[ ص: 15 ] 151 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المراد بقول الله عز وجل :
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ... الآية .
985 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية ، حدثنا
محمد بن الصلت ، حدثنا
أبو كدينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
لما نزلت هذه الآية : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ... الآية - قال المشركون : فإن عيسى - صلى الله عليه وسلم - يعبد ، وعزير - صلى الله عليه وسلم - والشمس والقمر . فأنزل الله: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عيسى وعزير صلوات الله عليهما .
986 - حدثنا
عبيد بن رجال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14161الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، عن
أبي رزين ، عن
أبي يحيى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
آية في كتاب الله لا يسألني الناس عنها ، ولا أدري أعرفوها فلا يسألوني عنها ؟ أم جهلوها فلا يسألوني عنها ؟ قيل : وما هي ؟ قال : آية لما نزلت إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون [ ص: 16 ] شق ذلك على أهل مكة ، وقالوا : شتم محمد آلهتنا ! فقام ابن الزبعرى فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : شتم محمد آلهتنا ! قال : وما قال ؟ قالوا : قال : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون . قال : ادعوه لي .
فدعي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقال ابن الزبعرى : يا محمد ، هذا شيء لآلهتنا خاصة ؟ أم لكل من عبد من دون الله ؟ قال : بل لكل من عبد من دون الله عز وجل . قال : فقال : خصمناه ورب هذه البنية ! يا محمد ، ألست تزعم أن عيسى عبد صالح وعزيرا عبد صالح والملائكة عباد صالحون ؟ قال : بلى . قال : فهذه النصارى يعبدون عيسى ، وهذه اليهود تعبد عزيرا ، وهذه بنو مليح تعبد الملائكة !
قال : فضج أهل مكة ، فنزلت إن الذين سبقت لهم منا الحسنى عيسى وعزير والملائكة أولئك عنها مبعدون . قال : ونزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وهو الصحيح .
[ ص: 17 ] 987 - حدثنا
محمد بن سنان الشيزري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن أبي النجود ، عن
أبي رزين ، عن
أبي يحيى مولى ابن عفراء الأنصاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=683614أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : يا معشر قريش ، لا خير مع أحد يعبد من دون الله عز وجل ! قالت : ألست تزعم أن عيسى - صلى الله عليه وسلم - كان نبيا وكان عبدا صالحا ؟ فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم ، فأنزل الله عز وجل ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون يعني يضجون ( وإنه لعلم للساعة ) . [ قال : هو ] خروج عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - قبل يوم القيامة .
هكذا قال : لعلم بالفتح .
[ ص: 18 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر :
وأبو يحيى هذا روى عنه
المكيون والكوفيون جميعا .
988 - حدثنا
أحمد بن داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12404إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، حدثنا
يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا
الحكم بن أبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون فقد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى صلوات الله عليهم ، أوكل هؤلاء في النار مع آلهتنا ؟ فأنزل الله عز وجل إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ونزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون .
[ ص: 19 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فقال قائل : ففي هذه الآثار أن المشركين عند نزول الآية الأولى من هاتين الآيتين اللتين في هذا الحديث ضجوا من ذلك ، وقالوا للمسلمين محتجين عليهم : فإن
عيسى يعبد
وعزير يعبد ، ومن ذكروا معهما في هذا الحديث ، وهم مع شركهم أهل فصاحة ، ليس ممن يجري على ألسنتهم اللحن في كلامهم .
و ( ما ) فإنما تقال لغير بني آدم ، ويقال مكانها لبني آدم : ( من ) ، كما قال الله عز وجل :
ومن يقل منهم إني إله من دونه ،
ومن يفعل ذلك يلق أثاما في أمثال ذلك مما يريد به بني آدم .
وقال في سوى بني آدم :
وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب لغير بني آدم .
وفيما رويتموه وأضفتموه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد ذكرتموه في هذا الحديث من هذا الجنس ، وفي إحدى الآيتين اللتين تلوتموها فيه
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون أريد به بنو آدم .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن ( من ) و ( ما ) في الأكثر من كلام العرب يخرجان على ما ذكر ، وقد تستعمل العرب أيضا في كلامها في بني آدم ( ما ) كما تستعمل ( من ) ، وإن كان ذلك مما لا تستعمله فيهم كثيرا كما تستعمل فيهم ( من )
ومن ذلك قول الله عز وجل :
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم مكان " إلا من ملكت أيمانكم " . وقوله عز وجل :
سبح لله ما في السماوات والأرض و
يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض . وقوله عز وجل :
ووالد وما ولد يعني
آدم - صلى الله عليه وسلم - وما ولد .
وفيما ذكرنا من هذا دليل على ما وصفنا ، وفيما رويناه في هذه الآثار ما قد دل على أن القول في القراءة المختلف فيها من قول الله عز وجل :
إذا قومك منه يصدون [ ص: 20 ] بالكسر ، و
يصدون بالضم ، هو كما قرأ من قرأها بالكسر ؛ لأن من قرأها بالضم أراد الصدود ، ومن قرأها بالكسر أراد الضجيج . وإنما كان نزولها عند ضجيج المشركين كما نزلت هذه الآية الأولى من الآيتين المذكورتين في هذا الحديث .
وهذه القراءة في المعنى أصح أيضا عند أهل اللغة ؛ لأنها لو كانت على الصدود لكانت "إذا قومك عنه يصدون " كمثل ما قال الله عز وجل :
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله . وكما قال عز وجل :
الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم . وكما قال عز وجل :
وصدوا عن السبيل . وكما قال :
وصدوكم عن المسجد الحرام .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إنكاره في قراءة
إذا قومك منه يصدون بالضم .
كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14976يوسف بن زيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
عبد الله بن حبيب ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
سعيد بن معبد ، قال :
قال لي nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عمك عبيد بن عمير ، كيف يلحن في هذا ؟ يقرأ إذا قومك منه يصدون وإنما هي
يصدون يضجون ؟
[ ص: 21 ] فأخبر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذا الحديث بحقيقة القراءة لهذا الحرف كيف هي ، وكذلك قرأها أكثر
الكوفيين .
فقال قائل : فقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أن نزول
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون في خلاف المعنى الذي رويتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن نزولها كان فيه .
وذكر ما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551بكار بن قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=17362ويزيد بن سنان قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر ، عن
يوسف بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=7768محمد بن حاطب قال :
سمعت nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه يخطب ، وتلا هذه الآية إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية . قال : نزلت في
عثمان وأصحابه ، أو قال :
عثمان منهم .
[ ص: 22 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه أن قد يحتمل أن يكون علي أراد بما روي عنه في هذا الحديث أن
عثمان رضي الله عنه ممن سبقت له الحسنى المذكورين في هذه الآية ؛ لأن الآية نزلت في من سبقت له الحسنى من الله عز وجل ، فمنهم
عيسى ومنهم
عزير ومنهم الملائكة ، ومنهم من سواهم ممن سبقت لهم الحسنى من الله عز وجل ، منهم
عثمان وأصحابه .
فبان بحمد الله عز وجل ونعمته أن جميع ما رويناه في هذا الباب لا يضاد شيء منه شيئا .