[ ص: 403 ] 215 - باب بيان مشكل ما اختلف فيه عن
عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الأنفال و"براءة" ، وهل هما سورتان ؟ أو سورة واحدة ؟
1374 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان قال : حدثنا
عبد الله بن حمران قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف ، عن
يزيد الفارسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى "الأنفال" وهي من المثاني وإلى "براءة" وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ، ووضعتموها في السبع الطوال ؟ فما حملكم على ذلك ؟ قال : فقال nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء دخل بعض من يكتب له فيقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وإذا نزلت عليه الآيات قال : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا . وإذا نزلت عليه الآية قال : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا . وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة ، وكانت براءة من آخر القرآن - قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : يعني : نزولا - وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فظننت أنها منها . وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يبين لنا أنها منها . من أجل ذلك قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ، ووضعتهما في السبع الطوال . [ ص: 404 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : ففي هذا الحديث ظن
عثمان رضي الله عنه أنهما سورة واحدة ، وتحقيق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهما سورتان .
وإذا كان تحزيب القرآن على ما في حديث
أوس بن حذيفة الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب وجب أن تكونا سورتين كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وتباينهما في الوقتين اللذين كان نزولهما فيهما يدل أنهما سورتان لا سورة واحدة ، وذلك أن الأنفال نزلت في بدر .
كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15333إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17220هارون بن عبد الله الحمال قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15982سعيد بن سليمان الواسطي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
قلت : سورة الأنفال ؟ قال : نزلت في بدر . قلت : فالحشر ؟ قال : نزلت في بني النضير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : وبدر إنما كانت في سنة أربع ، و"براءة" فآخر سورة نزلت .
[ ص: 405 ] كما حدثنا
فهد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء يقول :
آخر آية نزلت : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة . وآخر سورة نزلت براءة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : ففي ذلك تحقيق البراء أن "براءة" سورة كاملة بائنة من الأنفال . وهذا مما يعلم أنه رضي الله عنه لم يقل ذلك رأيا ؛ إذ كان مثله لا يقال بالرأي ، وأنه إنما قاله توقيفا ؛ لأن مثله لا يؤخذ إلا بالتوقيف .
وقد روي عن
عبد الله بن عباس ما يدخل في هذا المعنى الذي جرى فيه الاختلاف الذي ذكرنا بينه وبين
عثمان رضي الله عنهما .
1375 - ما قد حدثنا
محمد بن سنان الشيزري قال : حدثنا
عيسى بن [ ص: 406 ] سليمان قال : حدثنا
مبشر بن عبد الله ، عن
سالم الأفطس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
كان جبريل إذا نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببسم الله الرحمن الرحيم علم أن السورة قد انقضت .
[ ص: 407 ] 1376 - وما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير بغير ذكر منه إياه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672592كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فأخبر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيه من الله عز وجل ما يعلم به آخر السورة ، وفي ذلك ما قد دل على أن الحقيقة فيما اختلف
عثمان وهو رضي الله عنهما فيه مما ذكرنا اختلافهما فيه - كانت الحقيقة فيه ما قاله هو فيه ؛ لما قد وقف على ذلك مما قد رويناه عنه مما لم يوقف عليه عثمان .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا ما يدل على ذلك .
1377 - وهو ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا
[ ص: 408 ] nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ، عن
حبيب بن هند الأسلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=704235من أخذ السبع فهو حبر ، يعني بذلك : السبع الطوال من القرآن .
1378 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14976يوسف بن يزيد قال : حدثنا
حجاج بن إبراهيم الأزرق قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو ، عن
حبيب بن هند الأسلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=704150من أخذ السبع فهو حبر .
أفلا ترى أنا قد أحطنا علما أن براءة قد دخلت في ذلك دون الأنفال أو دخل الأنفال في ذلك دون براءة ؟ وفي ذلك ما قد دل أنهما سورتان لا سورة واحدة .
[ ص: 409 ] وقد روي عن
واثلة بن الأسقع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يدخل في هذا المعنى أيضا .
1379 - ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16687عمران القطان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11915أبي المليح الهذلي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=697213أعطيت مكان التوراة السبع ، وأعطيت مكان الزبور المئين ، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني ، وفضلت بالمفصل .
[ ص: 410 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : أفلا ترى أن الأنفال من المثاني ، وأن براءة من المئين ، وأن في ذلك ما قد دل أن كل واحدة منهما غير صاحبتها ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطي كل واحدة منهما مكان ما أعطي الأخرى مكانه فيما ذكر في هذا الحديث .
وفي ذلك ما قد دل على أنهما سورتان لا سورة واحدة . وفي التحزيب الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ما قد حقق ذلك أيضا ، فإن يكن التحزيب كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الحجة التي لا يجوز خلافها ، وإن يكن كان من أصحابه رضوان الله عليهم فهم المقتدون به المتبعون لآثاره ، الذين لا يخرجون عن ما كان عليه . فعلم أن ذلك ما كان في التحزيب ، فقد ثبت به أن براءة والأنفال سورتان لا سورة واحدة .
وقد ذهب آخرون إلى أن تركهم كان اكتتاب بسم الله الرحمن الرحيم بين الأنفال وبراءة لغير المعنى الذي في حديث
يزيد الفارسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
عثمان . وأنفوا أن يكون مثل هذا يذهب عن
عثمان رضي الله عنه ؛ لعنايته كان بالقرآن قديما وحديثا إلى أن توفاه الله رضي الله عنه .
على ذلك ويذكرون أن بسم الله الرحمن الرحيم إنما كان تركهم لكتابتها بين الأنفال وبين براءة ؛ لأن بسم الله الرحمن الرحيم حروف رحمة ، وسورة براءة ليست من هذا المعنى الذي من جنس ما يراد به الرحمة ، وإنما هي نقض عهود ونذارات ووعيدات وتخويفات ، وإبانة نفاق ممن نافق الله ورسوله فاستحق به ما استحق من العذاب والتخليد في النار ، فلم يروا مع ذلك أن يكتبوا في أولها سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ؛ إذ كان ما بعده أكثره لا رحمة فيه ، وإنما هو أضداد لها ، وهذا مذهب من يتكلم في هذه المعاني على غير جهة الآثار ، والله أعلم بحقيقة الأمر كان في ذلك . وإياه أسأل التوفيق .
[ ص: 411 ] وقد دخل على أهل هذه المقالة في مقالتهم هذه أن في كتاب الله عز وجل سورتين من سور العذاب قد كتب في كل واحدة منهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم :
ويل لكل همزة لمزة ،
تبت يدا أبي لهب - فكان في ذلك ما قد دل أن سورة العذاب قد يكتب قبلها بسم الله الرحمن الرحيم كما يكتب قبل سورة الرحمة .
وكان آخرون يقولون : إنما ترك اكتتاب بسم الله الرحمن الرحيم قبل سورة براءة إعظاما لبسم الله الرحمن الرحيم من خطاب المشركين بها ففسد هذا القول أيضا بما في كتاب الله عز وجل وبما في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يدفعه .
فأما ما في كتاب الله عز وجل مما يدفعه فكتاب
سليمان إلى صاحبة
سبأ الكتاب الذي أعلمت صاحبة
سبأ قومها أنه من
سليمان ، وأنه بسم الله الرحمن الرحيم وهي وهم مشركون قد دل على ذلك قول الهدهد
لسليمان :
وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون .
وأما ما في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
1380 - فما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13856إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب بن أبي حمزة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان من فيه إلى
nindex.php?page=hadith&LINKID=650006أن هرقل دعا لهم بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأه فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، السلام على [ ص: 412 ] من اتبع الهدى ... ثم ذكر بقية الحديث . وفيما ذكرنا إباحة ابتداء خطاب المشركين ببسم الله الرحمن الرحيم . ولما انتفى هذان القولان الآخران ، ولم يكن في هذا الباب سواهما ، وسوى القول الأول - ثبت القول الأول . والله نسأله التوفيق .