تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
49 - (خ د تم) : أحمد بن صالح المصري ، أبو جعفر الحافظ . [ ص: 341 ] المعروف بابن الطبري .

كان أبوه من أهل طبرستان من الجند . وكان أبو جعفر أحد الحفاظ المبرزين والأئمة المذكورين .

روى عن : إبراهيم بن الحجاج من أصحاب عبد الرزاق ، وأسد بن موسى المصري (د) ، وإسماعيل بن أبي أويس المدني (د) ، وحرمي بن عمارة بن أبي حفصة البصري ، وخالد بن نزار الأيلي ، وسفيان بن عيينة (د) ، وسلامة بن روح الأيلي ، وعبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني ، وعبد الله بن نافع الصائغ (د) ، وعبد الله بن وهب (خ د تم) ، وعبد الرزاق بن همام (د) ، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري (د) ، وعفان بن مسلم الصفار البصري ، وعنبسة بن خالد الأيلي (خ د) ، وأبي نعيم الفضل بن دكين الكوفي ، وقدامة بن محمد الخشرمي ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك (د) ، ويحيى بن حسان التنيسي (د) ، ويحيى بن محمد الجاري (د) .

روى عنه : البخاري ، وأبو داود ، وإبراهيم بن عمرو بن ثور الزوفي ، وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد ، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري ، وإسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ، وإسماعيل بن عبد الله الأصبهاني سمويه ، وإسماعيل بن محمد بن قيراط الدمشقي ، وصالح بن محمد البغدادي الحافظ . [ ص: 342 ] المعروف بجزرة ، والعباس بن محمد بن العباس البصري ، وعبد الله بن أبي داود السجستاني وهو آخر من حدث عنه ، وعبد الله بن عبدويه النسفي ، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعبيد بن رجال المصري ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وعمر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص الخزاعي المصري ، وعمر بن أبي عمر العبدي البلخي ، وعمرو بن محمد بن بكير الناقد وهو من أقرانه ، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير الهمداني وهو من أقرانه ، وأبو موسى محمد بن المثنى وهو من أقرانه ، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي ، ومحمد بن هارون بن حسان البرقي ، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد قاضي عكبرا ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي ، ومحمود بن غيلان المروزي وهو من أقرانه ، وموسى بن سهل الرملي (د) ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، ويوسف بن موسى المروذي . وسمع منه النسائي ولم يحدث عنه .

قال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة عن محمد بن عبد الله بن نمير : سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول : ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى - يريد : أحمد بن صالح .

وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر . [ ص: 343 ] يقول : سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول : قدمت العراق فسألني أحمد بن حنبل : من خلفت بمصر ؟ قلت : أحمد بن صالح . فسر بذكره ، وذكر خيرا ، ودعا الله له .

وقال أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري : سمعت أبا الحسن علي بن محمود الهروي يقول : قلت لأحمد بن حنبل : من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب ؟ قال : أحمد بن صالح المصري ، ومحمد بن يحيى النيسابوري .

وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ : سمعت يعقوب بن سفيان يقول : كتبت عن ألف شيخ وكسر ، كلهم ثقات ما أحد منهم أتخذه عند الله حجة إلا رجلين : أحمد بن صالح بمصر ، وأحمد بن حنبل بالعراق .

وقال البخاري : أحمد بن صالح ثقة صدوق ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة ، كان أحمد بن حنبل وعلي وابن نمير وغيرهم يثبتون أحمد بن صالح ، كان يحيى يقول : سلوا أحمد فإنه أثبت .

وقال الحاكم أبو عبد الله : أخبرني أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل ، قال : سمعت صالح بن محمد بن حبيب يقول : قال أحمد بن صالح المصري : كان عند ابن وهب مائة ألف حديث كتبت عنه خمسين ألف حديث ، قال : ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث ولا يحفظ غير أحمد بن صالح ، كان يعقل الحديث ويحسن أن يأخذ ، وكان رجلا جامعا يعرف الفقه والحديث والنحو ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وأهل العراق ، وكان قدم العراق وكتب عن عفان وهؤلاء ، وكان يذاكر بحديث الزهري ويحفظه .

[ ص: 344 ] قال : وقال أحمد : كتبت عن ابن زبالة مائة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث ، فتركت حديثه ، قال : وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ويقع في حرملة ، ويونس بن عبد الأعلى .

وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت محمد بن موسى الحضرمي يعرف بأخي أبي عجيبة بمصر يقول : سمعت بعض مشايخنا يقول : قال أحمد بن صالح : صنف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث ، فعند بعض الناس منها الكل - يعني : حرملة - وعند بعض الناس منها النصف - يعني نفسه .

