تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
4105 - (م سي) : علي بن عثام بن علي العامري الكلابي ، أبو الحسن الكوفي ، نزيل نيسابور .

وقد ذكرنا باقي نسبه في ترجمة أبيه عثام بن علي .

روى عن : أحمد بن حنبل ، وهو أكبر منه ، وحفص بن [ ص: 58 ] غياث ، وأبي أسامة حماد بن أسامة ، وحماد بن زيد ، وداود بن نصير الطائي ، وسعير بن الخمس التميمي (م سي) ، وسفيان بن عيينة ، وشريك بن عبد الله ، وعبد الله بن إدريس ، وعبد الله بن داود الخريبي ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد السلام بن حرب ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وأبيه عثام بن علي ، وعمرو بن عاصم ، وفضيل بن عياض ، ومالك بن أنس ، ومحاضر بن المورع ، ومحمد بن جعفر غندر ، ومحمد بن فضيل بن غزوان ، ومخلد بن الحسين ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن يحيى النيسابوري وهو من أقرانه ، ويحيى بن يمان ، وأبي بكر بن عياش ، وأبي حفص الجزري ، وأبي خالد الأحمر .

روى عنه : أحمد بن سعيد الدارمي ، وإسحاق بن راهويه ، وأيوب بن الحسن النيسابوري الزاهد ، والحسين بن جعفر بن منصور (سي) ، وسلمة بن شبيب ، وسهل بن عاصم ، وعلي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي ، وعلي بن الحسن بن أبي مريم ، وعلي بن سلمة اللبقي ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء وهو راويته ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ويحيى النيسابوري وهو من أقرانه ، ويوسف بن يعقوب الصفار (م) .

[ ص: 59 ] قال أبو حاتم : ثقة .

وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : علي بن عثام بن علي أبو الحسن الكوفي ساكن نيسابور ، أديب ، فقيه ، حافظ ، زاهد ، واحد عصره ، وكان لا يحدث إلا بعد الجهد ، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات والزهديات والأشعار ، والتفسير ، وأقاويله في الجرح والتعديل .

قرأت بخط أبي عمرو المستملي سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول : ما رأيت مثل علي بن عثام في العسرة في الحديث ، وكان يقول : الناس لا يؤتون من حلم ، يجيء الرجل فيسأل فإذا أخذ غلط ، ويجيء الرجل فيأخذ ثم يصحف ، ويجيء الرجل فيأخذ ليماري صاحبه ، ويجيء الرجل فيأخذ ليباهي به ، وليس علي أن أعلم هؤلاء إلا رجل يجيئني فيهتم لأمر دينه ، فحينئذ لا يسعني أن أمنعه .

وقال محمد بن عبد الوهاب : سمعت علي بن عثام يقول : سئل مالك بن أنس عن الشطرنج ، فقال مالك للسائل : أمن الحق هو ؟ قال : لا . قال : فماذا بعد الحق إلا الضلال !

وقال أيضا : سمعت علي بن عثام يقول : قال سريج وكان من علية مشايخنا : أنجح الدعاء على الله : ما شاء الله .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : كانت أم حاتم من أسخى الناس ، فقيل : أجيعوها جوعا فلعلها تمسك ، فأجيعت ، فقالت : جعت جوعة فآليت لا أمنع الدهر جائعا .

[ ص: 60 ] وقال : كان علي بن عثام إذا دخل الحمام ذهب إلى دستجرد هاني فأعطى الحمامي درهمين ، وقال : أخرج من فيه ، فيدخل وحده فيصنع ما بدا له في الحمام من اطلاء وغيره .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : إن طريق البر سهل ، وإن طريق القطيعة وعر .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : قال مخلد بن الحسين : صحبت عتبة الغلام ، ويحيى الواسطي وكأنهما عيبتهما الملائكة .

قال : وقال عتبة : اشتروا لي فرسا يغيظ العدو إذا رآه .

قال : وكان يقال : إن كان أحد قلبه معلق بالعرش فعتبة الغلام كان يخرج فيقال له : استقبلك أحد ؟ فيقول : لا ، اشتغالا بما هو فيه .

قال : فأصاب الناس ظلمة فخرج عتبة فقيل له : ظلمة ، ويداه على رأسه ، وهو يقول : يا عتبة ، وأنت تشتري التمر بالقراريط! إلى هنا عن محمد بن عبد الوهاب عن علي بن عثام .

وقال الحسين بن منصور بن جعفر : سمعت علي بن عثام يقول : قلت لأحمد بن حنبل : من أسأل ؟ قال : بشر بن الحارث ، وما أراه يجيب .

وقال أيضا : حدثنا علي بن عثام ، قال : قال داود الطائي : إنما يسأل السلامة من لم يقع ، فأما من وقع فإنما يسأل الخلاص .

[ ص: 61 ] قال : وكان يقول : اللهم خلص خلص !

وقال علي بن الحسن الهلالي : حدثني علي بن عثام ، قال : قال كهمس الهلالي : بكيت على ذنب عشرين سنة . قالوا : وما هو ؟ قال : غديت رجلا فأخذت من جدار جار لي قطعة لبن ليغسل يده .

قال : وقال عطاء السليمي : بكيت على ذنب أربعين سنة ، صدت حمامة ، وإني أحمد الله إليكم ، تصدقت بثمنها على المساكين !

وقال محمد بن شاذان : سمعت بشر بن الحكم يقول : كان علي بن عثام يدلنا على المشيخة وهو غلام ، وفي رأسه قلنسوة طويلة .

وقال الحسين بن منصور بن جعفر : سمعت علي بن عثام يقول : أتيت غندرا ، فذكر من فضله وعلمه بحديث شعبة ، فقال : هات كتابك ، فأبيت إلا أن يخرج كتابه ، قال : فأخرجه ، وقال : يزعم الناس أني اشتريت سمكا ، فأكلوه ولطخوا يدي ونمت ، فلما استيقظت وطلبته ، قالوا : شم يدك ، فما كان يدلني بطني ، وكان مغفلا .

وقال أيضا : سمعت علي بن عثام ، وقال له رجل : كيف حديث العقبة ؟ قال : كيف يصح وهو كذب ، من حدث به فهو فاسق فاجر كاذب . فلما خرج السائل ، قال : كلكم يا بني حمان مزكوم ، ما ذكر العقبة إنسان فيه خير . ثم قال لي : يزعم الرافضة [ ص: 62 ] أن عمر نفر برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته يعني ليلة العقبة كما قال الشيخ الخبيث .

وقال أيضا : سمعت علي بن عثام يقول : عبيدة ومسروق وسريج وعامة من شهد القادسية جاهليون وإسلاميون .

وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء : أخبرنا علي بن عثام عند يحيى بن يحيى قال : حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن إسحاق قال : قدم علينا عبد الرحمن بن الأسود معتلا من رجله ، وكان يقوم على رجل حتى يصبح . قال علي : وكان الأسود ذهبت عينه ، ولم يعلم بها ما شاء الله .

وقال : سمعت علي بن عثام يذكر عن أبيه قال : قيل للأعمش : ألا تموت فنحدث عنك ؟ قال : كم من حب أصبهاني قد تكسر على رأسه كيزان كثيرة .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : جاء رجل إلى شريك ، فقال : إني تزوجت جارية فإذا أردتها قالت : تقتلني تقتلني ، قال : إن قتلتها فعلي ديتها .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : مر أبو حنيفة بالمدينة وأميرها رجل علوي يقال له : الحسين بن زيد فقال لغلام أسود مائق : قم إلى هذا الشيخ فخذ بلجام دابته ، فقل له : من خير [ ص: 63 ] الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فإن قال : أبو بكر ، فاهشم أنفه . فقام إليه ، فأخذ بلجامه ، فقال : من خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : العباس بن عبد المطلب .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : بلغني أن أم حكيم بن حزام ولدت حكيم بن حزام في جوف الكعبة فمخضت به فولدته .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : قل للذين يزعمون أن فلانا غلط وصحف يخرجوا كتبهم ، فلو أبرزوها لرأيت فيها العجائب ، ولكن الرجل يذاكر عشرين سنة حتى يعرف حديثه .

وقال : دفت إلينا دافة من بني هلال ، وهم من أفصح الناس ، فخرج على بعضهم بني له : فقال : يا أبة ، إن فلانا دفعني في حومة الماء . قلت : يا بني ، وما حومة الماء ؟ قال : بعثطه . فقلت : وما بعثطه يا بني ؟ قال : مجمة الماء . قلت : وما مجمة الماء ؟ فقال كلمة لم أحفظها .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : قام سائل ، فقال : نقص الكيل ، وعجفت الخيل ، وقل النيل ، وسعت وشاة بيننا وبين بني فلان فما ينقخ في وضح ونحن في عيال جدبة ، فمن يقرض الله قرضا حسنا فإن الله لم يسأل القرض من عدم ، ولكن ليبلو الأخبار ، ويجزي بالأعمال .

وقال : قلت لعلي بن عثام : لا يجنى عليك ولا يجنى عليه ؟ [ ص: 64 ] ففسره لي على معنى أنه لا يؤخذ الواحد منا بجريرة صاحبه .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : إنما أخذ العقل من عقال الإبل ، وذلك أنها تنزع من أوطانها فتشرد ، فترجع إلى أوطانها ، فكذلك العقل يعقل صاحبه . وقال عامر بن عبد قيس : إذا عقلك عقلك عما لا ينبغي فأنت عاقل .

قال : وقلت لعلي بن عثام : من أفصح الناس ؟ قال : هوازن الذين استرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم .

قال : وسألت علي بن عثام عن الهجان ، فقال : الهجان : كرائم كل شيء ، وأم إبراهيم هجان اللون ، حسنة اللون .

قال : وسمعت علي بن عثام يقول : من لم يتعلم الشعر لم يتقن الحديث .

وقال : سألت علي بن عثام عن الغلوة ، فقال : هو أن يرمى السهم هكذا في السماء ، فحيث ما وقع فهو غلوة .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : كانت خراسان وأرمينية يسميان الفرخين . وقال الحجاج بن يوسف : إن أمير المؤمنين ولاني الفرخين . يعني : خراسان وأرمينية .

وقال : قلت لعلي بن عثام : ما الذفرى ؟ قال : أما رأيت ما ينطف من البعير ؟ ! وقال : سألت علي بن عثام عن قول الربيع بنت معوذ : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقناع من تمر وأجر زغب . قال : قثاء ، وهي تسمى الجراء ، والواحد جرو وجرو ، والجمع أجر .

وقال : قال علي : حروراء على شاطئ الفرات ، وبها سميت [ ص: 65 ] الحرورية وطين الكوفة الجر للسطوح من حروراء .

قال : وسمعت علي بن عثام يحدث عن أبيه عن الأعمش قال أتاني أبو الصنارة بمال لا ضرب له به ، قال : ففرقتها ، فأتاني بعد أيام فقال : يا مهران بن مهران قال : يصغره - أين الربح ؟ قال : قلت : إنما كانت منذ أيام . قال : رد علي مالي يا مهران بن مهران . قال : فاستقرضت له دون ماله فدفعتها إليه ، فأتاني بها في طرف ثوبه ، فقال : يا مهران بن مهران إني أعطيتكها بيضا طازجة كأن في خلالها ألبان الشول ، وهذه سود مكسرة كأنها أظفار جراء في خلالها دخان الطرفاء ، لقد أتيتني بها شيطانية وخزفا .

وقال : سمعت علي بن عثام يقول : شهد أعرابي على رجل بالزنا فقال : لم أره يهب فيها كما يهب الميل في المكحلة ، ولكني رأيت هذا يحفزها بمؤخره ويحيدها ، وخفي علي المسلك . قال : وشهد أعرابي على رجلين فقال : رأيت هذا شال الحجر ، وهذا شال الحجر ، ثم التقوا ، ثم تفرق القوم فرأيت هذا يستدمي .

إلى هنا عن محمد بن عبد الوهاب عن علي بن عثام .

وقال أبو العباس محمد بن يحيى البشاني الأديب : سمعت [ ص: 66 ] أبي يقول : سألت علي بن عثام العامري الفقيه عن أسامي العرب ، قال : كانت العرب تسمي أولادها على الفأل ، وإذا ولد له ولد يخرج ، فأول شيء يستقبله سماه به : كلب ، وكليب ، وجري ، وعرفطة ، وعوسجة ، ولم يكن إسماعيل وإسحاق ويعقوب ، وهذه الأسماء من أسماء العرب .

قال الحاكم أبو عبد الله : قرأت بخط أبي عمرو المستملي سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول : ورد علي بن عثام العامري نيسابور سنة خمس ومائتين فسكنها ، فلما ورد عبد الله بن طاهر بعث إليه يسأله حضور مجالسه ، فأبى عليه وتشفع بإسحاق بن راهويه حتى أعفاه ، ثم خرج من نيسابور سنة خمس وعشرين ومائتين ، فحج ، ثم خرج إلى طرسوس فسكنها إلى أن توفي بطرسوس سنة ثمان وعشرين ومائتين .

زاد غيره : في آخر أيام التشريق .

روى له مسلم حديثا ، والنسائي في " اليوم والليلة " حديثا ، وقد كتبنا حديث مسلم في ترجمة سعير بن الخمس .

التالي السابق


الخدمات العلمية