[ ص: 510 ] [ ص: 511 ] الباب السابع
في
الظاهر والمؤول
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول
في حدهما
فالظاهر في اللغة هو الواضح ، قال الأستاذ ،
والقاضي أبو بكر : لفظه يغني عن تفسيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : هو المتردد بين أمرين ، وهو في أحدهما أظهر ، وقيل : هو ما دل على معنى مع قبوله لإفادة غيره إفادة مرجوحة ، فاندرج تحته ما دل على المجاز الراجح .
ويطلق على اللفظ الذي يفيد معنى ، سواء أفاد معه إفادة مرجوحة أو لم يفد ، ولهذا يخرج النص ، فإن إفادته ظاهرة بنفسه .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كان يسمي الظاهر نصا .
وقيل : هو في الاصطلاح ما دل دلالة ظنية ، إما بالوضع ; " كالأسد " للسبع المفترس ، أو بالعرف ، كالغائط للخارج المستقذر ، إذ غلب فيه بعد أن كان في الأصل للمكان المطمئن من الأرض .
والتأويل مشتق من آل يئول ، إذا رجع تقول : آل الأمر إلى كذا أي رجع إليه ، ومآل الأمر مرجعه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : إنه مأخوذ من الإيالة ، وهي السياسة ، يقال لفلان :
[ ص: 512 ] علينا إيالة ، وفلان آيل علينا ، أي سائس ، فكان المؤول بالتأويل كالمتحكم على الكلام المتصرف فيه .
وقال
ابن فارس في فقه العربية التأويل آخر الأمر وعاقبته ، يقال : مآل هذا الأمر مصيره ، واشتقاق الكلمة من الأول وهو العاقبة والمصير ، واصطلاحا : صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى يحتمله " .
وفي الاصطلاح : حمل الظاهر على المحتمل المرجوح ، وهذا يتناول التأويل الصحيح والفاسد ، فإن أردت تعريف التأويل الصحيح زدت في الحد : " بدليل يصيره راجحا " ; لأنه بلا دليل ، أو مع دليل مرجوح ، أو مساو فاسد .
قال
ابن برهان : وهذا الباب أنفع كتب الأصول وأجلها ، ولم يزل الزال إلا بالتأويل الفاسد .
وأما
ابن السمعاني فأنكر على
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين إدخاله لهذا الباب في أصول الفقه ، وقال : ليس هذا من أصول الفقه في شيء ، إنما هو كلام يورد في الخلافيات .
واعلم أن الظاهر دليل شرعي يجب اتباعه ، والعمل به ، بدليل إجماع الصحابة على العمل بظواهر الألفاظ .
وإذا عرفت معنى الظاهر فاعلم أن النص ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : يقبل التأويل ، وهو قسم من النص مرادف للظاهر .
والقسم الثاني : لا يقبله ، وهو النص الصريح ، وسيأتي الكلام على هذا في الباب الذي بعد هذا الباب .