[ ص: 231 ] 510 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقال لمن دعا بدعوى الجاهلية أو تعزى بعزاء الجاهلية
3204 - حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا
عثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي المؤذن ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف الأعرابي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن
عتي بن ضمرة ، قال :
رأيت عند nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رجلا تعزى بعزاء الجاهلية ، فعضه أبي ولم يكنه ، فنظر إليه أصحابه ، فقال : كأنكم أنكرتموه ، فقال أبي : لا أهاب أحدا في هذا أبدا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا .
[ ص: 232 ] [ ص: 233 ] 3205 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا
أحمد بن محمد بن المغيرة ، قال : حدثنا
معاوية - وهو ابن حفص - ، قال : حدثنا
السري بن يحيى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن
عتي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=105264من سمعتموه يدعو بدعاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا .
قال : ففي هذا الحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن سمع يدعو بدعاء
[ ص: 234 ] الجاهلية ما أمر به فيه .
فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تروون عنه .
3206 - فذكر ما قد حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=12538محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15982سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17154منصور بن زاذان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664302الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار .
قال : ففي هذا الحديث أن البذاء في النار ، ومعنى البذاء في النار هو : أهل البذاء في النار ؛ لأن البذاء لا يقوم بنفسه ، وإنما المراد بذكره من هو فيه .
[ ص: 235 ] فكان جوابنا في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن البذاء المراد في هذا الحديث خلاف البذاء المراد في الحديث الأول ، وهو البذاء على من لا يستحق أن يبذأ عليه ، فمن كان منه ذلك البذاء ، فهو من أهل الوعيد الذي في الحديث المذكور ذلك البذاء فيه ، وأما المذكور في الحديث الأول ، فإنما هو عقوبة لمن كانت منه دعوى الجاهلية ؛ لأنه يدعو برجل من أهل النار ، وهو كما كانوا يقولون : يا
لبكر ، يا
لتميم ، يا
لهمدان ، فمن دعا كذلك من هؤلاء الجاهلية الذين من أهل النار كان مستحقا للعقوبة .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوبته أن يقابل بما في الحديث الثاني ليكون ذلك استخفافا به وبالذي دعا إليه ، ولينتهي الناس عن ذلك في المستأنف فلا يعودون إليه .
وقد روي هذا الحديث بغير هذا اللفظ :
3207 - كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15792خالد - وهو ابن الحارث - ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن
عتي بن ضمرة ، قال :
شهدته يوما - يعني nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب - وإذا رجل يتعزى بعزاء الجاهلية ، فأعضه بكذا أبيه ولم يكنه ، فكأن القوم استنكروا ذلك منه ، فقال : لا تلوموني ، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : من رأيتموه تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا .
[ ص: 236 ] ومعناه معنى الحديث الذي قبله ؛ لأن معنى من تعزى بعزاء الجاهلية ، إنما هو من عزاء نفسه إلى أهل الجاهلية ، أي : إضافتها إليهم .
فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على دفع هذا المعنى .
3208 - فذكر ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14385إبراهيم بن بشار الرمادي . 3209 - وما قد حدثنا
الحسن بن غليب ، قال : حدثنا
عمران بن أبي عمران الصوفي .
3210 - وما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16304عبد الجبار بن العلاء ، قالوا جميعا : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، قال : حفظته من
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654525كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال الأنصاري : ياللأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما بال دعوى الجاهلية ، قالوا : يا رسول الله رجل من المهاجرين كسع رجلا [ ص: 237 ] من الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها منتنة .
قال هذا القائل : فلو كان ما في الحديث الأول كما رويتموه ، لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على من ترك القول الذي في الحديث الأول لمن دعا بما دعا به في الحديث الآخر .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن ما في الحديث غير مخالف لما في الحديث الأول ؛ لأن الذي في هذا الحديث إنما هو الدعاء بأهل الهجرة إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل النصرة لله عز وجل ولرسوله ، فلم يكن ذلك كالدعاء إلى رجل جاهلي من أهل النار كافر بالله ورسوله ، فجاء فيمن دعا إلى الجاهلي
[ ص: 238 ] ما في الحديث الأول ، ولم يجئ مثله فيمن دعا إلى مهاجر إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلى ناصر لله عز وجل ولرسوله .
فإن قال : ففي هذا الحديث : ما بال دعوى الجاهلية ، قيل له : لأن قوله : يا
للمهاجرين ، وقول صاحبه : يا
للأنصار ، شبيه بقول أهل الجاهلية : يا لفلان ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك القول ممن قاله ، إذ كان الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم قد أوجبا لأهل الإسلام على أهل الإسلام النصرة لهم ، ودفع الأذى والظلم والمكروه عنهم .
وتقدم الوعيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن ترك ما عليه من ذلك بما قد ذكرناه في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي مر بمظلوم فلم ينصره فيما تقدم منا في كتابنا هذا .
فبان بحمد الله عز وجل ونعمته استواء ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، وانتفاء التضاد عنه ، والله نسأله التوفيق .