وأما
المرجحات بحسب الأمور الخارجة فهي أنواع :
( النوع الأول ) : أنه يقدم ما عضده دليل آخر على ما لم يعضده دليل آخر .
( النوع الثاني ) : أن يكون أحدهما قولا والآخر فعلا ، فيقدم القول ؛ لأن له صيغة ، والفعل لا صيغة له .
( النوع الثالث ) : أنه يقدم ما كان فيه التصريح بالحكم ، على ما لم يكن كذلك ، كضرب الأمثال ونحوها ، فإنها ترجح العبادة على الإشارة .
( النوع الرابع ) : أنه يقدم ما عمل عليه أكثر السلف على ما ليس كذلك ؛ لأن الأكثر أولى بإصابة الحق وفيه نظر ؛ لأنه لا حجة في قول الأكثر ، ولا في عملهم ، فقد يكون الحق في كثير من المسائل مع الأقل ، ولهذا مدح الله القلة في غير موضع من كتابه .
( النوع الخامس ) : أن يكون أحدهما موافقا لعمل الخلفاء الأربعة دون الآخر ، فإنه يقدم الموافق وفيه نظر .
( النوع السادس ) : أن يكون أحدهما توارثه
أهل الحرمين دون الآخر ، وفيه نظر .
( النوع السابع ) : أن يكون أحدهما موافقا لعمل
أهل المدينة ، وفيه نظر أيضا .
( النوع الثامن ) : أن يكون أحدهما موافقا للقياس دون الآخر ، فإنه يقدم الموافق .
( النوع التاسع ) : أن يكون أحدهما أشبه بظاهر القرآن ، دون الآخر ، فإنه يقدم الأشبه .
[ ص: 795 ] ( النوع العاشر ) : أنه يقدم ما فسره الراوي له بقوله ، أو فعله على ما لم يكن كذلك .
وقد ذكر بعض أهل الأصول مرجحات في هذا القسم زائدة على ما ذكرناه هاهنا ، وقد ذكرناها في الأنواع المتقدمة ؛ لأنها بها ألصق ، ومن أعظم ما يحتاج إلى المرجحات الخارجة إذا تعارض عمومان بينهما عموم وخصوص من وجه ، وذلك كقوله - تعالى :
وأن تجمعوا بين الأختين مع قوله :
أو ما ملكت أيمانكم فإن الأولى خاصة في الأختين ، عامة في الجمع بين الأختين في الملك ، أو بعقد النكاح ، والثانية عامة في الأختين وغيرهما ، خاصة في ملك اليمين ، وكقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338154من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها مع نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة فإن الأول عام في الأوقات ، خاص في الصلاة المقتضية ، والثاني عام في الصلاة ، خاص في الأوقات ، فإن علم المتقدم من العمومين ، والمتأخر منهما ، كان المتأخر ناسخا عند من يقول إن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم .
وأما من لا يقول ذلك فإنه يعمل بالترجيح بينهما .
وإن لم يعلم المتقدم منهما من المتأخر وجب الرجوع إلى الترجيح ، على القولين جميعا ، بالمرجحات المتقدمة .
وإذا استويا إسنادا ومتنا ودلالة رجع إلى المرجحات الخارجية .
وإن لم يوجد مرجح خارجي ، وتعارضا من كل وجه فعلى الخلاف المتقدم ، هل يخير المجتهد في العلم بأحدهما ، أو يطرحهما ، ويرجع إلى دليل آخر إن وجد ، أو إلى البراءة الأصلية .
[ ص: 796 ] ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=16026سليم الرازي عن
أبي حنيفة أنه يقدم الخبر الذي فيه ذكر الوقت ، ولا وجه لذلك .
قال
ابن دقيق العيد : هذه المسألة من مشكلات الأصول ، والمختار عند المتأخرين الوقف ، إلا بترجيح يقوم على أحد اللفظين بالنسبة إلى الآخر ، وكأن مرادهم الترجيح العام ، الذي لا يخص مدلول العموم كالترجيح بكثرة الرواة ، وسائر الأمور الخارجة عن مدلول العموم ، ثم حكي عن
الفاضل أبي سعيد محمد بن يحيى أنه ينظر فيهما ، فإن دخل أحدهما تخصيص مجمع عليه فهو أولى بالتخصيص ، وكذلك إذا كان أحدهما مقصودا بالعموم رجح على ما كان عمومه اتفاقيا .
قال
الزركشي في البحر : وهذا هو اللائق بتصرف
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة ، فإنه قال لما دخلها التخصيص بالإجماع في صلاة الجنازة ضعفت دلالتها ، فتقدم عليها أحاديث المقضية ، وتحية المسجد وغيرهما ، وكذلك نقول دلالة
وأن تجمعوا بين الأختين على تحريم الجمع مطلقا في النكاح والملك - أولى من دلالة الآية الثانية على جواز الجمع في ملك اليمين ؛ لأن هذه الآية ما سيقت لبيان حكم الجمع .