تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
6338 - (بخ م 4) : ميمون بن مهران الجزري ، أبو أيوب [ ص: 211 ] الرقي ، كان مملوكا لامرأة من أهل الكوفة من بني نصر ، فأعتقته ، وبها نشأ ثم نزل الرقة .

روى عن : الزبير بن العوام ( ق ) ، مرسل ، وعن سعيد بن جبير ( د س ق ) ، وسعيد بن المسيب ، وشيبان بن محزم ( عس ) ، والضحاك بن قيس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عباس ( م 4 ) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ( تم ق ) ، وعدي بن عدي الكندي ، وعمر بن الخطاب ( ق ) ، مرسل ، وعمر بن عبد العزيز ، وعمرو بن عثمان بن عفان ، ومقسم ( د ق ) ، ونافع مولى ابن عمر ( بخ د ) ، ويزيد بن الأصم ( د ) ، وأبي هريرة ( ق ) ، وصفية بنت شيبة ، وعائشة أم المؤمنين ( ق ) ، وأم الدرداء .

روى عنه : أبان بن أبي راشد القشيري ، وإسحاق بن راشد الجزري ، وأيوب السختياني ، وبرد بن سنان الشامي ، وجعفر بن برقان ( د ق ) ، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية ( م د ) ، وحبيب بن الشهيد ( د ت س ) ، والحجاج بن أرطاة ، والحجاج بن تميم ( ق ) ، والحكم بن عتيبة ( م ) ، وحميد الطويل ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وزيد بن أبي أنيسة ، وسالم بن أبي المهاجر ( ق ) ، وسعيد الجريري ، وسلمة بن عبد الحميد ، وسليمان الأعمش وسلام المعلم ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، وعلي بن بذيمة ، وعلي بن الحكم البناني ( د س ق ) ، وابنه عمرو بن ميمون بن مهران ( ق ) ، وفرات بن السائب ، وفرات بن سلمان ، ومحمد بن أيوب بن سعد الرقي ، ومحمد بن زياد الميموني ، ومعقل بن عبيد الله الجزري ، ونصر بن المثنى الأشجعي ، والنضر بن عربي ، والوليد بن زروان ، وأبو فروة [ ص: 212 ] يزيد بن سنان الرهاوي ( ق ) ، وأبو المليح الرقي ( بخ د ) .

ذكره أبو عروبة الحراني في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة .

وقال أبو الحسن الميموني : نحن من سبي إصطخر .

وقال خليفة بن خياط : ميمون بن مهران ، مولى الأزد ، ويقال : مولى لباهلة ، ويقال : مولى لبني نصر بن معاوية .

وقال كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان : حدثنا ميمون بن مهران ، أن عمر بن عبد العزيز سأله : من مواليك يا ميمون؟ فقال : كانت أمي مولاة للأزد ، وكان أبي مكاتبا لبني نصر بن معاوية فولدت ، وأبي مكاتب فقال عمر : مواليك موالي أمك .

قال كثير بن هشام : وكانت بنت سعيد بن جبير امرأة ميمون .

وحكى البخاري ، عن ميمون بن مهران قال : كانت أمي لبني نصر بن معاوية من قيس عيلان ، وولدت أنا وأمي حرة وكان أبي للأزد ، كذا قال والمحفوظ الأول .

وقال الهيثم بن عدي ، عن عمرو بن ميمون بن مهران قلت لأبي : ممن أنت؟ فقال : كان أبي مكاتبا لبني نصر بن معاوية ، [ ص: 213 ] فعتق ، وكنت أنا مملوكا لامرأة من الأزد من ثمالة يقال لها : أم نمر فأعتقتني ، فلم أزل بالكوفة حتى كان هيج الجماجم ، فتحولت إلى الجزيرة ، وكان أول أمر الجماجم في سنة ثمانين ، وكانت وقعة دجيل في آخر سنة إحدى وثمانين ، وكان آخر الجماجم في أول سنة اثنتين وثمانين .

وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، سمعت ميمون بن مهران يقول : أتاني مولى أمي فقال ما تريد أن تدعى إلى غير مواليك ، وقد علمت ما قيل في ذلك ؟ قال قلت : وفعلت . قال فأخرج براءة ، فإذا فيها براءة من ميمون بن مهران مولى بني نصر ، فقلت له : إنما نسبت نفسي إلى أبي ، ونسبت أبي إلى مواليه بني نصر .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فيما كتب إلي ، قال : سمعت أبي يقول : ميمون بن مهران ثقة ، أوثق من عكرمة .

وقال إسحاق بن إبراهيم الحربي ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، سمعت أبي يقول : ميمون بن مهران أوثق من عكرمة ، ميمون ثقة ، وذكره بخير .

[ ص: 214 ] وقال أحمد بن عبد الله العجلي : جزري تابعي ثقة ، وكان يحمل على علي .

وقال أبو زرعة : والنسائي : ثقة .

وقال محمد بن سعد : كان ثقة قليل الحديث .

وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .

وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : جليل .

وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، قال ميمون بن مهران : كنت أفضل عليا على عثمان ، فقال لي عمر بن عبد العزيز : أيهما أحب إليك رجل أسرع في كذا أو رجل أسرع في المال؟ قال : فرجعت ، وقلت : لا أعود .

وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، حدثنا ميمون بن مهران قال : أتيت المدينة ، فسألت عن أفقه أهلها ، فدفعت إلى سعيد بن المسيب ، فجعلت أسأله فقال : إنك تسأل مسألة رجل كأنه قد تبحر ما ها هنا قبل اليوم .

وقال سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن ميمون بن مهران ، قال أبي : أتيت سعيد بن المسيب أسأله فقال : ممن أنت فقلت : [ ص: 215 ] من أهل الجزيرة قال : ما أتاني أحد من أهل بلدك يسألني مسألتك قلت : إني أسأل هناك .

وقال هارون بن أبي هارون العبدي ، عن أبي المليح الرقي ، قال ميمون بن مهران : لقد أدركت من لم يتكلم إلا بحق ، أو يسكت ، وأدركت من لم يكن يملأ عينيه من السماء فرقا من ربه عز وجل ، وأدركت من كنت أستحيي أن أتكلم عنده .

وقال عطاء بن مسلم ، عن جعفر بن برقان ، وفرات بن سلمان ، قالا : كان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى ميمون بن مهران قال : إذا ذهب هذا وضربه صار الناس من بعده رجاجا .

وقال مبشر بن إسماعيل الحلبي ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فلما قمت من عنده ، قال : إذا ذهب هذا ، وضرباؤه صار الناس بعده رجراجة .

وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى : إن جاءنا العلم من ناحية الجزيرة عن ميمون بن مهران قبلناه ، وذكر الزهري ، ومكحولا ، والحسن البصري ، وقال : كان هؤلاء الأربعة علماء الناس في زمن هشام .

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : سمعت أبا عبد الرحمن الغلابي [ ص: 216 ] يقول حدثني بعض الشاميين قال سأل عبد الملك بن مروان عن فقيه أهل الجزيرة فقيل : ميمون بن مهران في حديث ذكره .

وقال عبد الله بن جعفر الرقي ، عن أبي المليح الرقي : ما رأيت أحدا أفضل من ميمون بن مهران ، قال له رجل يوما : يا أبا أيوب أتشتكي أراك مصفرا ؟ قال : نعم لما يبلغني في أقطار الأرض .

وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، سمعت عمي عمرا يقول : ما كان أبي يكثر الصيام ، ولا الصلاة ، لكنه كان يكره أن يعصى الله .

وقال عيسى بن سالم الشاشي ، عن أبي المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تسبوا أصحاب محمد ، ولا تعلموا النجوم .

وقال سليمان بن داود المنقري : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن سرادة الجرمي ، عن ميمون بن مهران قال : قال لي ابن عباس : يا ميمون لا تشتم السلف ، وادخل الجنة بسلام .

وقال معمر بن سليمان الرقي ، عن فرات بن سلمان ، عن ميمون بن مهران : رجلان لا يصحبهما صاحب : مأكل سوء ، وصاحب بدعة [ ص: 217 ] وقال بقية بن الوليد ، عن الحسن بن عمر الفزاري ، وهو أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : رجلان لا تعظهما ليس تنفعهما العظة : رجل قد لهج بكسب خبيث ، وصاحب هوى قد استغرق فيه .

وقال بقية أيضا ، عن عبد الملك بن أبي النعمان شيخ من أهل الجزيرة ، عن ميمون بن مهران ، قال : خاصمه رجل في الإرجاء فبينما هما على ذلك إذ سمعا امرأة تغني ، فقال ميمون : أين إيمان هذه من إيمان مريم بنت عمران ؟ قال : فلما قالها انصرف الرجل ، ولم يرد عليه شيئا .

وقال عطاء بن مسلم الحلبي ، عن فرات بن سلمان : انتهينا مع ميمون بن مهران إلى دير القائم ، فنظر إلى الراهب ، فقال لأصحابه : فيكم من بلغ من العبادة ما بلغ هذا الراهب؟ قالوا : لا ، قال فما ينفعه ذلك ، ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : لا ينفعه شيء ، قال : كذلك لا ينفع قول إلا بعمل .

وقال أبو المليح الرقي ، عن فرات بن سلمان : كنت في مسجد ملطية ، فتذاكرنا هذه الأهواء ، فانصرفت إلى منزلي ، فألقيت نفسي ، فنمت فسمعت هاتفا يهتف : الطريق مع ميمون بن مهران .

وقال خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان : لم يكن لميمون بن مهران مجلس في المسجد يعرف .

وقال عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن عبد الملك بن زائدة : [ ص: 218 ] ضرب على أهل الرقة بعث ، فجهز فيه ميمون بن مهران بنبال ، فقال مسلمة بن عبد الملك : لقد أصبح أبو أيوب في طاعتنا شمريا .

وقال مروان بن معاوية الفزاري ، عن شيخ من بني شيبان ، كان يسكن الجزيرة يقال له : إبراهيم دخل ميمون بن مهران على سليمان بن عبد الملك أو هشام منزله ، فلم يسلم عليه بالإمرة ، فقال له يا أمير المؤمنين لا ترى أني جهلت ، ولكن الوالي إنما يسلم عليه بالإمرة إذا جلس للناس في موضع الأحكام .

وقال يعلى بن عبيد الطنافسي ، عن هارون البربري : كتب ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز إني شيخ كبير رقيق ، كلفتني أن أقضي بين الناس ، وكان على خراج الجزيرة ، وقضائها ، فكتب إليه إني لم أكلفك ما يعنيك : اجب الطيب من الخراج ، واقض بما استبان لك ، فإذا ألبس عليك شيء فارفعه إلي ، فإن الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمر تركوه لم يقم دين ولا دنيا .

وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، عن عمه عمرو بن ميمون بن مهران ، سمعت أبي يقول : وددت أن إصبعي قطعت من ها هنا ، وأني لم أل . فقلت ولا لعمر؟ قال : لا لعمر ولا لغيره .

وقال يحيى بن يوسف الزمي ، عن أبي المليح الرقي قال [ ص: 219 ] ميمون بن مهران : الظالم ، والمعين على الظلم ، والمحب له سواء .

وقال جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : لا يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه ، وحتى يعلم من أين ملبسه ، ومطعمه ، ومشربه ، أمن حلال ذلك ، أم من حرام .

وقال عيسى بن سالم الشاشي ، عن أبي المليح الرقي ، سمعت ميمون بن مهران يقول : يا أصحاب القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسون به الشف - يعني الربح في الدنيا ، والتمسوا الدنيا بالدنيا ، والتمسوا الآخرة بالآخرة .

قال : وسمعت ميمونا يقول : لا يزال أحدكم حديث عهد بعمل صالح ، فإنه أهون عليه حين ينزل به الموت أن يتذكر عملا صالحا قد قدمه ، قال : وقال لنا ميمون ونحن حوله : يا معشر الشباب قوتكم اجعلوها في شبابكم ونشاطكم في طاعة الله ، يا معشر الشيوخ حتى متى .

وقال أبو جعفر النفيلي وغيره ، عن أبي المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل تاب أو رجل يعمل في الدرجات .

وقال جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : من أحب أن [ ص: 220 ] يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده ، فإنه قادم على ما قدم لا محالة .

وقال سفيان بن عيينة ، عن جامع بن أبي راشد ، سمعت ميمون بن مهران يقول : ثلاث يؤدين إلى البر والفاجر : الرحم توصل برة كانت أو فاجرة ، والأمانة تؤدى إلى البر والفاجر ، والعهد يوفى به للبر والفاجر .

وقال عطاء بن مسلم ، عن جعفر بن برقان ، أو عن شيخ من أهل الرقة ، قال : سمعت ميمون بن مهران يقول : بنفسي العلماء ، وجدت صلاح قلبي في مجالستهم ، هم بغيتي في أرض غربة ، وهم ضالتي إذا لم أجدهم .

وقال مهدي بن ميمون ، عن يونس بن عبيد ، عن ميمون بن مهران : التودد إلى الناس نصف العقل ، وحسن المسألة نصف الفقه ، ورفقك في المعيشة يلقي عنك نصف المؤونة .

وقد روي مرفوعا بإسناد ضعيف .

رواه هشام بن عمار ، عن مخيس بن تميم ، عن حفص بن عمر ، عن إبراهيم بن عبد الله بن الزبير ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة ، والتودد إلى الناس نصف العقل ، وحسن السؤال نصف العلم .

[ ص: 221 ] وقال علي بن جميل الرقي ، عن أبي المليح قال رجل : يا ميمون بن مهران ، يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، فقال له ميمون : أقبل على شانك أيها الرجل فما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .

وعن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران قال : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا كان إسقاط المكروه عنه أحب إلي من تحقيقه عليه ، فإن لم أفعل كان قوله أحب إلي من بينة تشهد عليه بقوله ، وإن قال : قد قلت ولم يعتذر أبغضته من حيث أحببته .

وقال عتاب بن بشير الجزري ، عن علي بن بذيمة قيل لميمون بن مهران : ما لك لا تفارق أخا لك عن قلى ؟ وفي رواية ما لصديقك لا يفارقك عن قلى ؟ قال : لأني لا أماريه ولا أشاريه .

وقال فياض بن محمد الرقي ، عن جعفر بن برقان ، قيل لميمون بن مهران : إن فلانا يستبطئ نفسه في زيارتك ، قال : إذا ثبتت المودة فلا بأس ، وإن طال المكث .

وقال أحمد بن الفرج الحمصي ، عن سلمة بن عبد الملك العوصي ، عن المعافى بن عمران ، عن ميمون بن مهران : من رضي من صلة الإخوان بلا شيء فليؤاخ أهل القبور .

وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : إذا نزل بك ضيف فلا تكلف له ما لا تطيق ، وأطعمه من طعام أهلك ، والقه بوجه طلق ، فإنك إن تكلفت له ما لا تطيق أوشك أن تلقاه بوجه يكرهه .

[ ص: 222 ] وعن ميمون بن مهران أنه كتب إلى ابنه : أن أحسن معونة فلان ، وأعطه من مالك ولا تسأل الناس ، فإن المسألة تذهب بالحياء .

وقال غيره عن ميمون بن مهران : المروءة طلاقة الوجه ، والتودد إلى الناس ، وقضاء الحوائج .

وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، عن عمه عمرو بن ميمون بن مهران ، خرجت مع أبي من المسجد بعد صلاة المغرب ، ومعه رجل فدخل وترك الرجل فقلت : يا أبة ما كان يمنعك أن تعرض عليه؟ قال كرهت أن أعرض عليه أمرا لم يكن في نفسي .

وقال إسماعيل بن علية ، عن يونس بن عبيد : كان طاعون قبل بلاد ميمون بن مهران ، فكتبت إليه أسأله عن أهله فكتب إلي بلغني كتابك تسألني عن أهلي ، وأنه مات من أهلي وحامتي سبعة عشر إنسانا وإني أكره البلاء إذا أقبل فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن ، أما أنت فعليك بكتاب الله ، فإن الناس قد بهؤوا عنه ، قال يونس - يعني نسوه واختاروا عليه الأحاديث أحاديث الرجال ، وإياك والجدال والمراء في الدين ، لا تمارين عالما ولا جاهلا ، فإنك إن ماريت الجاهل خشن بصدرك ، ولم يطعك ، وإن ماريت العالم خزن عنك علمه ، ولم يبال ما صنعت .

وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : من أساء سرا فليتب سرا ، ومن أساء علانية فليتب علانية ، فإن الناس يعيرون ولا يغفرون ، والله يغفر ولا يعير .

وقال خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان ، قال لي [ ص: 223 ] ميمون بن مهران : قل لي يا جعفر في وجهي ما أكره ، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره .

وقال عيسى بن سالم ، عن أبي المليح ، سمعت ميمون بن مهران وأتاه رجل فقال : إن رقية امرأة هشام ماتت ، وأعتقت كل مملوك لها ، فقال يعصون الله مرتين ، يبخلون به وقد أمروا أن ينفقوه فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه .

وقال إسماعيل بن علية . عن سوار بن عبد الله العنبري : بلغني أن ميمون بن مهران كان جالسا ، وعنده رجل من قراء أهل الشام ، فقال : إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق ، فقال الشامي : لا ، الصدق في كل موطن خير ، فقال ميمون : أرأيت لو رأيت رجلا يسعى ، وآخر يتبعه بالسيف فدخل الدار فانتهى إليك ، فقال أرأيت الرجل ، ما كنت قائلا؟ قال : كنت أقول لا ، قال فذاك .

وقال عبد الله بن جعفر الرقي ، عن أبي المليح ، قال ميمون بن مهران : إذا أتى رجل باب سلطان فاحتجب عنه فليأت بيوت الرحمن ، فإنها مفتحة ، فليصل ركعتين ، وليسأل حاجته .

وعن ميمون بن مهران قال : قال لي محمد بن مروان : في الديوان أنت ؟ قلت : لا ، قال فما يمنعك أن تكتب في الديوان ، فيكون لك سهم في الإسلام؟ قلت : إني لأرجو أن يكون لي سهام في الإسلام ، فقال من أين ؟ ولست في الديوان؟ قلت : شهادة أن لا إله إلا الله سهم ، والزكاة سهم ، وصيام رمضان سهم ، والحج سهم ، قال محمد : ما كنت أحسب أن لأحد في الإسلام سهما إلا [ ص: 224 ] من كان في الديوان ، قال قلت : هذا ابن عمك حكيم بن حزام ، لم يأخذ ديوانا قط ، وذلك أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة ، فقال : استعف يا حكيم خير لك ، قال ومنك يا رسول الله؟ قال : ومني ، قال لا جرم ، إني لا أسألك ولا غيرك شيئا أبدا ، ولكن ادع الله أن يبارك لي في صفقتي - يعني التجارة - فدعا له وقال أبو شجار ، عن أبي المليح ، سمعت عبد الكريم يقول : لا علم لنا بكم يا أهل الرقة من رأيناه من جانب ميمون علمنا أنه مستقيم ، ومن رأيناه يكره ناحيته علمنا أنه يأخذ ناحية أخرى - يعني الجعد - .

وقال يزيد بن قبيس الجبلي ، حدثنا علي بن الحسن الحلبي ، قال : حدثني عمرو بن ميمون بن مهران قال : خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة ، فمررت بجدول ، فلم يستطع الشيخ يتخطاه ، فاضطجعت له فمر على ظهري ، ثم قمت فأخذت بيده ، فدفعنا إلى منزل الحسن ، فطرقت الباب فخرجت جارية سداسية ، فقالت من هذا؟ فقلت : هذا ميمون بن مهران أراد لقاء [ ص: 225 ] الحسن فقالت : كاتب عمر بن عبد العزيز؟ قلت لها : نعم ، قالت : يا شقي ، ما بقاك إلى هذا الزمان السوء؟ قال : فبكى الشيخ ، فسمع الحسن بكاءه ، فخرج إليه ، فاعتنقا ثم دخلا ، فقال ميمون : يا أبا سعيد إني قد آنست من قلبي غلظة ، فاستلن لي منه ، فقرأ الحسن : بسم الله الرحمن الرحيم أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون قال فسقط الشيخ ، فرأيته يفحص برجله ما تفحص الشاة المذبوحة ، فأقام طويلا ثم أفاق فجاءت الجارية ، فقالت : قد أتعبتم الشيخ ، قوموا تفرقوا ، فأخذت بيد أبي فخرجت به ثم قلت له : يا أبتاه هذا الحسن ، قد كنت أحسب أنه أكثر من هذا ، قال : فوكز في صدري ، ثم قال : يا بني لقد قرأ علينا آية لو تفهمتها بقلبك لألفي لصافيه كلوم .

أخبرنا بذلك أبو محمد عبد الواسع بن عبد الكافي الأبهري ، قال : أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي الواسطي في كتابه إلينا من واسط ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي ابن المزرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحافظ ، قال : [ ص: 226 ] حدثنا أبو جعفر محمد بن عبدوس الدقاق الحراني ، قال : حدثنا يزيد بن قبيس ، فذكره .

قال جعفر بن محمد بن نوح ، عن إبراهيم بن محمد السمري : صلى ميمون بن مهران في سبعة عشر يوما سبعة عشر ألف ركعة ، فلما كان اليوم الثامن عشر انقطع في جوفه شيء فمات .

وقال الهيثم بن عدي : مات آخر إمرة هشام .

وقال خليفة بن خياط : مات سنة ست عشرة ومائة بالجزيرة .

وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، وأبو المليح الرقي ، وعيسى بن كثير ، وأبو عبيد القاسم بن سلام : مات سنة سبع عشرة ومائة .

وقال علي بن معبد الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو : ولد سنة أربعين ومات سنة ثماني عشرة ومائة .

وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، سمعت ميمونا يقول : ولدت سنة أربعين .

وقال أبو حاتم بن حبان : ولد سنة أربعين ، سنة الجماعة ، [ ص: 227 ] ومات سنة ثماني عشرة ومائة ، روى له البخاري في "الأدب" والباقون .

التالي السابق


الخدمات العلمية