[ ص: 423 ] 707 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قاله
ليزيد أبي معن في صدقته التي أخذها معن من الرجل الذي كان وضعها عنده : " لك ما نويت يا
يزيد ، ولك يا
معن ما أخذت "
4533 - حدثنا
محمد بن خزيمة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16432عبد الله بن رجاء الغداني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس ، عن
أبي الجويرية ، عن
معن بن يزيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=696144بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي ، وخطب علي ، فأنكحني ، وخاصمت إليه ، وكان أبي خرج بدنانير يتصدق بها ، فوضعها عند رجل ، فأخذتها ، فأتيته بها ، فقال : والله ما إياك أردت بها ، فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : لك ما نويت - لأبي - ولك ما أخذت يا معن .
[ ص: 424 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا فيه ذكر
معن أن أباه خرج بالدنانير التي كان خرج بها ليتصدق بها ، فوضعها عند الرجل الذي كان وضعها عنده ، فكان ذلك الوضع منه عند ذلك الرجل - والله أعلم - لتلك الدنانير ليضعها في الوجه الذي أخرجها له ، وكان ذلك الرجل له في ذلك وكيلا ، وكان تقدم من
يزيد إرادته بتلك الدنانير الصدقة على غير ابنه على ما في الحديث مما قاله لابنه
معن بعد أخذه صدقته من ذلك الرجل ، وكانت الوكالات إنما تكون بما يتكلم به الموكلون ويخاطبون به وكلاءهم لا بما ينوونه في ذلك ، ويكتمونه عنهم في قلوبهم ، وكان الثواب إنما يكون فيما يكون من نيات
[ ص: 425 ] المتصدقين ومن سواهم من أهل الأعمال التي يطلب بها القرب إلى الله تعالى ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لامرئ ما نوى " مما سنذكره فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله عز وجل . ولما كان الأمر فيما ذكرنا كما وصفنا ، وكان من
يزيد أبي معن ما كان منه من النية التي كان نواها فيما كان أخرجه ليتصدق به ، كان له ثواب نيته ، وكان ما أخذه ابنه
معن من ذلك قد أخذه ممن وكل فيه جائز الوكالة بما فعله فيه ، فجاز
لمعن ما فعله له فيه وكيل أبيه فيما دفعه إليه ، وكان لأبيه ثواب ما نواه من الصدقة به على الغريب الذي كان أراد أن تكون صدقة عليه ، وقد احتج
محمد بن الحسن بهذا الحديث لقوله فيمن تصدق بزكاة ماله على رجل يراه أجنبيا منه ، ثم علم بعد ذلك أنه أبوه أو ابنه أنه يجزئه ذلك ، وليس هذا عندنا من قوله بشيء ، ولا في هذا الحديث الذي احتج به حجة له فيه ، والدليل على ذلك - والله أعلم - أن تلك الصدقة لا تحل لقابضها ، لأنها زكاة مال أبيه ، وزكاة مال أبيه أو مال ابنه لا تحل له ، وإذا كانت لا تحل له كانت غير جازية عن أبيه ، أو عن ابنه الذي أعطاه إياها ، ومثل ذلك الرجل يدفع زكاة ماله إلى رجل على أنه فقير ، ثم يعلم بعد ذلك أنه غني ، فلا تجزئه أيضا ، لأنها حرام على الذي أعطيها ، وإذا كانت حراما عليه كانت غير جازية عن معطيه إياها ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وهو أولى ما قيل في هذا الباب عندنا ، والله أعلم ، وإياه نسأله التوفيق .