[ ص: 329 ] الفصل الحادي عشر : في
تعاقب أمرين متماثلين أو متغايرين
اختلفوا إذا تعاقب أمران بمتماثلين بمتماثلين ، هل يكون الثاني للتأكيد ، فيكون المطلوب الفعل مرة واحدة ، أو للتأسيس فيكون المطلوب الفعل مكررا ، وذلك نحو أن يقول : صل صل ركعتين ، صل ركعتين ، فقال
الجبائي وبعض الشافعية : أإنه للتأكيد ، وذهب الأكثر إلى أنه للتأسيس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبو بكر الصيرفي بالوقف في كونه تأسيسا أو تأكيدا ، وبه قال
أبو الحسين البصري .
احتج القائلون بالتأكيد : بأن التكرير قد كثر في التأكيد ، فكان الحمل على ما هو أكثر ، وإلحاق الأقل به أولى أولى ، وبأن الأصل البراءة من التكليف المتكرر ، فلا يصار إليه مع الاحتمال .
ويجاب : بمنع كون التأكيد أكثر في محل النزاع ، فإن دلالة كل لفظ على مدلول مستقل هو الأصل الظاهر ، وبمنع صحة الاستدلال بأصلية البراءة ، أو ظهورها ، فإن تكرار اللفظ يدل على مدلول كل واحد منهما أصلا وظاهرا ; لأن أصل كل كلام وظاهره الإفادة ، لا الإعادة .
وأيضا التأسيس أكثري ، والتأكيد أقلي ، وهذا معلوم عند كل من يفهم لغة العرب .
وإذا تقرر لك رجحان هذا المذهب عرفت عرفت منه بطلان ما احتج به القائلون بالوقف من أنه قد تعارض الترجيح في التأسيس والتأكيد .
أما لو لم يكن الفعلان من نوع واحد ، فلا خلاف أن العمل بهما متوجه نحو صل ركعتين ، صم يوما ، وهكذا إذا كانا من نوع واحد ، ولكن قامت القرينة الدالة على أن المراد التأكيد نحو صم اليوم ، صم اليوم ، ونحو صل ركعتين ، صل ركعتين ، فإن التقيد باليوم وتعريف الثاني يفيدان أن المراد بالثاني هو الأول ، وهكذا إذا اقتضت العادة أن المراد التأكيد نحو اسقني ماء ، وهكذا إذا كان التأكيد بحرف العطف ، نحو صل ركعتين ، وصل وصل ركعتين ; لأن التكرير المفيد للتأكيد لم يعهد إيراده بحرف العطف ، وأقل الأحوال أن يكون قليلا ، والحمل على الأكثر أولى أولى .
أما لو كان الثاني مع العطف معرفا بالظاهر فالظاهر التأكيد نحو صل ركعتين وصل وصل الركعتين ; لأن دلالة اللام على إرادة التأكيد أقوى من دلالة حرف العطف على إرادة التأسيس .