[ ص: 522 ] المسألة الثانية
مفهوم المخالفة
وهو حيث يكون السكوت عنه مخالفا للمذكور في الحكم ، إثباتا ونفيا ، فيثبت للمسكوت عنه نقيض حكم المنطوق به ، ويسمى دليل الخطاب ; لأن دليله من جنس الخطاب ، أو لأن الخطاب دال عليه .
قال
القرافي : وهل المخالفة بين المنطوق والمسكوت بضد الحكم المنطوق به ، أو نقيضه الحق الثاني .
ومن تأمل المفهومات وجدها كذلك .
وجميع مفاهيم المخالفة حجة عند الجمهور ، إلا مفهوم اللقب .
وأنكر
أبو حنيفة الجميع ، وحكاه الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع عن
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال الشاشي ،
وأبي حامد المروزي .
وأما
الأشعري فقال القاضي : إن النقلة نقلوا عنه القول بالمفهوم ، كما نقلوا عنه نفي صيغ العموم ، وقد أضيف إليه خلاف ذلك وأنه قال بمفهوم الخطاب .
وذكر
شمس الأئمة السرخسي من الحنفية في كتاب السير : أنه ليس بحجة في خطابات الشرع قال : وأما في مصطلح الناس وعرفهم فهو حجة ، وعكس ذلك بعض المتأخرين من الشافعية فقال : هو حجة في كلام الله ورسوله ، وليس بحجة في كلام المصنفين وغيرهم ، كذا حكاه
الزركشي .
واختلف المثبتون للمفهوم في مواضع .
( أحدها ) : هل هو حجة من حيث اللغة ، أو الشرع ؟ وفي ذلك وجهان للشافعية ، حكاهما
المازري nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني .
قال
ابن السمعاني : والصحيح أنه حجة من حيث اللغة .
[ ص: 523 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي : لا يدل على النفي بحسب اللغة ، لكنه يدل عليه بحسب العرف العام ، وذكر في المحصول في باب العموم : أنه يدل عليه العقل .
( الموضع الثاني ) : اختلفوا أيضا في تحقيق مقتضاه ، أنه هل يدل على نفي الحكم عما عدا المنطوق به مطلقا ، سواء كان من جنس المثبت ، أو لم يكن ، أو تختص دلالته بما إذا كان من جنسه ، فإذا قال : " في الغنم السائمة الزكاة " فهل نفى الزكاة عن المعلوفة مطلقا ، سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم ، أو هو مختص بالمعلوفة من الغنم ؟
وفي ذلك وجهان ، حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد الإسفراييني ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815والشيخ أبو إسحاق الشيرازي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16026وسليم الرازي ،
وابن السمعاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16785والفخر الرازي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ أبو حامد : والصحيح تخصيصه بالنفي عن معلوفة الغنم فقط .
( قلت ) : هو الصواب .
( الموضع الثالث ) : هل المفهوم المذكور يرتقي إلى أن يكون دليلا قاطعا ، أو لا يرتقي إلى ذلك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين الجويني : إنه قد يكون قطعيا ، وقيل : لا .
( الموضع الرابع ) : إذا دل الدليل على إخراج صورة من صور المفهوم ، فهل يسقط المفهوم بالكلية ، أو يتمسك في البقية ، وهذا يتمشى على الخلاف في حجية العموم إذا خص ، وقد تقدم الكلام في ذلك .
( الموضع الخامس ) : هل يجب العمل به قيل البحث عما يوافقه ، أو يخالفه من منطوق أو مفهوم آخر ، فقيل : حكمه حكم العمل بالعام قبل البحث عن المخصص ،
[ ص: 524 ] وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال الشاشي في ذلك وجهين .