تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
6958 - (بخ ت ق) : يزيد بن أبان الرقاشي ، أبو عمرو البصري القاص من زهاد أهل البصرة ، وهو عم الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي .

روى عن : أبيه أبان الرقاشي ، وأنس بن مالك ( بخ ت ق ) ، والحسن البصري ، وغنيم بن قيس المازني ( ق ) ، وقيس بن عباية أبي نعامة الحنفي ، وأبي الحكم البجلي ( ت ) .

[ ص: 65 ] روى عنه : إبراهيم العجلي ، وإسماعيل بن ذكوان ، وإسماعيل بن مسلم المكي ( ق ) ، وأشعث بن سوار ، وثابت بن عجلان ، والحارث بن عبيد بن الطفيل بن تمام التميمي ، وحريث بن السائب ، والحسن البصري وهو من شيوخه ، والحسين بن واقد المروزي ( ت ) ، وحماد بن سلمة ، وحوشب بن عقيل ، وخازم بن الحسين أبو إسحاق الحسني ، ودرست بن زياد البزاز ( ق ) ، والربيع بن صبيح ( ت ق ) ، والرحيل بن معاوية الجعفي ( ت ) ، وسليمان الأعمش ( بخ ق ) وهو من أقرانه ، وسلام بن أبي مطيع ، وصالح بن بشير المري ، وصالح بن عمران البكري ، وصالح بن كيسان وهو أكبر منه ، وصفوان بن سليم وهو من أقرانه ، وضرار بن عمرو الملطي ، وضمضم بن عمرو الحنفي ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان وهو من أقرانه ، وعبد الله بن معقل البصري ( ق ) ، وعبد الخالق بن موسى اللقيطي ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وابنه عبد النور بن يزيد الرقاشي ، وعبيد الصيد ، وعبيس بن ميمون ، وعتبة بن أبي حكيم ، وعكرمة بن عمار اليمامي ، وعمرو بن سعد الفدكي ( ق ) ، وفضالة الشحام ، وابن أخيه الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي ، وقتادة وهو من أقرانه ، وكنانة بن جبلة السلمي الهروي ، ومحمد بن المنكدر وهو من أقرانه ، ومعتمر بن سليمان ، وموسى بن عبيدة الربذي ( ت ) ، وهشام بن حسان ، وهشام بن سلمان المجاشعي ، والهيثم بن جماز ، وواقد بن سلامة ، ويحيى بن كثير أبو النضر ( ق ) ، وأبو رجاء الجروي .

ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من أهل البصرة ،

[ ص: 66 ] وقال : كان ضعيفا قدريا .

وذكره خليفة بن خياط في الطبقة الخامسة .

وقال عمرو بن علي : كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه .

وقال في موضع آخر : سمعت عبد الرحمن يحدث عن الربيع بن صبيح عنه ، وكان رجلا صالحا ، وقد روى الناس عنه ، وليس بالقوي في الحديث .

وقال محمد بن المثنى : قد حدث عبد الرحمن عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي .

وقال البخاري : تكلم فيه شعبة .

وقال إسحاق بن راهويه ، عن النضر بن شميل : قال شعبة : لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي .

وقال أبو أحمد بن عدي : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثني عبد العزيز بن سلام ، قال : حدثنا رافع أو نافع ، قال : أخبرني عبد الله بن إدريس ، قال : سمعت شعبة يقول : لأن يفعل [ ص: 67 ] الرجل بزنا خير له من أن يروي عن أبان ويزيد الرقاشي .

وقال الحسن بن عثمان التستري ، عن سلمة بن شبيب : سمعت يزيد بن هارون يقول : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحب إلي من أحدث عن يزيد الرقاشي .

قال يزيد بن هارون : ما كان أهون عليه الزنا ، قال سلمة : فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل فقال : إنما بلغنا هذا في أبان بن عياش .

وقال أبو جعفر العقيلي ، عن أبي يحيى زكريا بن يحيى الحلواني : سمعت سلمة بن شبيب يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي .

قال سلمة : فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل ، فقال : كان بلغنا أنه قال هذا في أبان .

قال أبو يحيى : وكان أبو داود سليمان بن الأشعث صاحب أحمد بن حنبل معنا في مجلس سلمة ، فقال أبو داود : قاله فيهما جميعا .

وقال أبو طالب : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا يكتب حديث يزيد الرقاشي .

قلت له : فلم ترك حديثه لهوى كان فيه ؟ قال : لا ، ولكن كان منكر الحديث .

وقال : شعبة يحمل عليه ، وكان قاصا .

[ ص: 68 ] وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : هو فوق أبان بن أبي عياش ، وكان يضعف .

وقال في موضع آخر : وكان شعبة يشبهه بأبان .

وقال معاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين : ضعيف .

وقال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : هو خير من أبان بن أبي عياش .

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين : رجل صالح وليس حديثه بشيء .

وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ميمون بن سياه ، وزياد الرقاشي ، وزياد النميري كلهم ضعفاء .

وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن يزيد الرقاشي ، فقال : رجل صالح . وسمعت يحيى بن معين ذكره ، فقال : رجل صدق .

[ ص: 69 ] وقال يعقوب بن سفيان : فيه ضعف .

وقال أبو حاتم : كان واعظا بكاء ، كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر ، صاحب عبادة ، وفي حديثه ضعف .

وقال النسائي ، والحاكم أبو أحمد : متروك الحديث .

وقال النسائي في موضع آخر : والدارقطني ، والبرقاني : ضعيف .

وقال أبو أحمد بن عدي : له أحاديث صالحة عن أنس وغيره ، وأرجو أنه لا بأس به لرواية الثقات عنه من البصريين والكوفيين وغيرهم .

وقال الحسن بن علي الخلال ، عن المعتمر بن سليمان : قال يزيد الرقاشي : إذا نمت ثم استيقظت فلا نامت عيناي ، وعلى الماء البارد السلام بالنهار .

[ ص: 70 ] وقال سعيد بن عامر : حدثنا سلام بن أبي مطيع عن يزيد الرقاشي ، قال : إذا نمت من الليل فاستيقظت فنمت الثانية فلا أنام الله عيني .

وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن سورة بن قدامة : حدثنا حبان بن الأسود ، عن عبد الخالق بن موسى اللقيطي ، قال : جوع يزيد نفسه لله ستين عاما حتى ذبل جسمه ونهك بدنه ، وتغير لونه ، وكان يقول : غلبني بطني فما أقدر له على حيلة !

وقال مثنى بن معاذ العنبري ، عن الهيثم بن عبيد الصيد : قال : حج أبي ، ويزيد الرقاشي فعاد له إلى مكة ، فقال أبي : ربما ركبت أنا وهو في المحمل من أول الليل إذا صلينا العتمة فيمر بالجبل فيقول : يا جبل تصير هباء منثورا ، وتصير كذا وتصير كذا ، ويبقى على يزيد الحساب ، قال : ثم يبكي فما أفقد بكاءه حتى يطلع الفجر .

وقال محمد بن كثير الصنعاني ، عن أبي رجاء الجزري : قال يزيد الرقاشي : رأيت في نومي كأني قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة ، فلما فرغت قال لي أو قيل لي : هذه القراءة ، فأين البكاء ؟ قال : وكان يزيد من البكائين .

وقال سعيد بن عامر ، عن سلام بن أبي مطيع : قال يزيد الرقاشي لجلسائه : يا إخوتاه تعالوا حتى نبكي على الماء البارد .

قال : وكان قد عطش نفسه قبل ذلك أربعين عاما ، لا يفطر فيها إلا خمسة أيام كان يرويها عن أنس بن مالك .

[ ص: 71 ] وقال السري بن عاصم ، عن محمد بن صبيح ابن السماك : حدثنا الهيثم بن جماز ، قال : دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد حره وهو يبكي وقد عطش نفسه أربعين سنة ، فقال لي : ادخل يا هيثم ، تعال نبكي على الماء البارد في اليوم الحار ، حدثني أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل من ورد القيامة عطشان " .

وقال أبو داود الحفري ، عن محمد ابن السماك ، عن أشعث بن سوار : دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد الحر ، فقال : يا أشعث تعال حتى نبكي على الماء البارد يوم الظمأ ثم قال : والهفاه سبقني العابدون وقطع بي .

قال : وقد كان صام ثلاثين أو أربعين سنة .

وقال محمد بن عمران الأخنسي ، عن جابر بن نوح : حدثنا الأعمش أن يزيد الرقاشي كان ينوح على نفسه وهو يقول : يا يزيد إذا مت من يتصدق عنك يا يزيد ؟ إذا مت من يصوم عنك ؟ ثم يقول : وايزيداه إنما سمي نوح لأنه ناح على نفسه ، ويزيد لا ينوح على نفسه ؟ !

وقال محمد بن عبد الله الرقاشي ، عن معتمر بن سليمان : قال يزيد الرقاشي : أتروني أتهنأ بالحياة أيام الدنيا وأنا أعلم أن الموت مصيري ؟ قال : وقد كان يبكي حتى تساقطت أشفاره .

وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن زهدم بن الحارث : [ ص: 72 ] حدثنا عبد الله بن رجاء ، عن هشام بن حسان ، قال : بكى يزيد الرقاشي أربعين عاما حتى تساقطت أشفاره ، وأظلمت عيناه ، وتغيرت مجاري دموعه .

وعن عبيد الله بن محمد العيشي ، قال : حدثنا إسماعيل بن ذكوان ، قال : كان يزيد الرقاشي إن دخل بيته بكى ، وإن جلس إليه إخوانه بكى وأبكاهم ، فقال له ابنه يوما : كم تبكي يا أبة ، والله لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا البكاء ، فقال : ثكلتك أمك يا بني وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن ، أما تقرأ يا بني ( سنفرغ لكم أيه الثقلان ) ، أما تقرأ يا بني ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) فجعل يقرأ عليه حتى انتهى ، يعني إلى قوله ( يطوفون بينها وبين حميم آن ) فجعل يجول في الدار ويصرخ ويبكي حتى غشي عليه ، فقالت للفتى أمه : يا بني ما أردت بذا من أبيك ؟ قال : إني والله إنما أردت أن أهون عليه ، لم أرد أن أزيده حتى يقتل نفسه .

وعن مجالد بن عبيد الله الباهلي ، قال : حدثني عبد النور بن يزيد بن أبان ، قال : كان أبي يبكي ويقول لأصحابه : ابكو اليوم قبل الداهية الكبرى ، ابكوا اليوم قبل أن تبكوا غدا ، ابكوا اليوم قبل أن لا يغني البكاء ، ابكوا على التفريط أيام الدنيا ، قال : ثم يبكي حتى يرفع صريعا من مجلسه .

[ ص: 73 ] وعن خالد بن يزيد القرني ، قال : حدثنا فضالة الشحام ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقول في كلامه : أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش وأمنوا من الأسقام ، فهنيئا لهم في جوار الله طول المقام ، قال : ثم يبكي حتى يبل لحيته بالدموع .

وعن أبي عمر الضرير ، قال : حدثنا صالح المري ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقرأ هذه الآية على أصحابه ويبكي ( كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق ) قال : يقول الملائكة بعضهم لبعض : من أي باب يرتقي بعمله ، فيرتقي فيه بروحه ، ويقول أهله : هذا والله حين فراقه ، فيبكي إليهم ويبكون إليه ، ولا يستطيع أن يحير إليهم جوابا ، قال : ثم بكى يزيد بكاء شديدا ، وكان يزيد قد بكى حتى تناثرت أشفار عينيه .

وعن إسحاق بن منصور السلولي ، قال : سمعت محمد بن صبيح يقول : كان يزيد الرقاشي يقول في كلامه : أيها المتفرد في حفرته ، المتخلي في القبر بوحدته ، المستأنس في بطن الأرض بأعماله ، ليت شعري بأي أعمالك استبشرت ، وبأي إخوانك اغتبطت ؟ قال : ثم يبكي حتى تبتل عمامته ويقول : استبشر والله بأعماله الصالحة ، واغتبط والله بإخوانه المتعاونين على طاعة الله .

وعن أبي معمر التنوري ، قال : حدثني ربيع أبو محمد ، قال : كان يزيد الرقاشي يبكي حتى يسقط ثم يفيق ، ثم يسقط ، فيحمل مغشيا عليه إلى أهله ، وكان يقول في كلامه : إخوتي ابكوا [ ص: 74 ] قبل يوم البكاء ، ونوحوا قبل يوم النياحة ، وتوبوا قبل انقطاع التوبة ، إنما سمي نوحا لأنه كان نواحا ، فنوحوا يا معشر الكهول والشبان على أنفسكم ، وكان يتكلم والدموع جارية على لحيته وخديه .

وعن موسى بن هلال ، قال : حدثنا صالح بن عمران البكري ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقول : إن الميت إذا وضع في قبره احتوشته أعماله ثم أنطقها الله ، فقالت : أيها العبد المنفرد في حفرته انقطع عنك الأخلاء والأهلون فلا أنيس لك اليوم غيرنا .

قال : ثم يبكي يزيد ويقول : فطوبى لمن كان أنيسه صالحا ، والويل لمن كان أنيسه عليه وبالا .

وعن أبي محمد علي بن الحسن ، قال : قيل لابن يزيد الرقاشي : كان أبوك يتمثل من الشعر شيئا قال : كان يتمثل :


إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل



إلى هنا عن محمد بن الحسين البرجلاني عن شيوخه .

وقال الأصمعي ، عن عبد الله بن عمر النميري : سمعت يزيد الرقاشي ، وتمنى قوم عنده أماني ، فقال يزيد : أتمنى كما تمنيتم ، قالوا : تمنه ، فقال يزيد : ليتنا لم نخلق ، وليتنا إذ خلقنا لم نمت ، وليتنا إذ متنا لم نحاسب ، وليتنا إن حوسبنا لم نعذب ، وليتنا إن عذبنا لا نخلد .

وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن أبي عبد الله أحمد بن نصر المروزي : حدثنا سلمة أبو صالح ، قال : حدثني كنانة بن جبلة السلمي ، قال : قال يزيد الرقاشي : انظروا إلى هذه القبور ، [ ص: 75 ] سطورا بأفناء الدور ، تدانوا في خططهم ، وقربوا في مزارهم ، وبعدوا في لقائهم سكنوا فأوحشوا ، وعمروا فأخربوا ، فمن سمع بساكن موحش وعامر مخرب غير أهل القبور ؟

وعن كنانة بن جبلة قال : قال يزيد الرقاشي : خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها فإن الله تعالى يقول : ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) ، ألا تحمد من تعطيه فانيا فيعطيك باقيا ، درهما يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف ، أما لله مكافأة مطعمك ومسقيك وكافيك ، حفظك في ليلك ونهارك ، وأجابك في ضرائك ، كأنك نسيت ليلة وجع الأذن ، وليلة وجع العين ، أو خوفا في بر ، أو خوفا في بحر ، دعوته فاستجاب لك ، إنما أنت لص من لصوص الذنوب ، كلما عرض لك ( عارض ) عانقته ، إن سرك أن تنظر إلى الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها ، فهلم أخبرك ، إن تشيع جنازة فهي الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها ، ثم احتمل القبر بما فيه ، أما إني لست آمرك أن تحتمل تربته ولكن آمرك أن تحتمل فكرته .

وقال أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن الأصمعي : قال يزيد الرقاشي : خمس يفتحن من خمس : الحرص من القراء ، والعجلة من الأمراء ، والفحش من ذوي السرف ، والبخل من ذوي الأموال ، والفتوة من ذوي الأسنان .

[ ص: 76 ] وقال أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري : سمعت أبا عمرو بن مطر يقول : سمعت أبا القاسم المذكر يقول : دخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبد العزيز ، فقال له : عظني فقال : أنت أول خليفة يموت يا أمير المؤمنين ، قال : زدني ، قال : لم يبق أحد من آبائك من لدن آدم إلى أن بلغت النوبة إليك إلا وقد ذاق الموت ، قال : زدني ، قال : ليس بين الجنة والنار منزل ، والله يقول : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) وأنت أبصر ببرك وفجورك ، قال : فبكى عمر حتى سقط عن سريره .

وقال زيد بن الحباب ، عن حوشب بن عقيل : سمعت يزيد الرقاشي يقول لما حضره الموت : ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) ألا إن الأعمال محضرة والأجور مكملة ، ولكل ساع ما سعى ، وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت ، ثم بكى وقال : يا من القبر مسكنه ، وبين يدي الله موقفه ، والنار غدا مورده ، ماذا قدمت لنفسك ؟ ماذا أعددت لمصرعك ؟ ماذا أعددت لوقوفك بين يدي ربك ؟

وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن الصلت بن حكيم : حدثنا درست القزاز ، قال لما احتضر يزيد الرقاشي بكى ، فقيل له : ما يبكيك رحمك الله ؟ قال : أبكي والله على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار ، قال : ثم بكى ، وقال : من يصلي لك يا يزيد ، ومن يصوم ، ومن يتقرب لك إلى الله بالأعمال بعدك [ ص: 77 ] ومن يتوب لك إليه من الذنوب ؟ ويحكم يا إخوتاه لا تغتروا بشبابكم ، وكان قد حل بكم ما قد حل بي من عظيم الأمر وشدة كرب الموت ، النجاة النجاة ، الحذر الحذر ، يا إخوتاه المبادرة رحمكم الله .

روى له البخاري في " الأدب " ، والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية