- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:محاسن الأخلاق
إن الإسلام دين الرحمة: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) [الأنبياء:107]، هذه الرحمة تشمل كل نواحي الحياة، ومن أعظم جوانب الرحمة رحمة الإسلام بالضعفاء والمرضى.
(إن المريض الذي يغالب العلة وتغالبه، ويصارع السقم ويصارعه، لهو من أكثر الناس حاجة إلى كل ما تستطيعه العلاقات الإنسانية من عون وسلوى، وبث للعزيمة والأمل والطمأنينة والسرور.
وهناك عند كل مريض تجد باقة من الزهر الندي العطر، مهداة من رسول الله صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله الله رحمة للعالمين- ومن زهراته الطيبات قوله: "من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة(يعني جناها) حتى يرجع..."الحديث. ويخبرنا بما لعيادة المريض من جلال وخطر حين يقول: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني...". فأية صورة من صور الحث والتكريم تفوق هذه الصورة أو حتى تضاهيها؟ وأنى للعلاقات الإنسانية أن تجد لها ضميرا كهذا الذي تجده في كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)
الحث على عيادة المريض:
لقد بلغ من عناية الإسلام بالمريض أن جعل عيادته حقا من حقوقه على إخوانه المسلمين، ففي الحديث: "خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز".
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بعيادة المرضى: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني (الأسير)". وعن البراء رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض..." الحديث.
الرسول الأسوة يعود المرضى:
لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بحث المسلمين على عيادة المرضى، بل كان وهو الذي تحمل هموم الأمة يعود المرضى، يخفف عنهم ويسليهم. قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير".
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم عاد بعض أصحابه حين مرضوا، وثبت أنه عاد غلاما يهوديا ودعاه إلى الإسلام فأسلم.
وينبغي أن يتعلم المسلمون هذا الخلق، حتى الكبراء منهم، فإنه لا يعيبهم أن يعودوا آحاد الرعية. وكان السلف رضي الله عنهم يهتمون بعيادة المريض، فكانوا إذا فقدوا الرجل سألوا عنه، فإن كان مريضا عادوه.
وانظر إلى الإمام الشافعي – رحمه الله – يبين أثر عيادة المريض على كل من الزائر والمزور:
مرض الحبيب فعدته.. ... ..فمرضت من حذري عليه
فأتى الحبيب يعودني.. ... ..فشفيت من نظري إليـه
آداب عيادة المريض:
لعيادة المريض آداب عديدة ينبغي أن تراعى عند زيارته؛ منها:
1- أن يلتزم بالآداب العامة للزيارة، كأن يدق الباب برفق، وألا يبهم نفسه، وأن يغض بصره، وألا يقابل الباب عند الاستئذان.
2- أن تكون العيادة في وقت ملائم، فلا تكون في وقت الظهيرة صيفا ولا في شهر رمضان نهارا، وإنما تستحب بكرة وعشية وفي رمضان ليلا.
3- أن يدنو العائد من المريض ويجلس عند رأسه ويضع يده على جبهته ويسأله عن حاله وعما يشتهيه.
4- أن تكون الزيارة غبا، أي يوما بعد يوم، وربما اختلف الأمر باختلاف الأحوال، سواء بالنسبة للعائد أو للمريض، فإذا استدعت حالة المريض زيارته يوميا فلا بأس بذلك، خاصة إذا كان يرتاح لذلك ويهش له.
5- ينبغي للعائد ألا يطيل الجلوس حتى يضجر المريض، أو يشق على أهله، فإذا اقتضت ذلك ضرورة فلا بأس.
6- ألا يكثر العائد من سؤال المريض، لأن ذلك يثقل عليه ويضجره.
7- من آداب العيادة أن يدعو العائد للمريض بالعافية والصلاح، وقد وردت في ذلك أدعية عديدة منها: "أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم؛ أن يشفيك (سبع مرات)". وأن يقرأ عنده بالفاتحة والمعوذتين والإخلاص.
8- ألا يتكلم العائد أمام المريض بما يقلقه ويزعجه، وأن يظهر له من الرقة واللطف ما يطيب به خاطره.
9- أن يوسع العائد للمريض في الأمل، ويشير عليه بالصبر لما فيه من جزيل الأجر، ويحذره من اليأس ومن الجزع لما فيهما من الوزر.
10- ألا يكثر عواد المريض من اللغط والاختلاف بحضرته، لما في ذلك من إزعاجه، وله في هذه الحالة أن يطلب منهم الانصراف.
11- يسن لمن عاد مريضا أن يسأله الدعاء له.
ما يقال عند المريض ويرقى به:
يستحب لمن عاد مريضا أن يرقيه ويدعو له بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما يلي:
1- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مريضا أو أتي به إليه قال عليه الصلاة والسلام: "أذهب الباس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما".
2- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها".
3- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا – ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها – "باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، ليشفى به سقيمنا، بإذن ربنا".
4- عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عوفي".
5- عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء الرجل يعود مريضا فليقل: الهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا، أو يمشي لك إلى جنازة". قال أبو داود: وقال ابن السرح: إلى صلاة".
ثواب العائد:
تكفل الله لمن عاد مريضا بالأجر العظيم والثواب الجزيل ، ومن الأدلة على ذلك:
1- عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة". قيل: يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: جناها".
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح اليوم منكم صائما، قال أبو بكر: أنا. قال: من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من شهد منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة".
3- عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة".
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضا نادى مناد من السماء: طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا".
5- عن هارون بن أبي داود قال: أتيت أنس بن مالك فقلت: يا أبا حمزة، إن المكان بعيد ونحن يعجبنا أن نعودك، فرفع رأسه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجل يعود مريضا فإنما يخوض في الرحمة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة". قال: فقلت: يا رسول الله، هذا للصحيح الذي يعود المريض، فالمريض ما له؟ قال: "تحط عنه ذنوبه".
نسأل الله جل وعلا أن يشفي كل مريض وأن يعافي كل مبتلى.