[ ص: 417 ] 539 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحين الذي يسع فيه ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
3350 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12538محمد بن علي بن داود البغدادي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14614ومحمد بن علي بن زيد المكي ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14153الحكم بن موسى النسائي أبو صالح ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15460الهيثم بن حميد ، عن
حفص ، وهو ابن غيلان أبو معبد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=848631قيل : يا رسول الله ، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ قال : إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل ، قيل : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : إذا ظهر الإدهان في خياركم ، والفاحشة في شراركم ، وتحول الملك في صغاركم ، والفقه في أراذلكم .
[ ص: 418 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث ، فبدأنا منه بطلب مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه إذا ظهر فينا ما ظهر في
بني إسرائيل ما ذلك الذي كان ظهر فيهم ؟ فكان ذلك عندنا - والله أعلم - هو ما في الحديث الذي رويناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أن بني إسرائيل كان أحدهم يرى من صاحبه الخطيئة فينهاه تعذيرا ، فإذا كان من الغد جالسه وواكله وشاربه ، كأنه لم يره على خطيئته بالأمس ، فلما رأى الله ذلك منهم ، ضرب قلوب بعضهم على بعض ، ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم صلوات الله عليهما ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على لسان السفيه ، ولتأطرنه على الحق أطرا ، أو ليضربن الله عز وجل قلوب بعضكم على [ ص: 419 ] قلوب بعض ، ويلعنكم كما لعنهم .
فبان بذلك أن الزمان الذي يكون أهله ملعونين - ونعوذ بالله من ذلك الزمان - الذي يكون لا معنى لأمرهم بمعروف ولا لنهيهم عن منكر .
ثم ثنينا بالإدهان المذكور في هذا الحديث ما هو ، فوجدنا الإدهان في كلام العرب التلين لمن لا ينبغي التلين له ، كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ، قال : ومن ذلك قول الله عز وجل :
ودوا لو تدهن فيدهنون أي : تلين لهم ، فيلينون لك ، فمثل ذلك ما في هذا الحديث من إدهان الأشرار الخيار هو التلين لهم ؛ لأن المفروض عليهم خلاف ذلك مما قد ذكرناه في حديثي
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأبي موسى .
ثم ثلثنا بطلب مراده صلى الله عليه وسلم بتحويل الملك في الصغار ما هو ، فكان المراد به عندنا - والله أعلم - الملك الذي إلى أهله أمور الإسلام من إقامة الجمعات والجماعات ، وجهاد العدو ، وسائر الأشياء التي إلى الأئمة والتي ترجع العامة فيها إلى ما عليه أئمتهم فيها ، فيكونون بهم في ذلك مقتدين ، ولآثارهم فيه متبعين ، وكان ذلك مما القيام به من الكبار موجود ، ومن الصغار معدوم .
ثم ربعنا بطلب معنى قوله صلى الله عليه وسلم : والفقه في أراذلكم ، فكان وجهه
[ ص: 420 ] عندنا - والله أعلم - أن الفقه الذي أراده صلى الله عليه وسلم في ذلك هو الفقه الذي ذكره فيما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عنه .
3351 - كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661596تجدون الناس معادن ، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .
[ ص: 421 ] 3352 - وكما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17111معاوية بن عمرو الأزدي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة بن قدامة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .
وكما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقا لذلك .
3353 - كما حدثنا
عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكره مثله .
قال : فأعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خيار الناس في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ، وخيارهم في الجاهلية هم أهل الشرف بالأنساب ، فإذا فقهوا في الإسلام كانوا خيار أهل الإسلام ، وعقلنا بذلك أنهم إذا لم يفقهوا في الإسلام لم يكونوا كذلك ، وكان من
[ ص: 422 ] فقه سواهم ممن ليس له من النسب ما لهم يعلون بذلك ، ويكونون بذلك لاحقين بمن كان عليه ممن لزمه ، وكان من أهله سواهم ، فكان في ذلك رفعة لهم إلى درجة عالية ، وإلى مرتبة رفيعة ، وكان لهم في ذلك فضيلة على من سواهم من الآخرين ؛ لأن الذي شرف به الآخرون لم يكن باكتساب لهم إياه ، وإنما كان نعمة من الله عليهم ، والذي كان من هؤلاء الآخرين ، فكان باكتسابهم إياه وبطلبهم له وبنصيبهم فيه ، ومثل هذا ، فلا خفاء بالمراد به على سامعه ، والله نسأله التوفيق .