وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا [ ص: 29 ] الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطإ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام وأحمد للعاقبة إن شاء الله وزعم القائل الذي افتتحنا الكلام على الحكاية عن قوله والإخبار عن سوء رويته أن كل إسناد لحديث فيه فلان عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر واحد وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به غير أنه لا نعلم له منه سماعا ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط أو تشافها بحديث أن الحجة لا تقوم عنده بكل خبر جاء هذا المجيء حتى يكون عنده العلم بأنهما قد اجتمعا من دهرهما مرة فصاعدا أو تشافها بالحديث بينهما أو يرد خبر فيه بيان اجتماعهما وتلاقيهما مرة من دهرهما فما فوقها فإن لم يكن عنده علم ذلك ولم تأت رواية صحيحة تخبر أن هذا الراوي عن صاحبه قد لقيه مرة وسمع منه شيئا لم يكن في نقله الخبر عمن روى عنه علم ذلك والأمر كما وصفنا حجة وكان الخبر عنده موقوفا حتى يرد عليه سماعه منه لشيء من الحديث قل أو كثر في رواية مثل ما ورد
التالي
السابق