تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
1007 - [تمييز] - الحارث بن أسد المحاسبي ، أبو عبد الله الزاهد البغدادي أحد الأئمة المشهورين .

قال الحافظ أبو بكر الخطيب : كان عالما فهما ، وله مصنفات في أصول الديانات ، وكتب في الزهد .

وقال في موضع آخر : أحد من اجتمع له الزهد والمعرفة بعلم الظاهر والباطن .

روى عن : عبد العزيز بن عبد الله ، ومحمد بن كثير الكوفي ، ويزيد بن هارون .

روى عنه : أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وأحمد بن القاسم بن نصر الشاعر ، أخو أبي الليث الفرائضي ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي ، وإسماعيل بن [ ص: 209 ] إسحاق الثقفي السراج ، وأبو القاسم الجنيد بن محمد الصوفي ، وأبو علي الحسين بن صالح بن خيران الفقيه .

قال الحافظ أبو نعيم : أخبرنا الخلدي في كتابه قال : سمعت الجنيد يقول : مات أبو حارث المحاسبي يوم مات وإن الحارث لمحتاج إلى دانق فضة وخلف مالا كثيرا ، وما أخذ منه حبة واحدة ، وقال : أهل ملتين لا يتوارثان ، وكان أبوه واقفيا .

أخبرنا بذلك أبو العز الشيباني ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، قال : أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال : أخبرنا أبو نعيم فذكره .

وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم قال : سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول : سمعت أبا علي بن خيران الفقيه يقول : رأيت أبا عبد الله الحارث بن أسد بباب الطاق في وسط الطريق متعلقا بأبيه ، والناس قد اجتمعوا عليه يقول : له طلق أمي فإنك على دين ، وهي على غيره! .

قال الحافظ أبو بكر : وللحارث كتب كثيرة في الزهد ، وفي أصول الديانات ، والرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة وغيرهما ، وكتب كثيرة الفوائد جمة المنافع ، ذكر أبو علي بن شاذان يوما كتاب الحارث في الدماء ، فقال : على هذا الكتاب عول أصحابنا في أمر الدماء التي جرت بين الصحابة .

[ ص: 210 ] وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : أخبرني جعفر الخلدي في كتابه قال : سمعت الجنيد بن محمد يقول : كان الحارث المحاسبي يجيء إلى منزلنا فيقول : اخرج معنا نصحر ، فأقول له تخرجني من عزلتي وأمني على نفسي إلى الطرقات والآفات ورؤية الشهوات؟ فيقول : اخرج معي ولا خوف عليك ، فأخرج معه فكأن الطريق فارغ من كل شيء ، لا نرى شيئا نكرهه ، فإذا حصلت معه في المكان الذي يجلس فيه ، قال : سلني فأقول له ما عندي سؤال أسألك فيقول : لي سلني عما يمنع في نفسك فتنثال علي السؤالات ، فأسأله عنها فيجيبني عنها للوقت ، ثم يمضي إلى منزله فيعملها كتبا .

قال : وسمعت الجنيد يقول : كنت كثيرا أقول للحارث : عزلتي أنسي تخرجني إلى وحشة رؤية الناس والطرقات فيقول : لي كم تقول أنسي وعزلتي لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت بهم أنسا ، ولو أن النصف الآخر نأى عني ما استوحشت لبعدهم .

قال : وسمعت الجنيد يقول : كان الحارث كثير الضر فاجتاز بي يوما ، وأنا جالس على بابنا فرأيت على وجهه زيادة الضر من الجوع ، فقلت له يا عم لو دخلت إلينا نلت من شيء عندنا؟ قال : وتفعل؟ قلت : نعم وتسرني بذلك وتبرني فدخلت بين يديه ودخل معي وعمدت إلى بيت عمي ، وكان أوسع من بيتنا لا [ ص: 211 ] يخلو من أطعمة فاخرة لا تكون مثلها في بيتنا سريعا ، فجئت بأنواع كثيرة من الطعام ، فوضعته بين يديه فمد يده ، وأخذ لقمة فرفعها إلى فيه فرأيته يلوكها ولا يزدردها ، فوثب وخرج وما كلمني فلما كان الغد لقيته ، فقلت : يا عم سررتني ، ثم نغصت علي ، قال يا بني : أما الفاقة فكانت شديدة وقد اجتهدت في أن أنال من الطعام الذي قدمته إلي ، ولكن بيني وبين الله عز وجل علامة إذا لم يكن الطعام مرضيا ارتفع إلى أنفي منه زفورة ، فلم تقبله نفسي فقد رميت بتلك اللقمة في دهليزكم وخرجت .

وبه ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين المحتسب ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين الفقيه الهمذاني ، قال : سمعت محمد بن أحمد بن هارون الزنجاني بزنجان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال ، قال حارث المحاسبي : لكل شيء جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل التوفيق .

وبه قال : أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري قال : سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت أبا الحسن ابن الزنجاني يقول : قال حارث المحاسبي ترك الدنيا مع ذكرها صفة الزاهدين ، وتركها مع نسيانها ، صفة العارفين .

وقال الحسن بن علي الجوهري : سمعت أبا عبد الله [ ص: 212 ] الحسين بن محمد بن عبيد العسكري يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن مسروق يقول : سمعت حارثا المحاسبي يقول : ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة حسن الوجه مع الصيانة ، وحسن الخلق مع الديانة ، وحسن الإخاء مع الأمانة .

أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري وأحمد بن شيبان ، وزينب بنت مكي ، وزينب بنت أحمد بن كامل ، قالوا .

أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر الأنصاري ، قال : حدثنا الحسن بن علي الجوهري إملاء فذكره .

قيل : إنه مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية