إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
الفائدة الثالثة

في الفرض والبناء

قالوا : إنه يجوز للمستدل في الاستدلال ثلاث طرق :

( الأولى ) : أن يدل على المسألة بعينها .

( والثانية ) : أن يفرض الدلالة في بعض شعبها وفصولها .

( والثالثة ) : أن يبني المسألة على غيرها .

فإن استدل عليها بعينها فواضح ، وإن أراد أن يفرض الكلام في بعض أحوالها جاز ; لأنه إذا كان الخلاف في الكل ، وثبت الدليل في بعضها ، ثبت في الباقي بالإجماع ، وإن أراد أن يفرض الدلالة في غير فرد من أفراد المسألة لم يجز .

وأما إذا أراد أن يبني المسألة على غيرها ، فإما أن يبنيها على مسألة أصولية ، وإما أن يبنيها على مسألة فرعية ، وعلى التقديرين إما أن يكون طريقها واحدة ، أو مختلفة ، فإن كانت واحدة جاز ، وإن كانت مختلفة لم يجز ، وهذا قول جمهور أهل الجدل .

وقال ابن فورك : لا يجوز الفرض والبناء ; لأن حق الجواب أن يطابق السؤال .

وقال إمام الحرمين : إنما يجوز إذا كانت علة الفرض شاملة لسائر الأطراف .

قال : والمستحسن منه هو الواقع في طرف يشتمل عليه عموم سؤال السائل ، وذلك محمول على استشعار انتشار الكلام في جميع الأطراف ، وعدم وفاء مجلس واحد باستتمام الكلام فيها .

وحاصله : إن ظهر انتظام العلة العامة في الصورتين ; كان مستحسنا ، وإلا كان مستهجنا ، وفائدته كون العلة قد تخفى في بعض الصور ، وتظهر في بعض آخر ، فالتفاوت بالأولية خاصة ، والعلة واحدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية