تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
3551 - (خ مق د ت) : عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن [ ص: 383 ] علي بن أصمع بن مظهر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الباهلي ، أبو سعيد الأصمعي البصري صاحب اللغة والنحو ، والغريب والأخبار ، والملح والنوادر ، وقيل : إن قريبا لقب ، واسمه عاصم ، وكنيته أبو بكر .

روى عن : أبي أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي ، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة الثقفي ، وأبي الأشهب جعفر بن حيان العطاردي ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، والخليل بن أحمد ، وسفيان بن عيينة ، وسلمة بن بلال ، وسليمان التيمي ، وسليمان بن المغيرة ، وشعبة بن الحجاج ، وعبد الله بن عون ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد (مق) ، وعبد الصمد بن شبيب ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، وعثمان الشحام ، وعدي بن الفصيل ، وعمر بن أبي زائدة ، والعلاء بن حريز العنبري ، وغسان بن [ ص: 384 ] مضر الأزدي ، وقرة بن خالد السدوسي ، وكثير العابد ، وكيسان مولى هشام بن حسان ، ومالك بن أنس ، والمبارك بن سعيد الثوري ، ومسعر بن كدام ، ومعتمر بن سليمان (قد) ، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ ، وهشام بن سعد المدني ، ويعقوب بن محمد بن طحلاء ، وأبي عمرو بن العلاء المازني .

روى عنه : إبراهيم بن سفيان الزيادي ، وأبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن عبد الرحمن بن المفضل الحراني ، وأحمد بن عبيد بن ناصح النحوي أبو عصيدة ، وأحمد بن عمر بن بكير النحوي ، وأحمد بن محمد اليزيدي ، وإسحاق بن إبراهيم الموصلي ، وبشر بن موسى الأسدي ، والخضر بن أبان الهاشمي ، ورجاء بن الجارود ، وأبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري ، وسلمة بن عاصم صاحب الفراء ، وأبو داود سليمان بن معبد السنجي ، وأبو حاتم سهل بن محمد السجستاني ، وعباس بن عبد العظيم العنبري (قد) ، وأبو الفضل عباس بن الفرج الرياشي ، وأبو هفان عبد الله بن أحمد بن حرب الشاعر ، وعبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري ، وابن أخيه : عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب الباهلي ، وعبد الرحمن بن هانئ النحوي ، وأبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، وأبو وهب علي بن ثابت البصري ، وعلي بن سعيد بن جرير النسائي ، وعلي بن عثام العامري ، وعمر بن شبة بن عبيدة النميري ، وعمرو بن مرزوق الباهلي ، وأبو عبيد القاسم بن سلام (خ د) ، وقعنب بن المحرر الباهلي ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومات قبله ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن [ ص: 385 ] الحسين بن أبي حليمة الأحنفي (ت) ، ومحمد بن عبد الرحمن مولى الأنصار ، وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، ومحمد بن عبيد بن سفيان القرشي ، والد أبي بكر بن أبي الدنيا ، وأبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد ، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي ، ومحمد بن يونس الكديمي ، ومسعود بن بشر المازني ، ونصر بن علي الجهضمي (مق) ، ويحيى بن حبيب بن عربي ، ويحيى بن معين ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، ويعقوب بن شيبة السدوسي .

قال : عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : سمعت الأصمعي يقول : سمع مني مالك بن أنس .

وقال أبو عوانة الإسفرائيني ، عن أبي أمية الطرسوسي : سمعت أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين يثنيان على الأصمعي في السنة ، قال : وسمعت علي بن المديني يثني عليه .

وقال الرياشي ، عن الأصمعي : قال لي شعبة : لو أتفرغ لجئتك .

وقال أيضا : حدث شعبة يوما بحديث قال فيه : " فذوى " [ ص: 386 ] السواك " فقال له رجل حضره : إنما هو " فذوي " فنظر إلي شعبة ، وأومأ بيده ، فقلت له : القول ما تقول فزجر القائل .

وقال أبو سليمان الخطابي ، عن محمد بن يعقوب المتوثي ، عن أحمد بن عمرو الزئبقي ، عن أبيه ، عن الأصمعي ، قال لي شعبة : إني واصفتك لحماد بن سلمة ، وهو يحب أن يراك ، قال : فوعدته يوما فذهبت معه إليه فسلمت عليه فحيا ورحب ، فقال له شعبة : يا أبا سلمة هذا ذاك الفتى الأصمعي الذي ذكرته لك ، قال : فحياني بعد ، وقرب ثم قال لي : كيف تنشد هذا البيت :


أولئك قوم إن بنوا أحسنوا

فقلت

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا     وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا



يعني : بكسر الباء ، فقال لي : انظر جيدا ، فنظرت فقلت : لست أعرف إلا هذا ، فقال يا بني :

" أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا " القوم إنما بنوا المكارم ولم يبنوا باللبن والطين ، قال : فلم أزل هايبا لحماد بن سلمة ، ولزمته بعد ذلك .

قال أبو سليمان الخطابي : قال أبو العباس محمد بن يزيد - يعني المبرد - : واحدتها بنية ، وبنية ، وجمع بنية : بنى مثل : كسرة وكسر ، وجمع بنية بنى مثل ظلمة ، وظلم ، فأما المصدر من بنيت بناء فممدود ، ويشبه أن يكون حماد اختار الضم ، وأنكر الكسر فيها ، لئلا يلتبس بالبناء الذي هو باللبن والطين ، إذ كان من مذهبهم أن يستجيزوا قصر الممدود في الشعر .

[ ص: 387 ] وقال ثعلب ، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي : دخلت على الأصمعي أعوده ، وإذا قمطر فقلت : هذا علمك كله ؟ فقال : إن هذا من حق لكثير .

قال ثعلب : وقيل للأصمعي : كيف حفظت ونسي أصحابك ؟ قال : درست وتركوا .

وقال عمر بن شبة : سمعت الأصمعي يقول : أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة .

وقال أحمد بن عبيد : سمعت ابن الأعرابي قال : شهدت الأصمعي وقد أنشد نحو مائتي بيت ما فيها بيت عرفناه .

وقال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي يقول : ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي .

وقال محمد بن أبي زكير الأسواني : سمعت الشافعي يقول : ما رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الأصمعي .

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين : الأصمعي ثقة .

[ ص: 388 ] وقال أبو معين الحسين بن الحسن الرازي : سألت يحيى بن معين ، عن الأصمعي فقال : لم يكن ممن يكذب ، وكان من أعلم الناس في فنه .

وقال أبو عبيد الآجري : سئل أبو داود عن الأصمعي فقال : صدوق .

وقال إبراهيم الحربي : كان أهل البصرة أهل العربية ، منهم أصحاب الأهواء إلا أربعة ، فإنهم كانوا أصحاب سنة ، أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، ويونس بن حبيب ، والأصمعي .

وقال أبو العيناء : قال الجاحظ : كان الأصمعي منانيا ، فقال له العباس بن رستم : لا والله ، ولكن تذكر حين جلست إليه تسأله فجعل يأخذ نعله بيده ، وهي مخصوفة بجريدة ، ويقول : نعم قناع القدري ، نعم قناع القدري ، فعلمت أنه يعنيك فقمت .

وقال أبو داود السنجي : سمعت الأصمعي يقول : إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار " ; لأنه لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه .

وقال أيضا : سمعت الأصمعي يقول : من لم يحتمل ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا .

[ ص: 389 ] وقال نصر بن علي الجهضمي : سمعت الأصمعي يقول لعفان ، وجعل يعرض عليه شيئا من الحديث : اتق الله يا عفان ، ولا تغير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولي .

قال نصر بن علي : وكان الأصمعي يتقي أن يفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتقي أن يفسر القرآن .

وقال أبو العيناء : سمعت إسحاق الموصلي يقول : لم أر الأصمعي يدعي شيئا من العلم ، فيكون أحد أعلم به منه .

وقال الرياشي : سمعت الأخفش يقول : ما رأينا أحدا أعلم بالشعر من الأصمعي ، وخلف ، فقلت له : فأيهما كان أعلم ؟ فقال : الأصمعي ; لأنه كان معه نحو .

وقال أبو العيناء : حدثني كيسان ، قال : قال لي خلف الأحمر : ويلك الزم الأصمعي ، ودع أبا عبيدة ، فإنه أفرس الرجلين بالشعر .

وقال محمد بن يزيد المبرد : كان أبو زيد الأنصاري صاحب لغة وغريب ونحو ، وكان أكثر من الأصمعي في النحو ، وكان أبو عبيدة أعلم من أبي زيد والأصمعي بالأنساب والأيام والأخبار ، وكان الأصمعي بحرا [ ص: 390 ] في اللغة لا يعرف مثله فيها ، وفي كثرة الرواية ، وكان دون أبي زيد في النحو .

وقال أبو العيناء : أخبرني الدعلجي ، غلام أبي نواس قال : قيل لأبي نواس : قد أشخص أبو عبيدة والأصمعي إلى الرشيد ، فقال : أما أبو عبيدة فإنهم إن مكنوه من سفره قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين ، وأما الأصمعي ، فبلبل يطربهم بنغماته .

وقال أبو العيناء أيضا : قال الأصمعي : دخلت أنا وأبو عبيدة على الفضل بن الربيع فقال : يا أصمعي ، كم كتابك في الخيل ؟ قال : قلت : جلد ، قال : فسأل أبا عبيدة عن ذلك فقال : خمسون جلدا ، قال : فأمر بإحضار الكتابين ، ثم أمر بإحضار فرس ، فقال لأبي عبيدة : اقرأ كتابك حرفا حرفا ، وضع يدك على موضع موضع ، فقال أبو عبيدة : لست أنا ببيطار ، إنما هذا شيء أخذته ، وسمعته من العرب ، وألفته ، فقال لي : يا أصمعي ، قم فضع يدك على موضع موضع من الفرس ، فقمت فحسرت عن ذراعي وساقي ، ثم وثبت فأخذت بأذني الفرس ، ثم وضعت يدي على ناصيته ، فجعلت أقبض منه بشيء شيء ، وأقول : هذا اسمه كذا ، وأنشد فيه حتى بلغ حافره ، قال : فأمر لي بالفرس ، فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته .

وقال أبو بكر بن دريد : أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال : كان [ ص: 391 ] أبو عبيدة يقول : كان الأصمعي بخيلا ، فكان يجمع أحاديث البخلاء ، ويتحدث بها ، ويوصي بها ولده .

وقال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، عن محمد بن سلام الجمحي : كنا مع أبي عبيدة في جنازة ننتظر إخراج الميت ، ونحن بقرب دار الأصمعي ، فارتفعت ضجة من دار الأصمعي ، فبادر الناس ليعرفوا ذلك ، فقال أبو عبيدة : إنما يفعلون هذا عند الخبز ، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفا !

وقال الحارث بن أبي أسامة ، عن يحيى بن حبيب ، عن الأصمعي : بلغت ما بلغت بالعلم ، ونلت ما نلت بالملح .

قال : وقال مصعب الزبيري : قال أبي : الملح يا بني لا يفهمها إلا عقلاء الرجال .

وقال أبو حمزة الأنصاري : قال الأصمعي : رآني أعرابي ، وأنا أطلب العلم ، فقال : يا أخا الحضر عليك بلزوم ما أنت عليه ، فإن العلم زين في المجلس ، وصلة بين الإخوان ، وصاحب في الغربة ، ودليل على المروءة ، ثم أنشأ يقول :


تعلم فليس المرء يخلق عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل     وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه المحافل



وقال أبو العباس المبرد : قال الأصمعي : رآني أعرابي ، وأنا أكتب كل ما يقول ، فقال : ما تدع شيئا إلا نمصته ، أي : نتفته .

[ ص: 392 ] قال : وقال له بعض الأعراب - وقد رآه يكتب كل شيء - :

ما أنت إلا الحفظة تكتب لفظ اللفظة .

قال : وقال له آخر : أنت حتف الكلمة الشرود .

أخبرنا أبو العز الشيباني قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي قال : أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ قال : أنبأنا الحسين بن محمد بن جعفر الرافعي قال : أخبرنا أحمد بن كامل القاضي قال : حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن عمر بن بكير النحوي قال : لما قدم الحسن بن سهل العراق قال : أحب أن أجمع قوما من أهل الأدب فيحضرون بحضرتي في ذاك ، فحضر أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والأصمعي ، ونصر بن علي الجهضمي ، وحضرت معهم فابتدأ الحسن فنظر في رقاع كانت بين يديه للناس في حاجاتهم ، ووقع عليها وكانت خمسين رقعة ، ثم أمر فدفعت إلى الخازن ، ثم أقبل علينا ، فقال : قد فعلنا خيرا ، ونظرنا في بعض ما نرجو نفعه من أمور الناس والرعية ، فنأخذ الآن فيما يحتاج إليه ، فأفضنا في ذكر الحفاظ فذكرنا الزهري وقتادة ومررنا ، فالتفت أبو عبيدة فقال : ما الغرض أيها الأمير في ذكر ما مضى ، وإنما نعتمد في قولنا على حكاية عن قوم ونترك ما نحضره هاهنا ، من يقول : إنه ما قرأ كتابا قط ، فاحتاج إلى أن يعود فيه ، ولا دخل قلبه شيء فخرج عنه ! فالتفت الأصمعي ، فقال : إنما يريدني بهذا القول أيها الأمير ، والأمر في ذلك .

[ ص: 393 ] على ما حكى ، وأنا أقرب عليه ; قد نظر الأمير فيما نظر فيه من الرقاع ، وأنا أعيد ما فيها وما وقع به الأمير على رقعة رقعة ، على توالي الرقاع ، قال : فأمر فأحضر الخازن ، وأحضرت الرقاع ، وإذا الخازن قد شكها على توالي نظر الحسن فيها ، فقال الأصمعي : سأل صاحب الرقعة الأولى كذا ، واسمه كذا ، فوقع له بكذا ، والرقعة الثانية والثالثة ، حتى مر في نيف وأربعين رقعة ، فالتفت إليه نصر بن علي فقال : يا أيها الرجل ، ابق على نفسك من العين ، فكف الأصمعي .

قال أبو سعيد السيرافي : قال أبو العيناء : توفي الأصمعي بالبصرة ، وأنا حاضر في سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وصلى عليه الفضل بن إسحاق .

قال أبو سعيد : ويقال : مات الأصمعي في سنة ست عشرة أو سبع عشرة ومائتين .

وقال محمد بن يحيى النديم ، عن أبي العيناء : كنا في جنازة الأصمعي سنة خمس عشرة ومائتين ، فذكر حكاية .

وقال خليفة بن خياط : مات سنة خمس عشرة ومائتين .

[ ص: 394 ] وقال أبو موسى محمد بن المثنى والبخاري : مات سنة ست عشرة ومائتين .

وقال محمد بن يونس الكديمي : مات سنة سبع عشرة ومائتين .

وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : بلغني أن الأصمعي بلغ ثمانيا وثمانين سنة .

روى له البخاري قوله في تفسير الجزر والوكت ، في آخر باب رفع الأمانة من كتاب الرقاق ، وروى له مسلم في مقدمة كتابه وأبو داود في تفسير أسنان الإبل من " السنن " ، وفي " القدر " ، والترمذي في تفسير حديث أم زرع .

التالي السابق


الخدمات العلمية