تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
2725 - (بخ س) : شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن [ ص: 436 ] معاوية بن عامر بن الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة الكندي ، أبو أمية الكوفي القاضي ، ويقال : شريح بن شرحبيل ، ويقال : ابن شراحيل ، ويقال : إنه من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن ، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يلقه على الصحيح .

قال يحيى بن معين : كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه ، استقضاه عمر بن الخطاب على الكوفة ، وأقره علي بن أبي طالب ، وأقام على القضاء بها ستين سنة ، وقضى بالبصرة سنة ، ويقال : قضى بالكوفة ثلاثا وخمسين سنة ، وبالبصرة سبع سنين .

روى عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ، وعن زيد بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود (س) ، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، [ ص: 437 ] وعروة البارقي ، وعلي بن أبي طالب (س) ، وعمر بن الخطاب (س) .

روى عنه : إبراهيم النخعي (س) ، وأنس بن سيرين ، وتميم بن سلمة ، وسعيد بن حيان التيمي ، وشريح بن الحارث الكوفي آخر غيره ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وعامر الشعبي (بخ س) ، والعباس بن ذريح ، وعبد الأعلى بن عامر ، وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان ، وعبد العزيز بن رفيع ، وعبيد بن نسطاس والد أبي يعفور الكوفي ، وأبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي ، وعطاء بن السائب ، وعمر بن قيس الماصر ، وقيس بن أبي حازم ، وقيس بن زيد ، ومجاهد بن جبر المكي ، ومحمد بن سيرين ، ومرة الطيب ، ومغراء الضبي ، ومغيرة الثقفي والد هشام بن المغيرة ، وابن أبي صفية الكوفي (س) ، وأم داود الوابشية .

قال علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح الشريحي : حدثني أبي عن أبيه معاوية ، عن أبيه ميسرة ، عن أبيه شريح قال : وليت القضاء لعمر وعثمان وعلي ومعاوية ، ويزيد بن معاوية ولعبد الملك إلى أيام الحجاج فاستعفيت الحجاج ، قال : وكان له مائة وعشرون سنة وعاش بعد استعفائه الحجاج سنة ثم مات .

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن حفص بن عمر : قضى شريح ستين سنة .

وقال علي ابن المديني : ولي شريح البصرة سبع سنين في زمن [ ص: 438 ] زياد ، وولي الكوفة ثلاثا وخمسين سنة ، قال علي : ويقال : تعلم شريح العلم من معاذ بن جبل .

وقال معاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين : قضى شريح لعمر وللحجاج بن يوسف .

وقال حنبل بن إسحاق ، عن يحيى بن معين : شريح بن هانئ كوفي ، وشريح بن أرطاة كوفي وشريح القاضي أقدم منهما وهو ثقة .

وقال أحمد بن عبد الله العجلي : شريح بن الحارث الكندي القاضي كوفي تابعي ثقة .

وقال أيوب بن جابر ، عن أبي حصين : كان شريح إذا قيل له : ممن أنت ؟ قال : ممن أنعم الله عليه بالإسلام ، ثم عديد لكندة ، ويقال : إنما خرج إلى المدينة لأن أمه تزوجت بعد أبيه فاستحيى من ذلك فخرج وكان شاعرا قائفا .

وقال أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين : كان شريح شاعرا وكان زاجرا ، وكان قائفا ، وكان كوسجا ، وكان قاضيا .

وقال حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن محمد بن سيرين : أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يعد بالفقه ، فمن بدأ بالحارث ثنى بعبيدة ، [ ص: 439 ] ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث ثم علقمة الثالث ثم شريح الرابع ، قال : ثم يقول ابن سيرين : وإن أربعة أخسهم شريح لخيار .

وقال علي بن عابس ، عن أشعث ، عن ابن سيرين : قدمت الكوفة وبها أربعة آلاف يطلبون الحديث ، وسرج أهل الكوفة أربعة : عبيدة السلماني ، والحارث الأعور ، وعلقمة بن قيس ، وشريح وكان أخسهم .

وقال عبد الله بن إدريس ، عن عمه ، عن الشعبي : أحدثك عن القوم كأنك شاهدهم ، كان شريح أعلم القوم بالقضاء ، وكان عبيدة يوازي شريحا في علم القضاء ، وأما علقمة فانتهى إلى قول عبد الله لم يجاوزه ، وأما مسروق فأخذ من كل ، وأما الربيع بن خثيم فأقل القوم علما وأورعهم ورعا ، قال : وكان من كلام شريح : الخصم داؤك والشهود شفاؤك .

وقال الأعمش ، عن أبي وائل : كان شريح يقل غشيان عبد الله ، فقيل له : ولم ؟ قال : للاستغناء .

وقال سيار أبو الحكم ، عن الشعبي : أخذ عمر بن الخطاب فرسا من رجل فحمل عليه رجلا فعطب عنده فحاكمه الرجل ، فقال : اجعل بيني وبينك رجلا ، قال الرجل : فإني أرضى بشريح العراقي ، فأتوا شريحا ، فقال شريح لعمر : أخذته صحيحا سليما فأنت له ضامن حتى ترده صحيحا ، فأعجب عمر بن الخطاب فبعثه قاضيا .

[ ص: 440 ] وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن هبيرة بن يريم : إن عليا جمع الناس في الرحبة ، وقال : إني مفارقكم ، فاجتمعوا في الرحبة رجال أيما رجال ، فجعلوا يسألونه حتى نفد ما عندهم ولم يبق إلا شريح ، فجثا على ركبتيه وجعل يسأله ، فقال له علي : اذهب فأنت أقضى العرب .

وقال شعيب بن الحبحاب ، عن إبراهيم : إن شريحا كان إذا خرج للقضاء ، قال : سيعلم الظالمون حظ من نقصوا إن الظالم ينتظر العقاب ، وإن المظلوم ينتظر النصر .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي حصين : اختصم إلى شريح رجلان فقضى على أحدهما ، فقال : قد علمت من حيث أتيت ، فقال له شريح : لعن الله الراشي والمرتشي والكاذب .

وقال الهيثم بن عدي ، عن مجالد ، عن الشعبي : شهدت شريحا وجاءته امرأة تخاصم رجلا ، فأرسلت عينها ، فقلت : يا أبا أمية ما أظنها إلا مظلومة ، فقال : يا شعبي إن إخوة يوسف جاؤوا أباهم عشاء يبكون .

وقال عبد الله بن عون ، عن إبراهيم : إن رجلا أقر عند شريح بشيء ثم ذهب ينكر ، فقال شريح : قد شهد عليك ابن أخت خالتك ! وقال سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : اختصم إلى شريح في ولد هرة ، فقالت امرأة : هو ولد هرتي ، وقالت الأخرى : [ ص: 441 ] هو ولد هرتي ، فقال شريح : ألقيها مع هذه فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها ، وإن هي هرت وفرت وأزبأرت فليس لها .

قال أبو محمد بن قتيبة في هذا الحديث : قوله : اسبطرت : يريد امتدت للإرضاع ، يقال : اسبطر الشيء : إذا امتد ، وأزبأرت اقشعرت وتنفشت .

وقال عبد الله بن إدريس ، عن عبد الله بن أبي السفر ، عن الشعبي : ما نعلم أحدا انتصف من شريح إلا أعرابي أتاه في خصومة فجعل يكلمه ويمسه بيده ، فقال له شريح : إن لسانك أطول من يدك ، فقال له الأعرابي : أسامري فلا يمس ، قال : فلما أراد أن يقوم ، قال له شريح : إني لم أرد بهذا سوءا فقال له الأعرابي : ولا أجرمت إليك .

قال عبد الله بن إدريس : وكانت القضاة تكره أن يقوم الخصم وهو غضبان .

وقال عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد البصري : أتانا زياد بشريح فقضى فينا سنة لم يقض فينا مثله قبله ولا بعده .

وقال سفيان الثوري ، عن رجل ، عن شريح ، قال : قيل له : بأي شيء أصبت هذا العلم ؟ قال : بمفاوضة للعلماء آخذ منهم وأعطيهم .

[ ص: 442 ] وقال أيوب ، عن محمد بن سيرين : قال شريح : إنما أقتفي الأثر فما وجدت في الأثر ، حدثتكم .

وقال أبو بكر الهذلي ، عن الشعبي : سمعت شريحا جاءه رجل من مراد ، فقال : يا أبا أمية كم دية الأصابع ؟ قال : عشر عشر ، قال : يا سبحان الله أسواء هاتان - وجمع بين الخنصر والإبهام - ؟ فقال شريح : يا سبحان الله أسواء أذنك ويدك ؟ فإن الأذن تواريها العمامة ، والشعر والكمة فيها نصف الدية ، وفي اليد نصف الدية ، ويحك إن السنة سبقت قياسكم فاتبع ولا تبتدع ، فإنك لن تضل ما أخذت بالأثر .

قال أبو بكر : قال لي الشعبي : يا هذلي لو أن أحنفكم قتل وهذا الصبي في مهده أكان ديتهما سواء ؟ قلت : نعم ، قال : فأين القياس .

وقال أشعث بن سوار ، عن الشعبي : خرجت في العيد مع مسروق وشريح ، وكان من أكثر أهل الكوفة صلاة فما صليا قبلها ولا بعدها .

وقال جرير ، عن مغيرة : كان شريح يدخل يوم الجمعة بيتا يخلو فيه لا يدري الناس ما يصنع فيه .

وقال الأعمش ، عن أبي وائل : قال لي شريح في الفتنة - يعني : فتنة ابن الزبير - : ما أخبرت ولا استخبرت ولا ظلمت مسلما ولا معاهدا دينارا ولا درهما ، قال : قلت له : لو كنت على حالك لأحببت [ ص: 443 ] أن أكون قد مت ، فأومأ إلى قلبه ، فقال : كيف بهذا ، وفي رواية قال : فكيف بما في صدري تلتقي الفئتان إحداهما أحب إلي من الأخرى .

وقال أبو حيان التيمي ، عن أبيه : كان شريح ليس له مثعب شارع إلا في داره ، وكان يموت السنور لأهله فيأمر به فيدفن في داره اتقاء أذى المسلمين .

وقال الرياشي ، عن الأصمعي : قال رجل لشريح : لقد بلغ الله بك يا أبا أمية ، قال : إنك لتذكر النعمة في غيرك وتنساها فيك ، قال : إني والله لأحسدك على ما أرى ، قال : ما يفعل الله بهذا ولا ضرني .

وقال هشام بن الكلبي ، عن أبيه : أتى شريح سوق الإبل بناقة يبيعها فسامه بها أعرابي ، فقال : كيف سيرها ؟ قال : خذ الزمام بشمالك والسوط بيمينك ، وعليك الطريق ، قال : كيف حملها ، قال : الحافظ احمل عليه ما شئت ، قال : كيف حلبها ؟ قال : قرب المحلب وشأنك ، قال : كم الثمن ؟ قال : ثلاث مائة درهم ، فوزن له الثمن ، فلما مضى بها إذا هي بطيئة السير قليلة الحلب ، وقد قال له : إن رأيت ما تحب وإلا فسل عن جبانة كندة ، عن شريح بن الحارث ، فأقبل يسأل عنه فرآه في المسجد ، والخصوم بين يديه ، فقال : ديان أيضا ، لا حاجة لنا في ناقتك ، قال : يا غلام خذ الناقة واردد عليه دراهمه .

وقال أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش ، عن أحمد بن عبد الرحيم ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن الشعبي : سئل شريح القاضي عن الجراد ، فقال : قبح الله الجرادة فيها خلقة سبعة جبابرة ، [ ص: 444 ] رأسها رأس فرس ، وعنقها عنق ثور ، وصدرها صدر أسد ، وجناحها جناح نسر ، ورجلاها رجلا جمل ، وذنبها ذنب حية ، وبطنها بطن عقرب .

وقال الهيثم بن عدي ، عن مجالد بن سعيد : قلت للشعبي : يقال في المثل : إن شريحا أدهى من الثعلب ، وأحيل فما هذا ؟ فقال لي : ذاك أن شريحا خرج أيام الطاعون إلى النجف ، فكان إذا قام يصلي يجيء ثعلب فيقف تجاهه فيحاكيه ويخيل بين يديه فيشغله عن صلاته ، فلما طال ذلك عليه نزع قميصه فجعله على قصبة وأخرج كميه وجعل قلنسوته وعمامته عليه ، فأقبل الثعلب فوقف على عادته ، فأتاه شريح من خلفه فأخذه بغتة ، فلذلك يقال : هو أدهى من الثعلب وأحيل .

قال شريك ، عن يحيى بن قيس الكندي : أوصى شريح أن يصلى عليه بالجبانة وأن لا يؤذن به أحد ولا تتبعه صائحة ، وأن لا يجعل على قبره ثوب ، وأن يسرع به السير ، وأن يلحد له .

وقال محمد بن إسماعيل الأحمسي ، عن المحاربي : زعم أشعث بن سوار أن شريحا مات وهو ابن مائة وعشر سنين ، وفي رواية أخرى : عن أشعث بن سوار أنه مات وله مائة وعشرون سنة .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو عبيد ، والهيثم بن عدي ، وأبو نعيم ، وغير واحد : مات سنة ثمان وسبعين .

[ ص: 445 ] زاد أبو نعيم : زمن مصعب بن الزبير وهو ابن مائة وثمان سنين بعد ما عزل عن القضاء بسنتين .

وقال خليفة بن خياط ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وغير واحد : مات سنة ثمانين .

وقال المدائني : مات سنة اثنتين وثمانين .

وقال خليفة في موضع آخر : مات سنة سبع وثمانين .

وقال أبو نعيم في رواية أخرى : مات سنة ثلاث وتسعين ، وفي رواية أخرى : سنة ست وتسعين .

وقال علي بن عبد الله التميمي : مات سنة سبع وتسعين .

قال : ويقال : سنة تسع وتسعين .

قال البخاري في " الأحكام " من " الجامع " : وقال شريح القاضي وسأله رجل شهادة ، فقال : ائت الأمير حتى أشهد لك .

وقال فيه أيضا : وقضى شريح والشعبي ، ويحيى بن يعمر في المسجد .

وروى له في " الأدب " قوله ، وروى له النسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية