البحث الرابع عشر : إذا
اختلف أهل العصر في مسألة على قولين ، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث ؟
اختلفوا في ذلك على أقوال :
الأول : المنع مطلقا ; لأنه كاتفاقهم على أنه لا قول سوى هذين القولين . قال الأستاذ
أبو منصور : وهو قول الجمهور قال
الكيا : إنه صحيح ، وبه الفتوى ، وجزم به
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال الشاشي nindex.php?page=showalam&ids=11872والقاضي أبو الطيب الطبري nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني والصيرفي ، ولم يحكيا خلافه إلا عن بعض المتكلمين ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان الخلاف في ذلك عن
داود .
القول الثاني : الجواز مطلقا ، حكاه
ابن برهان وابن السمعاني عن بعض الحنفية ،
والظاهرية ، ونسبه جماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض إلى
داود ، وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم على من نسبه إلى
داود .
القول الثالث : أن ذلك القول الحادث بعد القولين إن لزم منه رفعهما لم يجز إحداثه وإلا جاز ، وروي هذا التفصيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واختاره المتأخرون من أصحابه ، ورجحه جماعة من الأصوليين منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ، واستدلوا له بأن القول الحادث الرافع للقولين مخالف لما وقع الإجماع عليه ، والقول الحادث الذي لم يرفع القولين غير مخالف لهما ، بل موافق لكل واحد منهما من بعض الوجوه .
ومثل الاختلاف على قولين : الاختلاف على ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك ; فإنه يأتي في القول الزائد على الأقوال التي اختلفوا فيها ما يأتي في القول الثالث من الخلاف . ثم لا بد من تقييد هذه المسألة بأن يكون الخلاف فيها على قولين أو أكثر قد استقر ، أما إذا لم يستقر ، فلا وجه للمنع من إحداث قول آخر .