[ ص: 325 ] الفصل التاسع : في كون الأمر بالأمر بالشيء أمرا به أو لا
اختلفوا
هل الأمر بالأمر بالشيء أو بذلك الشيء أم لا ؟ ؟ فذهب الجمهور إلى الثاني وذهب جماعة إلى الأول .
احتج الأولون : بأنه لو كان الأمر بالأمر بالشيء أمرا بذلك الشيء ، لكان قول القائل لسيد العبد : مر عبدك عبدك ببيع ثوبي ، تعديا على صاحب العبد بالتصرف في عبده بغير إذنه ، ولكان قول صاحب الثوب بعد ذلك للعبد : لا تبعه ، مناقضا لقوله للسيد : مر مر عبدك عبدك ببيع ثوبي ، لورود الأمر والنهي على فعل واحد .
وقال
السبكي إن لزوم التعدي ممنوع ; لأن التعدي هو أمر عبد الغير بغير أمر سيده ، وهنا أمره بأمر سيده ، فإن أمره للعبد متوقف على أمر سيده ، وليس بشيء لأن النزاع في أن قوله : مر عبدك عبدك ، إلخ ، هل هو أمر للعبد ببيع الثوب أم لا ، لا في أن السيد إذا أمر عبده بموجب مر عبدك عبدك ، هل يتحقق عند ذلك أمر للعبد من قبل قبل القائل : مر عبدك يجعل السيد سفيرا ، أو وكيلا ، أم لا ؟ ؟
وأما استدلالهم بما ذكروه من المناقضة ، فقد أجيب عنه : بأنه المراد هنا منعه من البيع بعد طلبه منه ، وهو نسخ لطلبه منه .
واحتج الآخرون بأوامر الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأمرنا ، فإنا مأمورون بتلك الأوامر ، وكذلك أمر الملك لوزيره بأن يأمر فلانا بكذا ، فإن الملك هو الآمر لذلك المأمور لا الوزير .
وأجيب : بأنه فهم ذلك في الصورتين من قرينة أن المأمور أولا هو رسول ومبلغ ومبلغ عن الله ، وأن الوزير هو مبلغ مبلغ عن الملك ، لا من لفظ الأمر المتعلق بالمأمور الأول ، ومحل النزاع هو هذا .
أما لو قال : قل لفلان افعل كذا ، فالأول آمر ، والثاني مبلغ بلا نزاع ، كذا نقل نقل عن السبكي
وابن الحاجب .
[ ص: 326 ] واختار
السعد التسوية بينهما ، والأول أولى أولى ، قال في المحصول فلو قال زيد لعمرو : كل ما أوجب عليك زيد ، فهو واجب عليك ، فالأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء في هذه الصورة ، ولكنه بالحقيقة إنما جاء من قوله : كل ما أوجب عليك فلانا ، فهو واجب ، أما لو لم يقل ذلك ، كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338055مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ، فإن ذلك لا يقتضي الوجوب على الصبي . انتهى . وهذا الحديث ثابت في السنن .
ومما يصلح مثالا لمحل النزاع ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم
لعمر وقد طلق طلق ابنه ابنه
عبد الله امرأته ، وهي حائض :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338056مره مره فليراجعها .
وقيل : إنه ليس بما يصلح مثالا لهذه المسألة ; لأنه قد صرح فيه بالأمر من الشارع بالمراجعة ، حيث قال : فليراجعها ، بلام الأمر ، وإنما يكون مثالا لو قال : مره بأن يراجعها ، والظاهر أنه من باب قل لفلان افعل كذا ، وقد تقدم الخلاف فيه .