[ ص: 76 ] 945 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان منه في الذي طعنت رجله بقرن - فسأل القود فأقاده - فشلت رجل المقتص ، وبرأت رجل المقتص منه .
5849 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار .
عن
محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال :
طعن رجل آخر بقرن في زحام ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أقدني ، فقال : " انتظر " ، ثم أتاه الثانية ، أو ما شاء الله عز وجل ، فقال : أقدني فأقاده ، فبرأ الآخر ، وشلت رجل الأول ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أقدني مرة أخرى ، فقال : ليس لك شيء ، قلت لك : انتظر فأبيت هكذا حدثناه
[ ص: 77 ] يونس إملاء في سنة خمس وخمسين ، وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني حدثناه قبل ذلك في سنة ثلاث وخمسين عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بغير شك فيه ، وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله للرجل : " انتظر " ثلاث مرات ، ومن أخذه له بالقود لما سأله إياه في المرة الرابعة ، وإنما حملنا على أن أتينا بهذا الحديث في كتابنا مع انقطاعه ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة قد كان حدث به ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، وذكر
[ ص: 78 ] لي ذلك
غير واحد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16999محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبيه .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج هذا الحديث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عنه ، وذكر فيه أن ينتظر حتى يبرأ من الجناية عليه .
5850 - كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن [ ص: 79 ] جريج يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار .
عن
محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة :
أن رجلا طعن رجلا بقرن ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أقدني . فقال : "حتى تبرأ " . ثلاث مرات ، ثم أقاده ، فعرج المستقيد ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : حقي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبعد الله عن ذلك ، لا شيء لك .
فتأملنا هذا الحديث ، فعقلنا أن منع رسول الله صلى الله عليه وسلم المجني عليه من القود حين سأله إياه لم يكن ذلك ، وقد وجب له القود ; لأنه لو كان قد وجب له لما منعه منه ، وأوفاه الواجب منه ، ولما سأله القود بعد ذلك ، وأجابه إليه ، فأقاده دل ذلك أنه قد كان وجب له فيه ; لأنه لو لم يكن كذلك لما أخذ له غير واجب له .
وكان جملة ما في هذا الحديث : أن القود من الجناية عند وقوعها على المجني عليه من الجاني قد اختلف أهل العلم في القود هل وجب له حينئذ فيقيد ، أو لم يجب حتى ينظر إلى ما تتناهى إليه جنايته من ذهاب نفس المجني عليه ، أو من سلامتها من ذلك ، أو ذهاب أعضائه بها ، أو سلامة ما بقي من بدنه ، أو من برء من الجناية ؟
فمنهم من كان يقول : لا يجب له القود حتى ينظر إلى ما تؤول إليه الجناية من ذلك ، فيجعل كأنه جني عليه ما تناهت إليه جنايته ، ويوفى ما له في ذلك لو كان الجاني قصد به إليه فيه من قود ، وما
[ ص: 80 ] سوى ذلك ، وممن كان يقول ذلك منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه .
وكان بعضهم يقول : يجب له القصاص من الجاني حين كانت جنايته عليه بمثل ما جناه عليه ، ثم ينظر ما يؤول إليه حال كل واحد منهما في ذلك من تكافؤ ، أو زيادة من جناية الجاني ، فيكون قد فعل به فعلان قودا مما لم يكن منه فيه إلا فعل واحد ، وممن كان يقول ذلك منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
ولما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم المجني عليه في الحديث الذي رويناه في الباب من القود حين كانت جنايته عليه ، عقلنا بذلك أنه منعه مما لم يكن وجب له ، وأنه أقاده في الوقت الذي أقاده بأن كان هو الوقت الذي كان وجب له فيه القود على الجاني عليه ، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد منع المجني عليه من القود من الجاني بعد جنايته عليه ، ثم أقاده منه في ذلك في حال أخرى ، عقلنا بذلك أنما منعه من القود في الحال الأولى انتظارا لحال سواها ، ولا حال في ذلك إلا البرء من الجناية ، وما يؤول إليه مما سواها من ذهاب نفس المجني عليه منها ، أو من ذهاب بعض أعضائه منها ، أو من سلامة نفسه .
وفيما ذكرنا من ذلك وجوب رفع القود عن الجاني للمجني عليه حتى يوقف إلى ما تتناهى إليه جنايته عليه ، فيوفى حين ذلك الواجب له عليه كما قال الذين قالوا ذلك ممن حكيناه عنهم من أهل العلم .
وكان القياس عندنا في ذلك هو هذا القول أيضا ; لأنا وجدناهم لا يختلفون في الجناية لو كانت خطأ ، فمات منها المجني عليه ، أنهم يوجبون عليه دية النفس لا دية ما سواها من العضو المقطوع المقصود
[ ص: 81 ] بالجناية إليه لا مما سواه مما ذهب بتلك الجناية ، وإنما يكون الواجب في ذلك من ذهاب الأعضاء المقطوعة إذا كان البرء منها ، ويكون لا حكم لها إذا ذهبت النفس من تلك الجناية ، ويعود الحكم للنفس لا لما سواها ، ويجب القود فيها لا في الأعضاء الذاهبة بتلك الجناية التي وجب القود فيها ، وبالله التوفيق .