المسألة السادسة
النسخ إلى بدل يقع على وجوه :
( الأول ) :
أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في التخفيف والتغليظ ، وهذا لا خلاف فيه ، وذلك كنسخ استقبال
بيت المقدس باستقبال
الكعبة .
( الثاني ) :
نسخ الأغلظ بالأخف ، وهو أيضا مما لا خلاف فيه ، وذلك كنسخ العدة حولا بالعدة أربعة أشهر وعشرا .
( الثالث ) :
نسخ الأخف إلى الأغلظ ; فذهب الجمهور إلى جوازه ، خلافا للظاهرية .
والحق الجواز والوقوع كما في نسخ وضع القتال في أول الإسلام بفرضه بعد ذلك ، ونسخ التخيير بين الصوم والفدية ، بفرضية الصوم . ونسخ تحليل . . . .
[ ص: 546 ] الخمر بتحريمها ، ونسخ نكاح المتعة بعد تجويزها ، ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان .
واستدل المانعون بقوله تعالى :
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وبقوله :
ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها .
وأجيب : بأن المراد اليسر في الآخرة ، وهذا الجواب وإن كان بعيدا لكن وقوع النسخ في هذه الشريعة للأخف بالأغلظ يوجب تأويل الآية ، ولو بتأويل بعيد ، على أنه يمكن أن يقال : إن الناسخ والمنسوخ هما من اليسر ، والأغلظية في الناسخ إنما هي بالنسبة إلى المنسوخ ، وهو بالنسبة إلى غيره تخفيف ويسر .
وأما الجواب عن الآية الثانية فظاهر ; لأن الناسخ الأغلظ ثوابه أكثر ، فهو خير من المنسوخ من هذه الحيثية .