وقال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : حدثنا أحمد بن صالح ، وإذا جاوزت الفرات ، فليس أحد مثله .

وقال أبو العباس بن عقدة : حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، قال : سمعت ابن نمير وذكر أحمد بن صالح ، فقال : هو واحد الناس في علم الحجاز والمغرب ، فهم ، وجعل يعظمه ، وحدثنا عنه بغير شيء .

وقال أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه الهروي : سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يحكي عن محمد بن مسلم بن وارة ، قال : أحمد بن صالح بمصر وأحمد بن حنبل ببغداد وابن نمير بالكوفة والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين .

وقال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي : أحمد بن صالح مصري ثقة صاحب سنة .

[ ص: 345 ] وقال أبو حاتم : ثقة ، كتبت عنه بمصر وبدمشق وبأنطاكية .

وقال أبو زرعة الدمشقي : ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومائتين ... فذكر حديثا .

وقال أبو عبيد محمد بن علي الآجري : سمعت أبا داود يقول : كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح ، وكان لا يحدث عنه ، وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث وكان لا يحدث عنه . وحدث أحمد بن صالح ولم يبلغ الأربعين ، وكتب عباس العنبري عن رجل عنه ، وقال : كان أحمد بن صالح يقوم كل لحن في الحديث .

وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الغزال : أحمد بن صالح ، طبري الأصل ، كان من حفاظ الحديث ، واعيا رأسا في علم الحديث وعلله ، وكان يصلي بالشافعي ، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم منه بالآثار .

وقال أبو سعيد بن يونس : أحمد بن صالح ، كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم . ولد أحمد بمصر ، وكان حافظا للحديث .

ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوما أحمد بن صالح ، فرماه وأساء الثناء عليه ، وقال : حدثنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف . قال أبو سعيد : ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال النسائي ، ولم يكن له آفة غير الكبر .

وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت عبدان الأهوازي يقول : سمعت أبا داود السجستاني يقول : أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون - يعني ليس بذاك في الجلالة - .

قال أبو أحمد : وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول : [ ص: 346 ] كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار ، فيركبه إلى صلاة الجمعة ، وكنت جالسا عند حرملة في الجامع ، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع فنظر إلينا ، وإلى حرملة ، ولم يسلم فقال حرملة انظروا إلى هذا بالأمس يحمل دواتي - يعني المحبرة - واليوم يمر بي فلا يسلم .

وقال أيضا : سمعت محمد بن سعد السعدي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول : سمعت معاوية بن صالح قال : سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح فقال : رأيته كذابا يخطر في جامع مصر .

وقال عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، عن أبيه أبو جعفر : أحمد بن صالح مصري ليس بثقة ، ولا مأمون ، تركه محمد بن يحيى ، ورماه يحيى بن معين بالكذب ، حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف .

قال ابن عدي : وكان النسائي سيئ الرأي فيه ، وينكر عليه أحاديث منها عن ابن وهب عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الدين النصيحة " ، قال ابن عدي : وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث ، وخاصة لحديث الحجاز ، ومن المشهورين بمعرفته ، وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه ، ومحمد بن يحيى ، واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز ، وعلى معرفته ، وحدث عنه من حدث من الثقات ، واعتمدوه حفظا ، وإتقانا .

[ ص: 347 ] وكلام ابن معين فيه تحامل ، وأما سوء ثناء النسائي عليه ، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول : هذا الخراساني يتكلم في أحمد بن صالح ، وحضرت مجلس أحمد بن صالح ، وطرده من مجلسه ، فحمله ذلك على أن يتكلم فيه .

قال : وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه ، فالقول ما قاله أحمد لا ما قاله غيره ، وحديث : " الدين النصيحة " الذي أنكره النسائي عليه قد [ ص: 348 ] رواه عن ابن وهب يونس بن عبد الأعلى ، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة وغيره ، وأحمد بن صالح من أجلة الناس ، وذلك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول : كتب إلي أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري .

قال ابن عدي : ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه متكلم ، لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره .

وقال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني المقرئ ، عن مسلمة بن القاسم الأندلسي : الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله ، وأن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه . وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح رحمه الله كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة ، وكان يحدثه ويبذل له علمه ، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة ، فأتى النسائي ليسمع منه ، فدخل بلا إذن ، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة ، فلما رآه في مجلسه أنكره ، وأمر بإخراجه ، فضعفه النسائي لهذا .

وقال أبو بكر الخطيب : احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح سوى أبي عبد الرحمن النسائي ، فإنه ترك الرواية عنه ، وكان يطلق لسانه فيه ، وليس الأمر على ما ذكر النسائي . ويقال : كان آفة أحمد بن صالح الكبر ، وشراسة الخلق ، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما .

وقال عبد الله بن محمد بن سيار : سمعت بندارا يقول : كتب إلي أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث - أي إجازة - وسألته أن يجيز [ ص: 349 ] لي ، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير ، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذاك إلي .

قال الخطيب : نرى أن هذا الذي قاله بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إياه ذلك إنما حمله عليه سوء الخلق .

ولقد بلغني أنه كان لا يحدث إلا ذا لحية ، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه ، فلما حمل أبو داود السجستاني ابنه إليه ليسمع منه - وكان إذ ذاك أمرد - أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس ، فقال له أبو داود : هو وإن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت ، فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها ، فحدثه حينئذ ولم يحدث أمرد غيره .

قال : وكان أحد حفاظ الأثر ، عالما بعلل الحديث ، بصيرا باختلافه ، ورد بغداد قديما ، وجالس بها الحفاظ ، وجرى بينه وبين أبي عبد الله أحمد بن حنبل مذاكرات ، وكان أبو عبد الله يذكره ويثني عليه ، وقيل : إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا ، ثم رجع أحمد إلى مصر ، فأقام بها ، وانتشر عند أهلها علمه ، وحدث عنه الأئمة منهم : محمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وذكر آخرين ، ثم قال : ومن الشيوخ المتقدمين محمد بن عبد الله بن نمير ومحمود بن غيلان وغيرهما .

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، [ ص: 350 ] أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد ، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البناء ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد ابن المسلمة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا أحمد بن صالح المصري ، حدثنا عنبسة بن خالد ، حدثنا يونس بن يزيد ، قال : سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وما يذكر في ذلك ، فقال : كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت ، قال : كان الناس يتبايعون الثمار فإذا جد الناس ، وحضر تقاضيهم - قال أبو جعفر : أظنه يقاضيهم - قال المبتاع : إنه أصاب الثمار الدمان وأصابه قشام ، وأصابه مراض ، عاهات يحتجون بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإما لا [فلا] يتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها ، كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم " .

قال أبو بكر : إني شاك لا أدري سمعت هذه الكلمة من قول أحمد وهو في كتابي مجاز عليه ، قال أبو جعفر : والصواب : الدمان .

[ ص: 351 ] رواه أبو داود عن أحمد بن صالح نحوه فوقع لنا موافقة له عالية .

قال أبو زرعة الدمشقي : قال أحمد بن صالح : حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار فأعجبه واستزادني مثله ، فقلت : ومن أين مثله ؟ .

أخبرنا أبو العز الشيباني ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي ، قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول : سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول : قدمت مصر ، فأتيت أحمد بن صالح ، فسألني : من أين أنت ؟ قلت : من بغداد . قال : أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل ؟ قلت : أنا من أصحابه . قال : تكتب لي موضع منزلك ، فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل . فكتبت له ، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان فسأل عني ، فلقيني ، فقال : الموعد الذي بيني وبينك ، فذهبت به إلى [ ص: 352 ] أحمد بن حنبل واستأذنت له ، فقلت : أحمد بن صالح بالباب ، فأذن له ، فقام إليه ، ورحب به ، وقربه ، وقال له : بلغني أنك جمعت حديث الزهري ، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا .

قال : وما رأيت أحسن من مذاكرتهما . ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين " ، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا ؟ ! فجعل أحمد بن حنبل يتبسم ويقول : رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح : عبد [ ص: 353 ] الرحمن بن إسحاق .

فقال : من رواه عن عبد الرحمن ؟ فقال : حدثناه رجلان ثقتان : إسماعيل ابن علية وبشر بن المفضل . فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : سألتك بالله إلا أمليته علي . فقال أحمد : من الكتاب . فقام فدخل ، وأخرج الكتاب وأملى عليه .

فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا ! ثم ودعه وخرج .

أخبرنا به عاليا المشايخ الأربعة : الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسيان ، وأبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج الرصافي ، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد ابن المذهب التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا ابن إسحاق - يعني عبد الرحمن - عن الزهري ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن لي حمر النعم ، وأني أنكثه " .

وبه حدثني أبي ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني [ ص: 354 ] أنكثه " .

قال الزهري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة ولا حلف في الإسلام " .

وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار .

قال أبو سعيد بن يونس : ولد بمصر سنة سبعين ومائة .

وقال هو والبخاري وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ، وأبو سليمان بن زبر ، وغير واحد : توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين .

وروى له الترمذي في (الشمائل) .

التالي السابق


الخدمات العلمية