النوع الثالث : في
تقسيم الخبر
اعلم أن الخبر من حيث هو محتمل للصدق والكذب ، لكن قد يقطع بصدقه ، وقد يقطع بكذبه ; لأمور خارجة ، وقد لا يقطع بواحد منهما ; لفقدان ما يوجب القطع ، فهذه ثلاثة أقسام :
القسم الأول : المقطوع بصدقه ، وهو إما أن يعلم بالضرورة ، أو النظر ، فالمعلوم بالضرورة بنفسه ، وهو المتواتر ، أو بموافقة العلم الضروري ، وهي الأوليات ، كقولنا : الواحد نصف الاثنين ، وأما المعلوم بالنظر فهو ضربان :
الأول : أن يدل الدليل على صدق الخبر نفسه ، فيكون كل من يخبر به صادقا ، كقولنا : العالم حادث .
والضرب الثاني : أن يدل الدليل على صدق المخبر ، فيكون كل ما يخبر به صدقا وهو ضروب :
الأول : خبر من دل الدليل على أن الصدق وصف واجب له ، وهو الله عز وجل .
الثاني : من دلت المعجزة على صدقه ، وهم الأنبياء صلوات الله عليهم .
الثالث : من صدقه الله سبحانه أو رسوله ، وهو خبر كل الأمة على القول بأن الإجماع حجة قطعية .
[ ص: 166 ] القسم الثاني :
المقطوع بكذبه ، وهو ضروب :
الأول :
المعلوم خلافه إما بالضرورة ، كالإخبار باجتماع النقيضين ، أو ارتفاعهما . الثاني :
المعلوم خلافه إما بالاستدلال ، كالإخبار بقدم العالم ، أو بخلاف ما هو من قطعيات الشريعة .
الثالث :
الخبر الذي لو كان صحيحا لتوفرت الدواعي على نقله متواترا إما لكونه من أصول الشريعة ، وإما لكونه أمرا غريبا ، كسقوط الخطيب عن المنبر وقت الخطبة .
الرابع : خبر مدعي الرسالة من غير معجزة .
الخامس : كل خبر استلزم باطلا ، ولم يقبل التأويل ، ومن ذلك الخبر الآحادي إذا خالف القطعي كالمتواتر .
القسم الثالث :
ما لا يقطع بصدقه ولا كذبه ، وذلك كخبر المجهول ، فإنه لا يترجح صدقه ولا كذبه ، وقد يترجح صدقه ولا يقطع بصدقه ، وذلك كخبر العدل ، وقد يترجح كذبه ولا يقطع بكذبه ، كخبر الفاسق .
انقسام الخبر إلى متواتر وآحاد