المسلك التاسع
الدوران
وهو : أن
يوجد الحكم عند وجود الوصف ، ويرتفع بارتفاعه في صورة واحدة ،
[ ص: 640 ] كالتحريم مع السكر في العصير ، فإنه لما لم يكن مسكرا لم يكن حراما ، فلما حدث السكر فيه وجدت الحرمة ، ثم لما زال السكر بصيرورته خلا زال التحريم ، فدل على أن العلة السكر .
وقد
اختلف أهل الأصول في إفادته للعلية :
فذهب بعض
المعتزلة إلى أنه يفيد القطع بالعلية .
وذهب الجمهور إلى أنه يفيد ظن العلية ، بشرط عدم المزاحم; لأن العلة الشرعية لا توجب الحكم بذاتها ، وإنما هي علامة منصوبة ، فإذ دار الوصف مع الحكم; غلب على الظن ( كونه معرفا ) .
قال
الصفي الهندي : هو المختار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين : ذهب كل من يعزي إلى الجدل إلى أنه أقوى ما تثبت به العلل ، وذكر القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري أن هذا المسلك من أقوى المسالك .
وذهب بعض أهل الأصول إلى أنه لا يفيد بمجرده ، لا قطعا ولا ظنا ، واختاره
الأستاذ أبو منصور ،
وابن السمعاني nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815والشيخ أبو إسحاق الشيرازي nindex.php?page=showalam&ids=14552والآمدي وابن الحاجب .
واحتجوا بأنه قد وجد مع عدم العلية ، فلا يكون دليلا عليها ، ألا ترى أن المعلول دار مع العلة وجودا وعدما ، مع أن المعلول ليس بعلة لعلته قطعا ، والجوهر والعرض متلازمان ، مع أن أحدهما ليس بعلة في الآخر اتفاقا ، والمتضايفات كالأبوة والبنوة متلازمان وجودا وعدما ، مع أن أحدهما ليس بعلة في الآخر; لوجوب تقدم العلة على المعلول ، ووجوب تصاحب المتضايفين ، وإلا لما كانا متضايفين .