المسألة الثانية : في
الترادف
هو توالي الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد باعتبار معنى واحد .
فيخرج عن هذا دلالة اللفظين على شيء واحد ، لا باعتبار واحد بل باعتبار صفتين ، كالصارم والمهند ، أو باعتبار الصفة وصفة الصفة كالفصيح والناطق .
[ ص: 88 ] والفرق بين الأسماء المترادفة والأسماء المؤكدة ، أن المترادفة : تفيد فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا .
وأما المؤكدة : فإن الاسم الذي وقع به التأكيد يفيد تقوية المؤكد ، أو دفع توهم التجوز أو السهو ، أو عدم الشمول .
وقد
ذهب الجمهور إلى إثبات الترادف في اللغة العربية ، وهو الحق .
وسببه : إما تعدد الواضع ، أو توسيع دائرة التعبير ، وتكثير وسائله ، وهو المسمى عند أهل البيان بالافتنان ، أو تسهيل مجال النظم والنثر وأنواع البديع ، فإنه قد يصلح أحد اللفظين المترادفين للقافية أو السجعة دون الآخر ، وقد يحصل التجنيس والتقابل ، والمطابقة ، ونحو ذلك بهذا دون هذا ، وبهذا يندفع ما قاله المانعون ; لوقوع الترادف في اللغة من أنه لو وقع لعري عن الفائدة ، لكفاية أحدهما ، فيكون الثاني من باب العبث ، ويندفع أيضا ما قالوه من أنه يكون من تحصيل الحاصل ، ولم يأتوا بحجة مقبولة في مقابلة ما هو معلوم بالضرورة من وقوع الترادف في لغة العرب ، مثل : الأسد والليث والحنطة والقمح والجلوس والقعود ، وهذا كثير جدا ، وإنكاره مباهتة .
وقولهم : إن ما يظن أنه من الترادف ، هو من اختلاف الذات والصفة كالإنسان والبشر ، أو الصفات كالخمر لتغطية العقل والعقار لعقره أو لمعاقرته ، أو اختلاف الحالة السابقة كالقعود من القيام ، والجلوس من الاضطجاع - تكلف ظاهر ، وتعسف بحت ، وهو وإن أمكن تكلف مثله في بعض المواد المترادفة ، فإنه لا يمكن في أكثرها ، يعلم هذا كل عالم بلغة العرب ، فالعجب من نسبة المنع من الوقوع إلى مثل
ثعلب وابن فارس مع توسعهما في هذا العلم .