[ ص: 336 ] 983 - باب بيان مشكل الصحيح من ما اختلف فيه أهل العلم من هبة المرأة نفسها من رجل على سبيل التزويج ، هل يكون ذلك تزويجا ، أو لا يكون تزويجا ، وما روي فيه من الآثار .
6063 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13529الحسين بن نصر بن المبارك البغدادي ،
والحسن بن غليب بن سعد الأزدي قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي الكوفي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16637علي بن مسهر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654721كان يقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=10683خولة بنت حكيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت من المهاجرات الأول ، قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - : كنت إذا ذكرت ، قلت : إني لأستحيي من امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر ، وكانت من أغير الناس ، وفيها نزلت هذه الآية : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء . قلت : يا رسول الله ، إن ربك ليسارع في هواك .
[ ص: 337 ] 6064 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15333إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561أبيه .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها كانت تقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659667أما تستحيي امرأة أن تهب نفسها لرجل حتى أنزل الله تعالى : ترجي من تشاء منهن الثلاث آيات . قلت : إن ربك ليسارع لك في هواك .
6065 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15177محمد بن عبد الله بن المبارك ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561أبيه .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654414كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقول : أتهب امرأة نفسها لرجل ؟ فأنزل الله تعالى قوله : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك . قلت : والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك .
[ ص: 338 ] وهذه مسألة من الفقه يختلف أهلها فيها ; فتقول طائفة منهم : إذا وهبت المرأة نفسها لرجل على سبيل تمليكه إياه بضعها ، وقبل ذلك منها بمحضر من الشهود لذلك ، كان ذلك تزويجا ، فإن كان سمى لها صداقا في ذلك كان لها المسمى ، وإن لم يسم لها صداقا كان لها صداق مثلها ، فإن طلقها قبل أن يدخل بها كان لها عليه المتعة .
وممن كان يقول ذلك منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
وسفيان بن سعيد الثوري ، وسائر أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وتقول طائفة منهم : إذا وهب الرجل ابنته الصغيرة لرجل ليحصنها ، وليكفيها على وجه النظر لها كان ذلك جائزا ، وإن وهبها بصداق ذكره كان ذلك نكاحا بعد أن يكون أراد بالهبة النكاح ، وممن قال ذلك
عبد الرحمن بن القاسم على معاني قول
مالك .
وتقول طائفة منهم : النكاح والتزويج لا يعقد بهبة عقدها ، وممن كان يقول ذلك منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فتأملنا ما اختلفوا فيه من ذلك ، فوجدنا الله تعالى قد قال في كتابه :
وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها ، فجعل الله عز وجل تلك الهبة نكاحا بلا صداق جائزا ، ثم أعقب ذلك فقال :
خالصة لك من دون المؤمنين [ ص: 339 ] ، فاحتمل أن يكون ما أخلصه عز وجل ، وجعله له الهبة ، نكاحا بلا صداق يكون عليه فيه ، ويكون مثله لغيره نكاحا يوجب عليه الصداق ، فإن كان كذلك ثبت ما قد ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك ، وفي الآية التي تلونا :
إن أراد النبي أن يستنكحها ، أي بالهبة التي كانت منها له .
ففي ذلك ما قد دل أن الهبة له صلى الله عليه وسلم قد كان له نكاحا ، والتخصيص فلا يكون إلا بآية مسطورة أو سنة مأثورة ، أو بإجماع من أهل العلم على ذلك ، وإذا لم يكن ذلك موجودا كانت على عمومها إلا ما أجمع عليه من الخصوص منها .
وتأملنا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن الله عز وجل سمى النكاح في كتابه باسمين ; النكاح ، والتزويج ، فلم يكن التزويج إلا بهما ، فكان من جواب مخالفيه له في ذلك : أنهم قد وجدوا الطلاق ذكره الله عز وجل في كتابه بالطلاق ، والفراق ، والسراح ، ولم يذكره بما سواهن ، وأجمع أهل العلم أن ذلك ليس بتخصيص للطلاق بهذه الثلاثة الأسماء ، ولا يكون بما سواها ، بل قد جعلوه بهذه الأسماء ، وبالخلع ، والخلية ، والبرية ، والبائن ، والحرام .
وإذا كان الطلاق لم تلحقه الخصوصية بقول الله إياه في كتابه إلا بالثلاثة أشياء التي ذكرها به ، وألحقوا بها ما سواها مما معانيها كمعانيها ، كان كذلك النكاح لا يكون قول الله عز وجل ذكره في كتابه بخلاف الاسمين اللذين ذكرهما فيه ، ويكون بما معناه معناهما لاحقا بهما ، ولما كانت الهبة من الزوج للمرأة بضعها كالنكاح يقوم ذلك مقام
[ ص: 340 ] الطلاق كمثلها إذا أراد به الطلاق كان مثل ذلك هبتها بضعها له يكون ذلك كالنكاح الذي يعقده له على بضعها ، وتكون الهبة من كل واحد منهما لصاحبه فيما ذكرنا في حكم التمليك ، كما تكون الهبة من الآخر له كذلك أيضا .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في هذا الباب .
ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة مولى الأسود قال :
سألت nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن رجل بشر بجارية ، فقال له رجل من القوم : هبها إلي . فوهبها له ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : لم تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو أصدقها سوطا لحلت له .
فدل ذلك أن الهبة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اختص بها كان عند
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب على الهبة التي لا صداق عليه فيها ، وإن من سواه صلى الله عليه وسلم في الهبة يكون بها ناكحا بصداق يجب عليه فيها كما يجب عليه في تزويج لو نكح بلا صداق ذكره فيه .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة معنى يجب أن يتأمل ، وهو قولها : إني لأستحيي من امرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر ، ولم تقصد بذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل عمت به الرجال ، إن كان ذلك خرج منها مخرج النكرة ،
[ ص: 341 ] والنكرة تعم الناس جميعا ، فكان قولها هذا قد دل على أنها تستحيي لامرأة تهب نفسها لرجل بغير مهر ، فدخل في ذلك الناس جميعا ، فكان في ذلك ما قد دل أن من وهبت نفسها من النساء لأحد من الرجال كان به زوجا ، وفي ذلك ما قد دل على أن الخصوصية إنما كانت في كونها زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم بغير صداق ، فلا يكون تزويجا لغير النبي صلى الله عليه وسلم ، كما كانت تزويجا للنبي صلى الله عليه وسلم بلا صداق ، ويكون لغيره بصداق يجب معها ، وبالله التوفيق .