تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
1216 (ع) : الحسن بن أبي الحسن واسمه يسار [ ص: 96 ] البصري ، أبو سعيد ، مولى زيد بن ثابت ، ويقال : مولى جابر بن عبد الله ، ويقال : مولى جميل بن قطبة بن عامر بن حديدة ، ويقال : مولى أبي اليسر ، وأمه خيرة مولاة أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

قال محمد بن سعد : واسم أبي الحسن يسار ، يقال : إنه من سبي ميسان ، وقع إلى المدينة ، فاشترته الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك ، فأعتقته ، وذكر عن الحسن أنه قال : كان أبواي لرجل من بني النجار ، فتزوج امرأة من بني سلمة ، فساقهما [ ص: 97 ] إليها من صداقها فأعتقتهما ، وولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب ، فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكي ، فتعطيه أم سلمة ثديها ، تعلله به إلى أن تجيء أمه ، فدر عليه ثديها فشربه ، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك .

ونشأ الحسن بوادي القرى ، وكان فصيحا .

رأى علي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، وعائشة ، ولم يصح له سماع من أحد منهم ، وحضر يوم الدار ، وله أربع عشرة سنة ، وكان كاتبا للربيع بن زياد الحارثي ، والي خراسان من جهة عبد الله بن عامر ، في عهد معاوية بن أبي سفيان ، وكان له من الإخوة : سعيد بن أبي الحسن ، وعمار بن أبي الحسن ، وكان عمار من البكائين ، حتى صار في وجهه جحران من البكاء فيما ذكر عمرو بن علي .

روى عن : أبي بن كعب (ع) ولم يدركه ، وأحمر بن جزء السدوسي (دق) ، والأحنف بن قيس (خ م ق) ، وأسامة بن زيد الكلبي (س) ، على خلاف فيه ، والأسود بن سريع (س) ، وأسيد بن المشمس (ق) ، وأنس بن حكيم الضبي (دق) ، وأنس بن مالك (ع) ، وثوبان (س) ، ولم يلقه ، وجابر بن عبد الله الأنصاري (ع) ، وجارية بن قدامة التميمي (عس) ، وجندب بن عبد الله البجلي (خ م ت س ق) ، وجندب الخير الأزدي قاتل الساحر (ت) ، وحريث بن قبيصة (ت س) ، ويقال : قبيصة بن [ ص: 98 ] حريث (د س ق) ، وأبي ساسان حطين بن المنذر الرقاشي (د س ق) ، وحطان بن عبد الله الرقاشي (م د ت س) ، وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان (ت) ، ودغفل بن حنظلة النسابة (تم) ، والزبير بن العوام (س) ، وزياد بن رياح (م) ، وسعد بن عبادة ، مرسل (د س) ، وسعد بن هشام بن عامر الأنصاري (م د س) ، وسعد مولى أبي بكر الصديق (ق) ، وسلمة بن المحبق (د س ق) ، وسمرة بن جندب الفزاري (خ ع) ، وصعصعة بن معاوية التميمي (بخ س ق) ، عم الأحنف بن قيس ، وضبة بن محصن العنزي (م د ت) ، وعائذ بن عمرو المزني (م) ، وعبد الله بن عباس (د ت س) ، وعبد الله بن عثمان الثقفي (د س) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب (س ق) ، وعبد الله بن عمرو بن العاص (س) ، وأبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري (س ق) ، وعبد الله بن مغفل المزني (ع) ، وعبد الرحمن بن سمرة القرشي (ع) ، وعتبة بن غزوان (ت) ، وعتي بن ضمرة السعدي (بخ ت س ق) ، وعثمان بن أبي العاص الثقفي (د ت ق) ، وقيل : لم يسمع منه ، وعثمان بن عفان (بخ ق) ، وعقبة بن عامر الجهني (د س ق) ، وعقيل بن أبي طالب (س ق) ، وأخيه علي بن أبي طالب (ت س) ، وعمار بن ياسر (د) ، ولم يسمع منه ، وعمر بن الخطاب (د) ، ولم يدركه ، وعمرو بن تغلب (خ س ق) ، وعمرو بن العاص (س) ، وعمران بن الحصين (د ت س) ، وقيس بن عاصم المنقري (بخ) ، وقيس بن عباد (د س) ، ومطرف بن [ ص: 99 ] عبد الله بن الشخير (س ق) ، ومعاوية بن أبي سفيان (س) ، ومعقل بن سنان الأشجعي (س) ، وقيل : لم يسمع منه ، ومعقل بن يسار المزني (ع) ، والمغيرة بن شعبة (د) ، وأبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي ، والنعمان بن بشير (س) ، وأبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي (خ ع) ، ونفيع أبي رافع الصائغ (خ م د س ق) ، والهياج بن عمران البرجمي (د) ، وأبي هريرة (خ ع) وقيل : لم يسمع منه ، وابن المغيرة بن شعبة (م) ، وأمه أم الحسن خيرة (م ع) .

روى عنه : أبان بن صالح (ق) ، وأبان بن أبي عياش ، وأبان بن يزيد العطار ، وإسحاق بن الربيع (ق) أخو حمزة العطار ، وأبو موسى إسرائيل بن موسى (خ س) ، وإسماعيل بن مسلم العبدي ، وإسماعيل بن مسلم المكي (ت ق) ، وأشعث بن براز الهجيمي البصري ، وأشعث بن سوار المكي (ت ق) ، وأشعث بن عبد الله بن جابر الحداني الأعمى (ع) ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني (خت ع) ، وإياس بن دغفل الحارثي (د) ، وأيوب السختياني (خ م س) ، وبريد بن أبي مريم السلولي (سي) ، وبسطام بن مسلم العوذي (ل) ، وبشير بن المهاجر (س) ، وبكر بن عبد الله المزني (م د ت س) ، وتمام بن نجيح الأسدي (ت) ، وثور بن زيد المدني (د) ، وجرير بن حازم (خ م) ، وأبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي (خ م مد فق) ، وحبيب بن الشهيد (خ ت س) ، وحبيب المعلم (مد) ، وحريث بن السائب (بخ مد ت) ، وحزم بن أبي حزم القطعي (خ) ، والحسن بن [ ص: 100 ] دينار ، والحسن بن ذكوان ، وحصين بن نافع (س) ، وحفص بن سليمان المنقري (بخ) ، وحكيم الأثرم (س) ، وأبو غسان حكيم بن عبد الرحمن البصري ، وحمزة بن دينار (قد) ، وأبو عمارة حمزة بن نجيح (بخ) ، وحميد الطويل (م د) ، وحوشب بن عقيل ، وحوشب بن مسلم ، وأبو خلدة خالد بن دينار (قد) ، وخالد بن عبد الرحمن بن بكير ، وخالد بن مهران الحذاء (م) ، والخصيب بن زيد (مد) ، والخليل بن عبد الله (ت) ، وخيثمة بن أبي خيثمة البصري (ت) ، وداود بن أبي هند (م) ، والربيع بن صبيح (خت ت) ، والربيع بن عبد الله بن خطاف (بخ) ، وربيعة بن كلثوم ، وزياد بن أبي زياد الجصاص (ت) ، وزياد الأعلم (خ د س) ، وزيد بن درهم (قد) والد حماد بن زيد ، وزيد التميمي (عخ) ، وسالم الخياط المكي (ت ق) ، والسري بن يحيى الشيباني (بخ س) ، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (ق) ، وسعيد بن إياس الجريري (ق) ، .وسعيد بن أبي خيرة (د س ق) ، وسالم بن أبي الذيال (بخ) ، وسليمان التيمي (م) ، وسماك بن حرب (خت) ، وسماك بن عطية (خت م) ، وسهل بن أبي الصلت السراج (قد) ، وأبو قزعة سويد بن حجير (س) ، وسلام بن مسكين (مد) ، وشبيب بن شيبة المنقري (ت) ، وشعيب بن الحبحاب ، وشميط بن عجلان ، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي (م) ، وصالح بن رستم أبو عامر الخزاز (ق) ، والصعق بن حزن [ ص: 101 ] (مد) ، وضابي بن عمرو البصري ، وطارق بن أبي الحسناء (قد) ، وطالوت بن أبي الحجاج القرشي ، وطريف أبو سفيان السعدي ، وأبو سفيان طلحة بن نافع ، وعباد بن راشد (خ د س ق) ، وعباد بن ميسرة المنقري (س فق) ، وعبد الله بن جابر البصري (ت) ، وأبو حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان (بخ) ، وعبد الله بن عون (خ م ق) ، وعبد الحميد بن مهران (ت) ، وعبد السلام بن أبي الجنوب (ق) ، وعبد العزيز بن مهران (ت) ، وعبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي (قد فق) ، وعبيد بن مهران الوزان (سي) ، وعبيد الصيد (قد) ، وعثمان البتي (ت) ، وعذافر البصري (مد) ، وعطاء بن السائب (س) ، وعقبة بن خالد العبدي ، وعلي بن زيد بن جدعان (ت س) ، وعلي بن علي الرفاعي (ت ق) ، وعمارة بن زاذان الصيدلاني ، وعمر بن سليم الباهلي (مد) ، وعمرو بن عبيد (قد فق) ، وعمران القصير (مد) ، وعنبسة بن سعيد البصري (د) ، وعوف الأعرابي (خ ت س ق) ، والعلاء بن خالد القرشي (ق) ، والعلاء بن زياد العدوي (س) ، والعلاء بن عبد الله بن بدر (قد) ، وغالب القطان ، والفضل بن دلهم (د ت ق) ، وقتادة بن دعامة (ع) ، وقرة بن خالد (خ د) ، وكثير بن زياد البرساني (مد) ، وليث أبو المشرقي الواسطي ، ومالك بن دينار ، ومبارك بن فضالة (خت قد ت ق) ، ومحرز (مد) ، ومحمد بن الزبير [ ص: 102 ] الحنظلي (س) ، وأبو هلال محمد بن سليم الراسبي (بخ) ، وأبو رجاء محمد بن سيف الأزدي (مد س) ، وأبو فروة مسلم بن سالم الجهني (س) ، ومطر الوراق (م س) ، ومعاوية بن عبد الكريم الضال (خت) ، ومعبد بن هلال (خ م) ، والمعلى بن زياد (خت م دس) ، ومنصور بن زاذان (بخ م ع) ، ومنصور بن عبد الرحمن الغداني (قد) ، ومنصور بن المعتمر (س) ، والمهلب بن أبي حبيبة البصري (د س) ، وميمون بن موسى المرئي (ت ق) ، ونوح بن ذكوان (ت) ، وهشام بن حسان (ع) ، وأبو المقدام هشام بن زياد (ت) ، والهياج بن بسام (بخ) ، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري (م ق س) ، والوليد بن دينار العبدي (بخ) ، والوليد بن أبي هشام (س) ، وابن أخيه يحيى بن سعيد بن أبي الحسن ، ويحيى بن عتيق (خت) ، ويحيى بن المختار الصنعاني (س) ، ويحيى بن مسلم (ت) ، ويزيد بن إبراهيم التستري (فق) ، ويزيد بن حازم أخو جرير بن حازم ، وأبو الفتاح يزيد بن حميد الضبعي ، ويوسف بن عبدة (بخ) ، ويونس بن أبي إسحاق (خد) ، ويونس بن عبيد (ع) ، وأبو ربيعة الإيادي (ت) ، وأبو سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز (مد) ، وأبو طارق البصري (ت) ، وأبو عثمان (مد) ، وأبو هاشم الزعفراني (قد) .

قال موسى بن إسماعيل : سألت محمد بن عبد الله [ ص: 103 ] الأنصاري ، قلت : الحسن من أين كان أصله ؟ قال : من ميسان .

وقال عبد السلام بن مطهر ، عن غاضرة بن قرهد العوقي : كان أبو الحسن بن أبي الحسن ، مولى أبي اليسر كعب بن عمرو الأنصاري ، وكانت أمه مولاة لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال أبو الحسن المدائني : قال الحسن : كان أبي وأمي لرجل من بني النجار ، فتزوج امرأة من بني سلمة ، فساق أبي وأمي في مهرها ، فأعتقتنا السلمية .

وقال إسماعيل ابن علية ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن : قال لي الحجاج : كم أمدك يا حسن ؟ قلت : سنتان من خلافة عمر ، قال : لعينك أكبر من أمدك .

وقال محمد بن سلام الجمحي : حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له ، قال : كانت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، تبعث أم الحسن في الحاجة ، فيبكي وهو صبي ، فتسكته بثديها ، قال : وكانت أم سلمة [ ص: 104 ] تخرج الحسن إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو صغير ، وكانت أمه منقطعة إليها ، فكانوا يدعون له ، فأخرجته إلى عمر بن الخطاب ، فدعا له ، فقال : اللهم فقهه في الدين ، وحببه إلى الناس .

وقال عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن أمه : أنها كانت ترضع لأم سلمة .

وقال حماد بن زيد ، عن عقبة بن أبي ثبيت الراسبي : كنت عند بلال بن أبي بردة ، فذكروا الحسن ، فقال بلال : سمعت أبي يقول : والله لقد أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد من هذا الشيخ ، يعني : الحسن .

وقال جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال : قال لنا أبو قتادة : الزموا هذا الشيخ ، فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه يعني : الحسن .

وقال أبو هلال الراسبي ، عن خالد بن رباح الهذلي : سئل أنس بن مالك عن مسألة ، فقال : سلوا مولانا الحسن ، قالوا : يا أبا حمزة نسألك ، تقول : سلوا الحسن مولانا ؟ ، قال : سلوا مولانا الحسن ، فإنه سمع وسمعنا ، فحفظ ونسينا .

وقال القاسم بن الفضل الحداني ، عن عمرو بن مرة : إني [ ص: 105 ] لأغبط أهل البصرة بهذين الشيخين : الحسن ومحمد بن سيرين .

وقال موسى بن إسماعيل ، عن المعتمر بن سليمان : كان أبي يقول : الحسن شيخ أهل البصرة .

وقال عبد الرزاق ، عن معمر : قال لي عمرو بن دينار : أبو الشعثاء عندكم أعلم أو الحسن ؟ قال : قلت : ما تقول ! ؟ إن من عندنا يزعم أن الحسن أعلم من ابن عباس ، قال : وهل كان الحسن إلا من صبيان ابن عباس ؟ قال : فقلت : وهل كان أبو الشعثاء إلا من صبيان الحسن ! ؟ قال : وما هو عندنا بأعلم منه .

قال عبد الرزاق : فقلت لمعمر : أفرطت ، قال : إنه أفرط فأفرطت .

وقال همام بن يحيى ، عن مطر الوراق : كان رجل أهل البصرة جابر بن زيد ، فلما ظهر الحسن جاء رجل كأنما كان في الآخرة ، فهو يخبر عما رأى وعاين .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن الأصبغ بن زيد : سمعت العوام بن حوشب يقول : ما أشبه الحسن إلا بنبي أقام في قومه ستين عاما يدعوهم إلى الله عز وجل .

وقال عبيد الله بن عمر القواريري ، عن هشيم : أخبر مجالد عن الشعبي ، قال : ما رأيت الذي كان أسود من الحسن ، قال : [ ص: 106 ] فلما فرغ هشيم من الحديث . قال : لا أعلمه إلا مجالد .

وقال أيضا عن هشيم : أخبرنا الأشعث بن سوار ، قال : أردت أن أقدم البصرة لألقى الحسن ، فأتيت الشعبي فسألته . فقلت : يا أبا عمرو إني أريد أن آتي البصرة ، قال : وما تصنع بالبصرة ؟ قلت : أريد أن ألقى الحسن فصفه لي ، قال : نعم ، أنا أصفه لك : إذا دخلت البصرة ، فادخل مسجد البصرة ، فارم ببصرك ، فإذا رأيت في المسجد رجلا ليس في المسجد مثله ، أو لم تر مثله ، فهو الحسن ، قال الأشعث : فأتيت مسجد البصرة ، فما سألت عن الحسن أحدا حتى جلست إليه بنعت الشعبي .

وقال محمد بن فضيل ، عن عاصم الأحول : قلت للشعبي : لك حاجة ؟ قال : نعم ، إذا أتيت البصرة فأقرئ الحسن مني السلام .

قلت : ما أعرفه ، قال : إذا دخلت البصرة فانظر إلى أجمل رجل تراه في عينيك ، وأهيبه في صدرك ، فأقرئه مني السلام ، قال : فما عدا أن دخل المسجد فرأى الحسن ، والناس حوله جلوس ، فأتاه وسلم عليه .

وقال موسى بن إسماعيل ، عن عاصم بن سيار الرقاشي : أخبرتني أمة الحكم ، قالت : كان الحسن يجيء إلى حطان بن عبد الله الرقاشي ، فما رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه .

وقال موسى أيضا : حدثنا جرثومة أبو محمد مولى بلال بن أبي بردة ، قال : رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة ، أرى أثر الصفرة في يده ولحيته .

[ ص: 107 ] وقال قريش بن حيان العجلي ، عن عمرو بن دينار : سمعت قتادة يقول : ما جمعت علم الحسن إلى علم أحد من العلماء ، إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه كان إذا أشكل عليه شيء ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله .

وقال أبو عوانة عن قتادة : ما جالست فقيها قط ، إلا رأيت فضل الحسن عليه .

وقال جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار : لقيت معبدا الجهني بمكة ، فقال : لقيت العلماء ، ولقيت الناس فلم أر مثل الحسن .

وقال عبيد الله بن عمر القواريري ، عن حاتم بن وردان : كنا عند أيوب فسأله رجل عن حديث من حديث الحسن في كذا وكذا ، ثم ضحك فغضب أيوب غضبا ما رأيته غضب مثله ، قال : مم ضحكت ؟ قال : لا شيء يا أبا بكر ، قال : ما ضحكت لخير ، ثم قال أيوب : إنه والله ما رأت عيناك رجلا قط كان أفقه من الحسن .

وقال عبد الرحمن بن المبارك ، عن حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن مسألة هيبة له .

وقال غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله المزني : من سره أن [ ص: 108 ] ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه ، فلينظر إلى الحسن ، فما أدركنا الذي هو أعلم منه ليتمنين الذي رآه أنه ازداد من علمه ، والذي لم يره أنه رآه .

وقال يحيى بن أيوب المقابري ، عن معاذ بن معاذ : قلت للأشعث : قد لقيت عطاء ، وعندك مسائل ، أفلا سألته ؟ قال : ما لقيت أحدا - يعني بعد الحسن - إلا صغر في عيني .

وقال موسى بن إسماعيل عن أبي هلال : كنا في بيت قتادة ، فجاء الخبر أن الحسن توفي ، فقلت : لقد كان غمس في العلم غمسته ، فقال قتادة : لا والله ، ولكن نبت فيه وتحقبه وتشربه ، لا والله لا يبغض الحسن إلا حروري .

وقال موسى أيضا ، عن سلام بن مسكين : سمعت عمران ، قال : قل ما كانا يختلفان في الفتيا ، وفي الشيء - يعني : الحسن وسعيد بن المسيب - .

وقال موسى أيضا : حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن : ما تفتي به الناس شيء [ ص: 109 ] سمعته ، أو شيء تقوله برأيك ؟ قال : لا ، والله ما كل ما نفتي به سمعناه ، ولكن رأينا خير لهم .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن أبي همام سعد بن الحسن ، قدم أبو سلمة بن عبد الرحمن البصرة ، فلما رأى تعظيم أهل البصرة للحسن ، قال : يا أبا سعيد إني أرى قوما - يعني أنهم يأخذون برأيه - فاتق رأيك .

وقال محمد بن سلام الجمحي ، عن عبد الله بن عمر الصبيري : قال يونس بن عبيد : إن كان الرجل ليرى الحسن لا يسمع كلامه ، ولا يرى عمله ، فينتفع به .

وقال الجمحي أيضا ، عن همام ، عن قتادة : يقال : ما خلت الأرض من سبعة رهط ، يسقون ، وبهم يدفع عنهم ، قال قتادة : وإني أرجو أن يكون أحد السبعة .

وقال أيضا ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة : ما أحد كان أكمل مروءة من الحسن .

وعن حماد بن سلمة ، قال : قال يونس ، وحميد الطويل : رأينا الفقهاء فما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن .

وعن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، قال : سمعت من سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله ، [ ص: 110 ] وعروة بن الزبير ، ويحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، وأم جعدة أم هاني بنت أبي طالب فما رأيت فيهم مثل الحسن ، ولو أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله مثل أسنانهم ما تقدموه .

وقال حماد بن زيد ، عن الحجاج بن أرطاة : سألت عطاء عن القراءة على الجنازة ، قال : ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها ، فقلت : إن الحسن يقول : يقرأ عليها ، قال : عليك بذاك ، ذاك إمام ضخم يقتدى به .

وقال حماد بن زيد أيضا : سمعت يحيى بن عتيق يقول لأيوب ، - وذكر الحسن - : يا أبا بكر ، ازدرينا علماء الناس بالحسن إذا راضاهم .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن عبد الله بن شوذب ، قال : مطرف بن الشخير : لا أؤمن على دعاء من لا أعرفه ، إلا على دعاء الحسن فإني أثق به .

وقال ضمرة أيضا ، عن رجاء بن أبي سلمة : سمعت يونس بن عبيد يقول : أما أنا فإني لم أر أقرب قولا من فعل الحسن .

[ ص: 111 ] وقال الصلت بن مسعود ، عن إبراهيم بن سعد : سمعت خالد بن صفوان وسألوه : ألك علم بالحسن ؟ قال : أنا أهل خبرة به ، كانت داره ملعبي صغيرا ، ومجلسه مجلسي كبيرا ، قالوا : فما عندك فيه ؟ قال : كان أحد الناس ، وما رأيته زاحم على شيء من الدنيا قط .

وقال زائدة بن قدامة ، عن هشام بن حسان ، قال الحسن : كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يرى ذلك في بصره وتخشعه ولسانه ويده وصلاته وصلته وزهده ، قال : وكان الحسن يقول : لا تجالسوا أصحاب الأهواء ، ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم .

وقال إسحاق بن سليمان الرازي ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : اختلفت إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله ، فليس من يوم إلا أسمع منه ، ما لم أسمع قبل ذلك .

وقال حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم : قام الحسن يوما من المسجد الجامع فذهب إلى أهله فاتبعه ناس ، فالتفت إليهم فقال : إن خفق النعال حول الرجال قل ما يلبث الحمقى .

وقال جعفر بن سليمان : سمعت حوشبا يقول : سمعت الحسن يقول : والله يا ابن آدم ، لئن قرأت القرآن ، ثم آمنت به [ ص: 112 ] ليطولن في الدنيا حزنك ، وليشتدن في الدنيا خوفك ، وليكثرن في الدنيا بكاؤك .

أخبرنا بذلك أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا القاضي أبو المكارم اللبان ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد قال : حدثنا علي بن مسلم ، قال : حدثنا سيار بن حاتم ، قال : حدثنا جعفر . فذكره .

وبه : حدثنا جعفر ، قال : حدثنا إبراهيم بن عيسى اليشكري ، قال : ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن ، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة .

وبه : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : حدثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا يزيد بن عطاء ، عن علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فأما الحسن بن أبي الحسن فما رأينا أحدا من الناس كان أطول حزنا منه ، وما كنا نراه إلا أنه حديث عهد بمصيبة ، ثم قال : نضحك ، ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا ، فقال : لا أقبل منكم شيئا ، ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة الله طاقة ؟ إنه من عصى الله فقد حاربه ، والله لقد أدركت سبعين بدريا ، أكثر لباسهم الصوف ، لو رأيتموهم قلتم مجانين ، ولو رأوا [ ص: 113 ] خياركم لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق ، ولو رأوا شراركم لقالوا : ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب ، والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا ، فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني ، لأجعلن بعضه لله عز وجل ، فيتصدق ببعضه ، وإن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه .

وبه : عن علقمة بن مرثد قال : لما ولي عمر بن هبيرة العراق . أرسل إلى الحسن وإلى الشعبي ، فأمر لهما ببيت ، وكانا فيه شهرا أو نحوه ، ثم إن الخصي غدا عليهما ذات يوم فقال : إن الأمير داخل عليكما ، فجاء عمر يتوكأ على عصا له ، فسلم ثم جلس مفطما لهما ، فقال : إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يكتب إلي كتبا أعرف أن في إنفاذها الهلكة ، فإن أطعته عصيت الله ، وإن عصيته أطعت الله ، فهل تريا لي في متابعتي إياه فرجا ؟ فقال الحسن : يا أبا عمرو أجب الأمير ، فتكلم الشعبي فانحط في حبل ابن هبيرة ، قال : ما تقول أنت يا أبا سعيد ؟ فقال : أيها الأمير ، قد قال الشعبي ما قد سمعت : قال : ما تقول أنت ؟ قال : أقول : يا عمر بن هبيرة يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره ، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، يا عمر بن هبيرة ، إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك ، ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله ، يا عمر بن [ ص: 114 ] هبيرة لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت ، فيغلق بها باب المغفرة دونك ، يا عمر بن هبيرة لقد أدركت ناسا من صدر هذه الأمة كانوا والله عن الدنيا وهي مقبلة أشد إدبارا من إقبالكم عليها وهي مدبرة ، يا عمر بن هبيرة إني أخوفك مقاما خوفك الله تعالى ، فقال : ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد يا عمر بن هبيرة ، إن تك مع الله في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبد الملك ، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله ، وكلك الله إليه ، قال : فبكى عمر وقام بعبرته ، فلما كان من الغد أرسل إليهما بإذنهما وجوائزهما ، فأكثر منها للحسن ، وكان في جائزة الشعبي بعض الإقتار ، فخرج الشعبي إلى المسجد فقال : يا أيها الناس ، من استطاع منكم أن يؤثر الله على خلقه فليفعل ، فوالذي نفسي بيده ما علم منه الحسن شيئا فجهلته ، ولكن أردت وجه ابن هبيرة فأقصاني الله منه . قال : وقام المغيرة بن مخادش ذات يوم إلى الحسن فقال : كيف نصنع بأقوام يخوفوننا ، حتى تكاد قلوبنا تطير ؟ فقال الحسن : والله لئن تصحب أقواما يخوفونك حتى يدركك أمن ، خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف ، فقال له بعض القوم : أخبرنا صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فبكى ، ثم قال : ظهرت فيهم علامات الخير في السيماء والسمت والصدق ، وحسنت [ ص: 115 ] ملابسهم بالاقتصاد ، وممشاهم بالتواضع ، ومنطقهم بالعمل ، ومطعمهم ومشربهم بالطيب من الرزق ، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى ، واستقادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا ، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم ، ظمئت هواجرهم ، ونحلت أجسامهم ، واستخفوا بسخط المخلوقين لرضى الخالق ، لم يفرطوا في غضب ، ولم يحيفوا في جور ، ولم يجاوزوا حكم الله في القرآن ، شغلوا الألسن بالذكر ، بذلوا لله دماءهم حين استنصرهم ، وبذلوا لله أموالهم حين استقرضهم ، لم يكن خوفهم من المخلوقين ، حسنت أخلاقهم ، وهانت مؤنتهم ، وكفاهم اليسير من الدنيا إلى آخرتهم .

وقال محمد بن الحسين البرجلاني : حدثني نوح بن يحيى الزراد ، قال : حدثنا قثم العابد ، عن حمزة الأعمى ، قال : ذهبت بي أمي إلى الحسن ، فقالت : يا أبا سعيد ، ابني هذا قد أحببت أن يلزمك ، فلعل الله أن ينفعه بك ، قال : فكنت أختلف إليه ، فقال لي يوما : يا بني أدم الحزن على خير الآخرة ، لعله أن يوصلك إليه ، وابك في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك ، فتكون من الفائزين ، قال : وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي ، وآتيه مع الناس وهو يبكي ، وربما جئت وهو يصلي ، فأسمع بكاءه ونحيبه ، قال : فقلت له يوما : يا أبا سعيد ، إنك لتكثر من البكاء . قال : فبكى ، ثم قال : يا بني ، فما يصنع المؤمن إذا لم يبك ، يا بني ، إن البكاء داع إلى الرحمة فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل ، لعله يراك على حالة فيرحمك بها ، فإذا أنت قد نجوت من النار .

[ ص: 116 ] وقال طالوت بن عباد : حدثنا عبد المؤمن بن عبيد الله ، عن الحسن ، قال : يا ابن آدم ، عملك عملك ، فإنما هو لحمك ودمك ، فانظر على أي حال تلقى عملك ، إن لأهل التقوى علامات ، يعرفون بها ، صدق الحديث ، ووفاء بالعهد ، وصلة الرحم ، ورحمة الضعفاء ، وقلة الفخر والخيلاء ، وبذل المعروف ، وقلة المباهاة للناس ، وحسن الخلق ، وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله ، يا ابن آدم ، إنك ناظر إلى عملك يوزن خيره وشره ، فلا تحقرن من الخير شيئا ، وإن هو صغر ، فإنك إذا رأيته سرك مكانه ، ولا تحقرن من الشر شيئا ، فإنك إذا رأيته ساءك مكانه ، رحم الله رجلا كسب طيبا وأنفق قصدا ، وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته ، هيهات ، هيهات ، ذهبت الدنيا بحال بالها ، وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم ، أنتم تسوقون الناس ، والساعة تسوقكم ، وقد أسرع بخياركم ، فماذا تنتظرون ، المعاينة فكأن قد ، إنه لا كتاب بعد كتابكم ، ولا نبي بعد نبيكم ، يا ابن آدم ، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ، ولا تبيعن آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا .

أخبرنا بذلك ابن أبي الخير ، عن اللبان ، عن الحداد ، عن أبي نعيم ، عن أبي محمد بن حيان ، عن محمد بن عبد الملك بن رستة ، عن طالوت بن عباد .

وبه : قال أبو نعيم : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب ، قال : حدثنا الحسن بن علي الطوسي ، قال : حدثنا [ ص: 117 ] محمد بن عبد الكريم ، قال : حدثنا الهيثم بن عدي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، قال : كنا عند الحسن ، فأتاه آت فقال : يا أبا سعيد ، دخلنا آنفا على عبد الله بن الأهتم ، فإذا هو يجود بنفسه ، فقلنا : أبا معمر كيف تجدك ؟ قال : أجدني والله وجعا ، ولا أظنني إلا لما بي ، ولكن ما تقولون في مائة ألف في هذا الصندوق ، لم تؤد منها زكاة ؟ ولم توصل منها رحم ؟ قلنا : يا أبا معمر ، فلمن كنت تجمعها ؟ قال : كنت والله أجمعها لروعة الزمان ، وجفوة السلطان ، ومكاثرة العشيرة ، فقال الحسن : البائس ، انظروا أنى أتاه شيطانه فحذره روعة رفاته ، وجفوة سلطانه ، عما استودعه الله إياه ، وعمره فيه ، خرج - والله - منها سليبا حريبا ذميما مليما ، إيها عنك أيها الوارث ، لا تخدع كما خدع صويحبك أمامك ، أتاك هذا المال حلالا ، فإياك وإياك أن يكون وبالا عليك ، أتاك - والله - ممن كان له جموعا منوعا ، يدأب فيه الليل والنهار ، ويقطع فيه المفاوز والقفار ، من باطل جمعه ، ومن حق منعه ، جمعه فأوعاه ، وشده فأوكاه ، لم تؤد منه زكاة ولم توصل منه رحم ، إن يوم القيامة ذو حسرات ، وإن أعظم الحسرات غدا أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره ، أوتدرون كيف ذاكم ؟ رجل آتاه الله مالا ، فأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله ، فبخل به ، فورثه هذا الوارث ، فهو يرى ماله في ميزان غيره ، فيا لها عثرة لا تقال ، وتوبة لا تنال .

[ ص: 118 ] وبه : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن شبل ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة عن سفيان ، عن عمران القصير ، قال : سألت الحسن عن شيء فقلت : إن الفقهاء يقولون كذا وكذا ، فقال : وهل رأيت فقيها بعينك ؟ إنما الفقيه : الزاهد في الدنيا ، البصير بدينه ، المداوم على عبادة ربه .

وبه حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي كامل ، قال : حدثنا هوذة بن خليفة ، عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، قال : كان الحسن ابنا لجارية لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثت أم سلمة جاريتها في حاجتها ، فبكى الحسن بكاء شديدا ، فرقت عليه أم سلمة ، فأخذته فوضعته في حجرها ، فألقمته ثديها ، فدر عليه ، فشرب منه ، وكان يقال : إن المبلغ الذي بلغه الحسن من الحكمة بذلك اللبن الذي شربه من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

وبه : حدثنا عثمان بن محمد العثماني ، قال : حدثنا محمد بن عبدوس الهاشمي ، قال : حدثنا عباس بن يزيد ، قال : سمعت حفص بن غياث يقول : سمعت الأعمش يقول : ما زال الحسن البصري يعي الحكمة ، حتى نطق بها ، وكان إذا ذكر عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء .

[ ص: 119 ] وبه : حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن ذكوان ، قال : حدثنا خالد بن صفوان ، قال : لما لقيت مسلمة بن عبد الملك بالحيرة ، قال : يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة ، قلت : أصلح الله الأمير ، أخبرك عنه بعلم ، أنا جاره إلى جنبه ، وجليسه في مجلسه ، وأعلم من قبلي به ، أشبه الناس سريرة بعلانية ، وأشبه قولا بفعل ، إن قعد على أمر قام به ، وإن قام على أمر قعد عليه ، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به ، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له ، رأيته مستغنيا عن الناس ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، قال : حسبك يا خالد ، كيف يضل قوم هذا فيهم ؟

وبه : حدثنا أحمد بن جعفر ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا علي بن مسلم ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا جعفر ، قال : حدثنا هشام ، قال : سمعت الحسن يحلف بالله : ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله عز وجل .

وبه : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : حدثنا أبو موسى - يعني إسرائيل بن موسى - قال : سمعت الحسن يقول - وأتاه رجل - فقال : إني أريد السند فأوصني - ، [ ص: 120 ] قال : حيث ما كنت فأعز الله يعزك ، قال : فحفظت وصيته ، فما كان بها أحد أعز مني حتى رجعت .

وبه ، قال : سمعت الحسن يقول : الإسلام ، وما الإسلام ، السر والعلانية فيه مشتبهة ، وأن يسلم قلبك لله ، وأن يسلم منك كل مسلم ، وكل ذي عهد .

وبه : حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، قال : حدثنا جويرية ، عن حميد الطويل ، قال : خطب رجل إلى الحسن ، فكنت أنا السفير بينهما ، قال : فكأن قد رضيه ، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه ، فقلت : يا أبا سعيد ، وأزيدك أن له خمسين ألف درهم ، قال : له خمسون ألفا ما اجتمعت من حلال ! قلت : يا أبا سعيد ، إنه ما علمت لورع مسلم ، قال : إن كان جمعها من حلال ، فقد ضن بها عن حق ، لا ، والله لا يجري بيننا وبينه صهر أبدا .

وبه : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثني محمد بن النعمان السلمي ، قال : حدثنا هدبة ، قال : حدثنا [ ص: 121 ] حزم بن أبي حزم ، قال : سمعت الحسن يقول : بئس الرفيقان الدينار والدرهم ، لا ينفعانك حتى يفارقاك .

وبه : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ، قال : حدثنا محمد بن المغيرة ، قال : حدثنا عمران بن خالد ، عن الحسن ، وسأله رجل : يا أبا سعيد ما الإيمان ؟ قال : الصبر ، والسماحة ، فقال رجل : يا أبا سعيد ما الصبر والسماحة ؟ ، قال : الصبر عن معصية الله ، والسماحة بأداء فرائض الله .

وقال حماد بن سلمة : أخبرنا أبو حمزة إمام التمارين ، قال : قال الحسن : غائلة العلم النسيان ، وحياته المذاكرة .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن عبد الله بن شوذب ، عن الحسن : لولا النسيان ، كان العلماء كثيرا .

وقال هشيم عن ابن عون ، كان الشعبي والحسن يحدثان بالمعاني .

وقال مهدي بن ميمون ، عن غيلان بن جرير ، قلت للحسن : الرجل يسمع الحديث ، فيحدث به لا يألو فتكون فيه - يعني الزيادة والنقصان - ، قال : ومن يطيق ذاك ! .

وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد : ربما حدث الحسن [ ص: 122 ] بالحديث ، فأقول : يا أبا سعيد ، ممن سمعت هذا ؟ فيقول : لا أدري ، غير أني أخذته من ثقة ، فأقول : أنا حدثتك به .

وقال حماد أيضا عن حميد الطويل : ذهبت أنا والحسن إلى أبي نضرة ، فحدثنا أن عمر بن الخطاب كان في مسير له ، فأتى عليه علقمة بن علاثة ليلا ، ثم ذكر الحديث بطوله ، قال : فكان الحسن يحدث به بعد ذلك ، وما سمعته رواه قبل ذلك ، وكان أحسن سياقا له من أبي نضرة ، ولا يذكر أبا نضرة .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن صالح بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : سمع الحسن من ابن عمر ، وأنس ، وابن مغفل ، وعمرو بن تغلب ، قال عبد الرحمن : ذكرت قول أحمد لأبي . فقال : قد سمع من هؤلاء الأربعة ، ويصح له السماع من أبي برزة ، ومن غيرهم ، ولا يصح له السماع من جندب ولا من معقل بن يسار ، ولا من عمران بن حصين ، ولا من أبي هريرة .

وقال همام بن يحيى عن قتادة : والله ما حدثنا الحسن عن بدري واحد مشافهة .

وقال جرير بن حازم ، عن الحسن : حدثنا جندب بن سفيان [ ص: 123 ] البجلي في هذا المسجد ، فما نسينا منذ حدثنا ، وما نخشى أن يكون كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن : سافرت مع عبد الرحمن بن سمرة إلى كابل .

وقال أيوب ، عن الحسن : دخلت على عثمان بن أبي العاص .

وقال أبو عامر الخزاز عن الحسن : كنا نأتي عثمان بن أبي العاص ، وكان له بيت قد أخلاه للحديث .

وقال أبو قلابة الرقاشي ، عن قريش بن أنس ، عن حبيب بن الشهيد : قال لي محمد بن سيرين : سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة ؟ فسألته ، فقال : من سمرة بن جندب ، قال : فقلت : حدثنا قريش بن أنس ، قال حدثنا حبيب بن الشهيد ، فذكر هذا الحديث ، فقال لي : لم يسمع الحسن من سمرة ، قال : فقلت : على من يطعن ، على قريش بن أنس ؟ على حبيب بن الشهيد ! ؟ فسكت .

وقال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي : [ ص: 124 ] سمعت علي ابن المديني ، يقول : مرسلات يحيى بن أبي كثير ، شبه الريح ، ومرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح ما أقل ما يسقط منها .

وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت الحسن بن عثمان يقول : سمعت أبا زرعة يقول : كل شيء قال الحسن : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وجدت له أصلا ثابتا ، ما خلا أربعة أحاديث .

وقال أبو موسى محمد بن المثنى : حدثنا الهيثم بن عبيد : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فلو كنت تسنده إلى من حدثك ، قال : يقول الحسن : أيها الرجل ما كذبنا ولا كذبنا ، ولقد غزونا غزوة إلى خراسان ، ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان الرجل منهم يصلي بنا ، وكان يقرأ الآيات من السورة ثم يركع .

وقال محمد بن موسى الحرشي : حدثنا ثمامة بن عبيدة قال : حدثنا عطية بن محارب ، عن يونس بن عبيد ، قال : سألت الحسن ، قلت : يا أبا سعيد إنك تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لم تدركه ؟ قال : يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى - وكان في عمل الحجاج - كل شيء سمعتني أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو عن علي بن أبي طالب ، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا .

[ ص: 125 ] أخبرنا بذلك أبو إسحاق ابن الدرجي ، عن أبي جعفر الصيدلاني إذنا ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا الأطروش ، قال : حدثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، فذكره .

وقال محمد بن سعد : قالوا : وكان الحسن جامعا عالما ، رفيعا ، فقيها ، ثقة ، مأمونا ، عابدا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما ، وكان ما أسند من حديثه وروى عن من سمع منه ، فحسن حجة ، وما أرسل من الحديث فليس بحجة ، وقدم مكة فأجلس على سرير ، واجتمع الناس إليه فحدثهم ، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاوس ، وعمرو بن شعيب ، فقالوا : أو قال بعضهم : لم نر مثل هذا قط .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا أبو عمر الصفار ، عن مالك بن دينار ، قال : دخلت مع الحسن السوق ، فمر بالعطارين ، فوجد تلك الرائحة ، فبكى ثم بكى ، ثم بكى ، حتى خفت أن يغشى عليه ، ثم قال لي : يا مالك ، والله ما هو إلا حلول القرار من الدارين جميعا ، الجنة أو النار ، ليس هناك منزل ثالث ، من أخطأته - والله - الرحمة صار إلى عذاب الله ، قال : ثم جعل يبكي فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات .

[ ص: 126 ] وقال حماد بن زيد ، عن هشام بن حسان : كنا عند محمد - يعني ، ابن سيرين - عشية يوم الخميس ، فدخل عليه رجل بعد العصر ، فقال : مات الحسن ، قال : فترحم عليه محمد ، وتغير لونه ، وأمسك عن الكلام ، فما حدث بحديث ، ولا تكلم حتى غربت الشمس ، وأمسك القوم عنه ، مما رأوا من وجده عليه .

وقال محمد بن سلام الجمحي : مات الحسن في خلافة هشام .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن السري بن يحيى : مات الحسن سنة عشر ومائة .

وقال أحمد بن حنبل ، عن إسماعيل ابن علية : مات الحسن في رجب سنة عشر ومائة .

وقال سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن البصري : هلك الحسن البصري ، وهو ابن نحو من ثمان وثمانين سنة .

وقال أبو نصر الكلاباذي : بلغ تسعا وثمانين سنة .

ومناقبه وفضائله كثيرة جدا ، اقتصرنا منها على هذا القدر طلبا للتخفيف ، وبالله التوفيق .

[ ص: 127 ] روى له الجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية