[ ص: 146 ] 561 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللطمة هل فيها قصاص أم لا ؟
3526 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
عبد الأعلى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683443أن رجلا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية ، فلطمه العباس ، فجاء قومه ، فقالوا : والله لنلطمنه كما لطمه ، فلبسوا السلاح ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصعد المنبر ، وقال : يا أيها الناس ، أي أهل الأرض أكرم على الله ؟ قالوا : أنت . قال : فإن العباس مني وأنا منه ، فلا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا ، فجاء القوم ، فقالوا : يا رسول الله ، نعوذ بالله من غضبك ، فاستغفر لنا .
[ ص: 147 ] فقال قائل : ففي هذا الحديث أن قوم الملطوم طلبوا القصاص من اللطمة التي كانت من
العباس إلى صاحبهم ، ولم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ، ففي ذلك ما قد دل على وجوب القصاص في اللطمة ، وأنتم لا تقولون ذلك في جملتكم ، ولا
أهل المدينة سواكم .
وذكر ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك :
لا قصاص في اللطمة ; لأنه لا يدرى ما حدها .
قال : وفي ذلك ما قد دل على خروجكم من هذا الحديث لا إلى حديث مثله .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنا ما خرجنا عن هذا الحديث ولا تركناه ، وما هو حجة علينا في دفعنا القصاص من اللطمة ، بل هو حجة لنا في ذلك ; لأن القصاص لو كان فيها واجبا لأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه ممن وجب عليه من وجب له ، ولما منعه من ذلك جلالة منزلة من وجب عليه ، كما لم يمنعه من
فاطمة التي هي إليه أقرب من
العباس ، بأن قال :
والله لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها . ولكنه لم ير اللطمة التي كانت موجبة شيئا ، فترك لذلك أخذ شيء بها من
العباس للذي كان منه إليه ، ومعقول في نفس الفقه أن من أخذ شيئا عمدا يوجب أخذه عليه شيئا ، أنه إذا أخذه غير عمد وجب عليه في أخذه إياه شيء إما مثله وإما غيره ، من ذلك أن
[ ص: 148 ] رجلا لو استهلك لرجل مالا على خطأ كان منه أن عليه له مثله إن كان له مثل ، أو قيمته إن كان لا مثل له ، وأنه لو قتله عمدا لوجب عليه القصاص ، ولو قتله خطأ وجبت عليه الدية ، فكان مثل ذلك ما ذكرنا من اللطمة التي لم تجرح ولم تؤثر في وجه الملطوم أثرا ، لا شيء فيها إذا كان ذلك خطأ ، فمثل ذلك إذا كانت عمدا لا شيء فيها ، ولهذا المعنى - والله أعلم - ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ للذي لطمه
العباس من
العباس لطمته إياه شيئا من قود ومن غيره .
فقال : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3527 - فذكر ما قد حدثنا
علي بن شيبة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى ، عن
القاسم بن عبد الواحد المكي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، عن
عبد الله بن أنيس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=696309 : يقول الله عز وجل يوم القيامة : لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ، ولأحد من أهل النار عنده مظلمة ، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عنده مظلمة ، حتى أقصه منه ، حتى اللطمة . قلنا : وكيف ، وإنا إنما نأتي الله عز وجل عراة غرلا بهما ؟ قال : بالحسنات والسيئات .
[ ص: 149 ] قال : ففي هذا الحديث أن الله عز وجل يأخذ في الآخرة اللطمة لمن لطمها في الدنيا ممن لطمه إياها فيها ، وفي ذلك ما قد دل على وجوب ذلك كان عليه له في الدنيا .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه لا حجة علينا في هذا الحديث أيضا ; إذ كان قد يحتمل أن يكون الله عز وجل قد رفع عن اللاطم في الدنيا أن يكون عليه في لطمته في الدنيا شيء من قصاص ومن غيره للذي لطمها إياه ; إذ كان حدها غير مقدور عليه ، والحكومة فيها غير مقدور عليها ، فرفع ذلك عنه في الدنيا ، وكان
[ ص: 150 ] عز وجل في الآخرة قادرا على الوقوف على حدها ; إذ كان في الآخرة يتولى الحكم فيها ، وكان المتولي للحكم فيها غيره من عباده ممن لا يقدر على مثل ذلك منها .
فقال قائل : فقد وجدنا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوجب القصاص في اللطمة .
فذكر ما قد حدثنا
سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا
عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
يحيى بن حصين الأحمسي ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب قال :
لطم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجلا ، فقالوا : والله ما رأينا كاليوم قط ما رضي أن يمنعه حتى لطمه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إن هذا أتاني يستحملني فحملته ، ثم أتاني يستحملني فحملته ، ثم أتاني يستحملني فحملته ، وإذا يبيعها ، فحلفت أن لا أحمله ، ثم قال : والله لأحملنه ، ثم والله لأحملنه ، ثم والله لأحملنه ، ثم قال : اقتص مني ، فعفا الآخر عنه .
وما قد حدثنا
عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
يحيى بن حصين الأحمسي ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب يقول :
لطم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رجلا ، [ ص: 151 ] فقالوا : ما رضي أن يمنعه حتى لطمه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه للرجل : اقتص مني ، فعفا عنه الرجل .
فكان جوابنا في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه يحتمل أن يكون
أبو بكر أباح ذلك من نفسه لا بواجب عليه ، ولكن تواضع منه وكراهة لما كان منه من الاستعلاء على غيره بلطمه إياه .
وذكر ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
مخارق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق ، قال :
كان nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد في الجزيرة فلطم ابن أخ له رجلا ، فقال عم الرجل : إنما فضل الله قريشا بالنبوة ، فأقاده خالد بن الوليد منه ، فعفا عنه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : وقد يكون أيضا هذا كان من
خالد تواضعا وأدبا منه لابن أخيه وزجرا منه إياه عن معاودته لذلك ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن
عمر من بعده .
3528 - ما قد حدثنا
أبو غسان مالك بن يحيى الهمداني ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13999الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
أبي فراس ،
[ ص: 152 ] أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=681118إني والله ما أبعث إليكم عمالي ليضربوا أبشاركم ويأخذوا أموالكم ، ولكني إنما بعثتهم ليعلموكم دينكم وسنتكم ، فمن فعل به غير ذلك فليرفعه إلي ، فوالله لأقصنه منه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين أن كان رجل على طائفة ، فأدب بعض رعيته إنك تقص منه ؟ فقال : والذي نفس عمر بيده ، لأقصن منه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ، ثم قال : لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ، ولا تجمروهم في الغزو فتفتنوهم ، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فكان هذا عندنا أيضا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تواضعا منه لا بواجب ، وما كان مما كان من
عمر تأديبا لمن أوعده لذلك وتحذيرا له من أن يفعل ما يأخذ منه أدبا ما أوعده بأخذه إياه منه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .