلام على أنها تماثيل؛ لأن النهي جاء في الأحاديث الشريفة مطلقا يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من صور صورة في الإسلام كلف بأن ينفخ فيها، وما هو بنافخ" أي أنه لن يستطيع أن يفعل ذلك.

وإذا كانت هذه التماثيل ستؤثر على الشباب بأن تثير شهواتهم كما هو حادث مع هذه المجسدات، والتي تعرض الملابس النسائية في أحط صورها فإنها في هذه الحالة أشد.

وعن النظر إلي هذه المجسمات فإذا كان النظر مع التأمل والتفكير، فإنه يأخذ حكم النظر إلي الصورة الحية؛ حيث تحققت العلة من التحريم، فكل ما يؤدي إلي حرام فهو حرام، وهنا تكون الأولي لك والثانية عليك.

**ينظر إلى المسألة مما يترتب عليها***
ويضيف الدكتور نزار عبد القادر ريان - أستاذ مشارك في علم الحديث بجامعة ... في القدس - أن العلماء قديما بحثوا في مسألة النظر إلي المنحوتات العارية في البلاد المفتوحة، واختلفوا في ذلك بين الحظر والإباحة، والراجح النظر إلي المسألة بما يترتب عليها، ولقد كان علماؤنا رحمهم الله يكرهون النظر إلي الأمرد لما قد يجره من مفسدة.

**سبب في العذاب وتسلط الأعداء***
ويقول الدكتور وهبة الزحيلي - رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق كلية الشريعة - هذه معاصي شرعا، ولا يقرها خلق الحياء، وهذه الموبقات قد تعرضنا لعذاب الله، وتسلط الأعداء، ونقص الأرزاق.
وينصح فقهاؤنا الشباب بغض البصر والصوم إن لم يستطيعوا الزواج التمسك {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.

و أخيرا يقول أحد المستشرقين وهو إدوارد فيث: "إن ما طرأ على قيمنا من تغيرات، أو ما يسمونه ما بعد الحداثة أثارت جدلا كبيرا عند المفكرين الغربيين، حتى إن بعضهم رآها شرا مستطيرا على الحياة الروحية للبشر منتهية حتما إلي عدمية وعبثية مدمرة لكل قواعد الوجود الإنساني مبشرة بالفوضى كمصير لا مفر منه للبشرية".

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة