[ ص: 134 ] 234 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن أمر لم يكن حراما فحرم من أجل مسألته
1491 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661357 { إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن حراما فحرم من أجل مسألته } . 1492 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16040سليمان بن داود الهاشمي ،
[ ص: 135 ] قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=37أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثله .
فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله ، فوجدنا من كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ، فإنما كان يطلب الجواب من الله فيه ؛ لأن الذي كان يجيبهم عنه به إنما هو الذي يوحيه الله عز وجل إليه ، وقد أنزل الله عز وجل عليه :
ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه فأمره عز وجل بالانتظار لما ينزل عليه من أحكامه حتى ينزله عليه .
وما نهاه عنه من ذلك كانت أمته منهية عنه ، وإن كان قد يكون ما يأتيه من الله عز وجل جوابا عما يسأل عنه ، قد يكون غير قرآن ، فإنه في معنى القرآن أيضا ، وكان فيما أنزل عليه :
ما فرطنا في الكتاب من شيء ، وكان القرآن ينزل بعد ذلك كما كان ينزل قبله فعقلنا بذلك أن قوله عز وجل :
ما فرطنا في الكتاب من شيء بمعنى ما نفرط في الكتاب من شيء ، والله أعلم .
ومما يدل على ما ذكرنا ما كان من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما نزل تحريم الخمر قوله : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ،
[ ص: 136 ] فنزلت :
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس . الآية ، فقال :
عمر اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت :
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ، فدعي
عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت :
يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ... } إلى قوله عز وجل :
فهل أنتم منتهون ، فدعي
عمر فقرئت عليه ، فقال : انتهينا انتهينا .
1493 - حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي nindex.php?page=showalam&ids=14976ويوسف بن يزيد ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12171عمرو بن شرحبيل ، وهو أبو ميسرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر... ثم ذكر هذا الحديث ،
[ ص: 137 ] وكان قوله عز وجل :
فهل أنتم منتهون ، يريد به السؤال عن مثل هذا ، حتى يكون الله عز وجل ينزله على رسوله ابتداء ؛ لأن الكتاب الذي هو فيه لا يفرط فيه حتى يجمع فيه الأشياء كلها ، ولما كان السؤال عما ذكرنا قد منع منه الناس كان من سأل عنه منهم ظالما لنفسه ؛ لأنه قد تقدم سؤاله ذلك أمر الله ، يعني الذي لا ينبغي له أن يتقدمه ،
[ ص: 138 ] وكان جل وعز قد ذكر فيما عاقب به اليهود بظلمهم قوله عز وجل :
فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم . الآية ، فكان من عاد سؤاله ظالما غير مأمون عليه أن يحرم عليه بظلمه ذلك ما قد كان حلالا له ؛ لأن الأشياء كلها على طلقها وعلى حلها حتى يحدث الله تعالى فيها التحريم فتعود حراما ، وإذا عاد ذلك الذي سأل عنه السائل الذي ذكرنا حراما من أجل مسألته عليه عاد حراما على الناس جميعا ، فكان في ذلك عظيم الجرم فيهم ، ولم نجد لتأويل هذا الحديث معنى هو أولى به من هذا المعنى الذي ذكرناه فيه ، والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان به فيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فإن قال قائل : فهل تدخل سؤالات
عمر رضي الله عنه المذكورات في حديث
أبي ميسرة عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عز وجل جوابات لها ما أنزل من الآي المذكورات في ذلك الحديث في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
سعد رضي الله عنه : {
أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن محرما فحرم من أجل مسألته } .
قيل له : ليس بداخل ذلك في شيء من حديث
سعد هذا ؛ لأن حديث
سعد إنما هو فيمن سأل عن ما كان حلالا ، فحرم من أجل مسألته
وعمر رضي الله عنه في حديث
أبي ميسرة الذي ذكرنا إنما سأل ، عن شيء قد تقدم تحريم الله له قبل ذلك ، ألا تراه يقول فيه : لما نزل تحريم الخمر ، قال :
عمر رضي الله عنه اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، وذلك منه رضي الله عنه يحتمل أن يكون أراد به
[ ص: 139 ] ما بين الله عز وجل جوابا له في أعلام القوم الذين كان عظم تحريم الخمر في قلوبهم لجلالة مقدارها كان عندهم قبل ذلك ، أن الله عز وجل إنما حرمها عليهم لما لهم من ذلك من الصلاح ؛ لأنها رجس ؛ ولأن فيها إثما كبيرا ؛ ولأنها تمنع من الصلاة ألا ترى أنهم قد كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة ينادي : لا يحضرن الصلاة سكران .
1494 - حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=16639علي بن معبد ، قال : حدثنا
إسحاق بن منصور السلولي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16723عمرو بن ميمون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675108 { سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : إذا أقيمت الصلاة فلا يقربن الصلاة سكران } .
فأخبر رضي الله عنه أنهم قد كانوا يصيرون بشربها إلى حال يمنعون لأجلها قرب الصلاة ؛ ولأنها قد كانت توقع العداوة والبغضاء بينهم ، إذ كانت سببا لما نزل
بسعد رضي الله عنه عند شربه هو ونفر من
الأنصار إياها ، وتفاخرهم عند ذلك حتى قال بعضهم :
المهاجرون أفضل ، وقال بعضهم :
الأنصار أفضل ، فأخذ لحي جزور ففزر به أنف
[ ص: 140 ] سعد ، فكان أنفه مفزورا .
1495 - حدثنا بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17092مصعب بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ...
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : وفي ذلك عظم منفعة سؤال
عمر رضي الله عنه الله عز وجل للمسلمين حتى علموا من أجل سؤاله ، أن تحريم الله عز وجل الخمر كان عليهم خيرا لهم من بقاء حلها لهم ؛ إذ كان حلها يوقع بينهم العداوة والبغضاء والجنايات من بعضهم على بعض ، وتحريمها ليس ذلك فيه ، وليعلموا أن ذلك نعمة من الله عز وجل عليهم كان سببها سؤال
عمر رضي الله عنه إياه عز وجل لا عقوبة منه إياهم كان بذلك وبالله التوفيق .