1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أكثر أهل الجنة البله وما يدخل في ذلك
صفحة جزء
[ ص: 431 ] 470 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أكثر أهل الجنة البله وما يدخل في ذلك

2982 - حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، قال : حدثنا سلامة بن روح ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أكثر أهل الجنة البله .

[ ص: 432 ] فذكرت هذا الحديث لأحمد بن أبي عمران ، فقال : معناه معنى صحيح .

والبله المرادون فيه : هم البله عن محارم الله - عز وجل - لا من سواهم ممن به نقص العقل بالبله ، ومنه الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2983 - فذكر ما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا الحسين بن محمد المروزي ، قال : حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف ، عن حسان بن عطية ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء [ ص: 433 ] والعي شعبتان من الإيمان ، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق .

2984 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا محمد بن مطرف ، يعني : أبا غسان ، ثم ذكر بإسناده مثله . قال أبو جعفر : ومن ذلك قول الله - عز وجل - : لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ، أي لا [ ص: 434 ] يفقهون بقلوبهم الخير ، ولا يسمعونه بآذانهم لما قد غلب على قلوبهم وعلى أسماعهم ، فمنعهم من ذلك .

ومنه ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : حبك الشيء يعمي ويصم ، وسنأتي به فيما بعد إن شاء الله .

ومنه ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا .

2985 - كما حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عمارة ، وهو ابن القعقاع ، عن أبي زرعة ، [ ص: 435 ] عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : سلوني ، فهابوه أن يسألوه ، فجاء رجل ، فجلس عند ركبته ، فقال : يا رسول الله ، ما الإسلام ؟ قال : ألا تشرك بالله شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، قال : صدقت ، قال : ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله ، وتؤمن بالبعث ، وتؤمن بالقدر كله ، قال : صدقت ، قال : يا رسول الله ، فما الإحسان ؟ قال : أن تخشى الله عز وجل كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : يا رسول الله ، متى تقوم الساعة ؟ قال : ما المسؤول بأعلم من السائل ، وسأحدثك من أشراطها : إذا رأيت المرأة تلد ربتها ، فذلك من أشراطها ، وإذا رأيت الحفاة العراة البكم الصم ملوك الأرض ، فذلك من أشراطها ، وإذا رأيت رعاء الغنم يتطاولون في البنيان ، فذلك من أشراطها ، في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله عز وجل ، ثم قرأ هذه الآية : إن الله عنده علم الساعة ، إلى آخر السورة ، ثم قام الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ردوه علي ، فالتمسوه فلم يجدوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا جبريل صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 436 ] قال أبو زرعة : إذ لم يسألوه .

ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة : وإذا رأيت الحفاة العرة ، البكم الصم ، ملوك الأرض ، فذلك من أشراطها ، ليس يعني بذلك البكم المتعارف ، ولا الصم المتعارف ، ولكن يعني بالبكم عن القول المحمود ، ويعني بالصم الصم عن القول المحمود ، ومثل هذا في القرآن في غير موضع ، منه ما قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هذا معناه عند أهل العلم .

2986 - وهو ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، واليوم كالساعة ، والساعة كاحتراق السعفة .

[ ص: 437 ] فمعناه عند أهل العلم : أن أفهامهم التي يفهم بها هذه الأشياء ، ويوقف على مقاديرها مشغولة بما قد غلب عليها مما لا يعلمون مقادير تلك الأشياء ، فيرون بذلك أنها قد نقصت عن ما كانت عليه قبل حدوث هذه الأشياء بأفهامهم ، وليس الأمر فيها كذلك ، ولكنها بحالها في مقاديرها على ما كانوا يعرفونها به فيما قبل ، وكان ما غيرها عندهم ونقص مقاديرها في ظنونهم شغل أفهامهم بغيرها حتى ظنوا ما ظنوا مما الأمر في الحقيقة بحاله ، وعلى ما كان عليه قبل ذلك .

وقد روي عن رجل من أهل العلم في ذلك ، وهو أبو سنان ، ما قد حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، أو يعقوب بن سفيان - أبو جعفر شك - قال : حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : سألت أبا سنان عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة ، ثم ذكر هذا الحديث ، فقال : هذا على التشاغل باللذات ، وهذا تأويل حسن ، وهو يوافق ما ذكرنا مما تأولنا عليه ما تقدمت روايتنا له في هذا الباب ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية