[ ص: 78 ] 554 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لأبي الدرداء : طف الصاع
3456 - حدثنا
صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16863مؤمل بن إهاب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12374أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14063أبيه ، عن
سالم بن أبي سالم الجيشاني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، قال :
مات أخ لي ، وترك امرأته ، فخطب إلي أخ له لأمه ، فأتيتها ، فقلت : لا تزوجي فلانا ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فمر بي ، فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء ، يا ابن ماء السماء ، طف الصاع .
[ ص: 79 ] 3457 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15333إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17029محمد بن منصور ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12374أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح ، وحدث
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14063أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12023أبي سالم الجيشاني قال :
توفي أخ لأبي الدرداء من أبيه ، وترك أخا من أمه فنكح امرأته ، فغضب nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء حين سمع ذلك ، فأقبل إليها فوقف عليها ، فقال : أنكحت ابن الأمة ؟! فردد ذلك عليها فقالت - أصلحك الله - إنه كان أخ زوجي ، وكان أحق بي يضمني وولده ، فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل إليه حتى وقفه ، ثم ضرب على منكبه ، فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء ، يا ابن ماء السماء ، طف الصاع ، طف الصاع ، طف الصاع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فكان تصحيح هذين الإسنادين لهذا الحديث أن يدخل في إسناده برواية
صالح بن عبد الرحمن إياه بالإسناد الذي رواه به
سالم بن أبي سالم ، وأن يدخل فيه برواية
إسحاق بن إبراهيم إياه بالإسناد الذي رواه به
أبو سالم ، فيعود إسناده إلى
سالم بن أبي سالم ،
[ ص: 80 ] عن
أبي سالم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء .
ثم تأملنا ما فيه من ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأبي الدرداء من أجله ما قاله له فيه ، فوجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء قد كان منه قبل ذلك من الغضب على زوجة أخيه المتوفى ما كان منه إليها لما نكحت أخاه لأمه الذي كانت أمه أمة ، ما كان أهل الجاهلية يعدونه نقصا فيمن كان كذلك ، ويعدون من كان بخلافه فوقه ، ومن وعيده لها عند ذلك بما أوعدها عليه مما قد منع الإسلام منه ; إذ كان الإسلام قد أمر بترك الافتخار بالأنساب التي كان أهل الجاهلية يفتخرون بها ويعلو بعضهم بعضا من أجلها ، وأعلمهم بتساوي الناس في ذلك ، وأنه لا يفضل بعضهم بعضا إلا بالعمل الصالح . وروي عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك .
3458 - ما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري ، عن
أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676375إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها ، مؤمن تقي أو فاجر شقي ، أنتم بنو آدم وآدم من تراب ، ليدعن رجال فخرهم بأقوام ، إنما هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على الله عز وجل من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن .
[ ص: 81 ] فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الفخر الذي لبني آدم مما يكون بعضهم أعلى به على بعض إلى التقى الذي يكون في مؤمنهم ، فيكون بذلك أعلى من فاجرهم الذي يكون معه بفجوره الشقاء ، وكان قوله
لأبي الدرداء عند ذلك : طف الصاع ، من هذا المعنى ; لأن طف الصاع : المراد به التقصير عن ملء الصاع والتساوي فيه وجمعه للناس جميعا ، وتباينهم في ذلك بما باين الله عز وجل بهم فيه من الأعمال الصالحة التي رفع بها الدرجات لأهلها ، وجعلهم بذلك بخلاف أضدادهم ممن معه الأعمال السيئة ، والاختيارات القبيحة .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك من ما حدث به عنه
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني حديث زائد على الحديث الذي رويناه في هذا المعنى في هذا الباب .
3459 - كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، عن
الحارث بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16617علي بن رباح ،
[ ص: 82 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=697520إن أنسابكم هذه ليست بمساب على أحد ، إنما أنتم بنو آدم ، طف الصاع لم تملؤوه ، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو عمل صالح ، بحسب الرجل أن يكون فاحشا بذيئا بخيلا جبانا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فكان الطف المذكور في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء هو النقصان ، ومنه قول الله عز وجل :
ويل للمطففين ، أي : المنقصين في الكيل ، فمن ذلك انتقاص
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أخا أخيه لأمه بما انتقصه به من أنه ابن أمة حتى خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجله بما خاطبه به في الحديث الذي ذكرنا .
وقد حدثنا
ولاد النحوي ، عن
المصادري ، عن
أبي عبيدة ، قال : المطفف الذي لا يوفي على الناس من الناس . فذلك دليل على ما ذكرنا .
[ ص: 83 ] وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه في « غريب الحديث » الذي أجازه لنا عنه
علي بن عبد العزيز : الطف : أن يقرب الإناء من الامتلاء من غير أن يمتلئ .
يقال : هذا طف المكيال ، وطفافه ، إذا كرب أن يملأه ، ومنه التطفيف في الكيل إنما هو نقصانه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : ثم نهاية الشرف بعد ذلك الذي يتفاضل فيه أهل الأعمال المحمودة والاختيارات العالية تفاضلهم في ذلك بأماكنهم مع هذه الأعمال بخير خلق الله عز وجل وصفوته من عباده ، واختياره لرسالته والتبليغ عنه ، فيكون معه باكتسابه لنفسه الأمور المحمودة أفضل من غيره ممن معه مثل ذلك للموضع الذي وصفه الله عز وجل به وأثابه به عمن سواه من ذوي تلك الأعمال .
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :
خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا .
وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، وفي ذلك ما قد عقل به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علو مرتبة الفقه وجلالة مقادير أهله وعلوهم من سواهم من المتخلفين عنه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .