1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن فضالة بن عبيد في القلادة ذات الذهب والخرز التي بيعت بذهب
صفحة جزء
[ ص: 377 ] 991 - باب بيان مشكل ما روي عن فضالة بن عبيد في القلادة ذات الذهب ، والخرز التي بيعت بذهب ، وما رواه بعضهم في ذلك ، مما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : أنها لا تباع حتى تفصل ، وما رواه بعضهم موقوفا على فضالة .

6093 - حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى .

6094 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثم اجتمعا ، فقال كل واحد منهما : حدثنا الليث بن سعد ، حدثني أبو شجاع سعيد بن يزيد الحميري ، عن خالد بن أبي عمران ، وسقط من كتابي ، عن الربيع ، عن حنش ، وهو ثابت في حديث أحمد ، عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب ، وخرز باثني عشر دينارا ، ففصلتها ، فإذا الذهب أكثر من اثني عشر دينارا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا تباع حتى تفصل .

[ ص: 378 ] فكان في هذا الحديث منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع القلادة التي فيها الخرز والذهب بالذهب حتى تفصل ، فإن كان ذلك كذلك ففي ذلك دليل أنه إذا علم مقداره غني بذلك عن تفصيلها ، وفي الحديث ما قد دل على جواز بيعها قبل أن تفصل ; لأنها إنما كانت من المغانم فبيعت بعد ذلك ، والمغانم فإنما تقسم بين أهلها على ما تجوز عليه البياعات .

6095 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، حدثنا هشيم ، عن ليث بن سعد ، عن خالد بن أبي عمران ، ولم يذكر بينهما أبا شجاع ، عن حنش الصنعاني .

عن فضالة بن عبيد قال : أصبت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز ، فأردت أن أبيعها ، فأتيت النبي - عليه السلام - فذكرت ذلك له [ ص: 379 ] فقال : افصل بعضها من بعض ، ثم بعها كيف شئت .

فكان حديث الليث الذي بدأنا بذكره هو الصحيح في هذا الباب من حديثه ; لأنه كذلك هو عند أهل بلده عنه .

6096 - وحدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن يزيد قال : سمعت خالد بن أبي عمران يحدث عن حنش .

عن فضالة قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بقلادة فيها خرز مغلفة بذهب ابتاعها رجل بسبع أو بتسع ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال : لا ، حتى تميز ما بينهما . قال : إنما أردت الحجارة ، فقال : لا ، حتى تميز ما بينهما . فرده .

[ ص: 380 ] ففي هذا الحديث ما قد دل على تقدم قسمتها بين الرجل الذي باعها وبين أهل الغنيمة سواه ، وفي ذلك ما قد دل على أنه يجوز أن يقسم كذلك بلا تفصيل ، وما جاز في الغنيمة من هذا جاز في البيع ، واحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، حتى تميز ما بينهما من الذهب والجوهر اللذين كانا فيها لما وقف على ما في حديث الليث من الفضل الذي كان في ذهبها على الذي بيعت به .

6097 - وحدثنا يونس ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني قرة بن عبد الرحمن ، وعمرو بن الحارث أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهما ، عن حنش قال :

كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة ، فطارت لي ، ولأصحابي قلادة فيها ذهب ، وورق ، وجوهر ، فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة ، فقال : انزع ذهبها ، فاجعله في الكفة ، واجعل ذهبا في كفة ، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا بمثل .

[ ص: 381 ] فكان الذي في هذا الحديث مما ذكر في القلادة من تفصيلها في الحديث الأول مذكورا في هذا الحديث عن فضالة لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم مما ليس من ذلك المعنى في شيء .

6098 - وحدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني أبو هانئ أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول : سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب ، وخرز ، وهي من المغانم تباع ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال رسول الله : الذهب بالذهب وزنا بوزن .

6099 - وحدثنا بكر بن إدريس الأزدي ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا حيوة بن شريح ، عن أبي هانئ ، فذكر بإسناده مثله .

فكان الذي في هذا الحديث ليس مما في الأحاديث التي ذكرناها عن حنش عن فضالة في هذا الباب في شيء ; لأن الذي في أحاديث حنش الذي كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن لا تباع حتى [ ص: 382 ] تفصل ، وفي بعضها : فرد ذلك البيع ، وكان هذا الذي في حديث علي بن رباح تفصيل النبي صلى الله عليه وسلم إياها بغير بيع كان قد تقدم فيها ، وإعلامه الناس أن الذهب بالذهب وزنا بوزن .

ولما وقع في هذا الحديث من الاضطراب ما ذكرنا ، فكان المعنى الذي أريد بهذا الحديث من أجله هو ما يختلف فيه أهل العلم من بيع الذهب وغيره في صفقة واحدة بذهب .

فتقول طائفة منهم : إن كان ذلك الذهب الذي بيعا به أكثر من الذهب الذي ابتيعا به ، كان ما بقي من ذلك الذهب مبتاعا به ما بيع مع الذهب المبيع في تلك الصفقة ، وإن كان الذهب المبيع مما بيع معه لا يدرى ما وزنه ، أو كان مثل الذهب المبتاع به ذانك الشيئان أو أقل منه فالبيع فاسد ، وممن كان يقول ذلك أبو حنيفة وأصحابه .

وطائفة منهم تقول : لا يجوز ذلك البيع أصلا ; لأن الذهب الذي بيع به ذانك الشيئان يكون مقسوما على قيمتهما ، فيكون الذهب المبيع في تلك الصفقة مبيعا على ما أصابه على قسمة الثمن من الذهب المبتاع به ، فلا يجوز ذلك البيع لذلك ، وممن كان يقول ذلك منهم الشافعي . وجعل أهل هذا القول الذهب والشيء المبيع معه كالعرضين اللذين من غير الذهب إذا بيعا بذهب صفقة واحدة ، أنه يكون كل واحد منهما مبيعا بما أصابه بقسمة الثمن على قيمته وعلى قيمة الشيء المبيع معه .

وكان الآخرون يذهبون إلى أن القسمة على القيم لا تستعمل في هذا ، وإنما تستعمل في غير الذهب المبيع بالذهب ، وفي غير الفضة [ ص: 383 ] المبيعة بالفضة ، وفي غير الأشياء المكيلات المبيعات بأجناسها ، وفي غير الأشياء الموزونات المبيعات بأمثالها ، فيستعملون في ذلك الأمثال المستعملة فيها ، ولا يستعملون في ذلك القيم التي ذكرنا .

وكانوا يحتجون لما كانوا يذهبون إليه في ذلك بما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما دلهم على ذلك .

6100 - كما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك ، أن حميد بن قيس ، حدثه عن مجاهد المكي .

أن صائغا سأل عبد الله بن عمر : إني أصوغ ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه ، وأستفضل من ذلك قدر عملي ، فنهاه عبد الله بن عمر عن ذلك ، حتى انتهى إلى دابته ، أو إلى باب المسجد ، فقال له عبد الله بن عمر : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما ، هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم ، وعهدنا إليكم .

[ ص: 384 ] [ ص: 385 ]

6101 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر .

عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدرهم بالدرهم ، لا زيادة ، والدينار بالدينار ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائبا منها بحاضر .

[ ص: 386 ]

6102 - وكما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني رجال من أهل العلم منهم : مالك بن أنس أن نافعا مولى ابن عمر حدثهم . عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، ولم يذكر بينه وبين أبي سعيد ابن عمر .

6103 - وكما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب قال : سمعت مالكا [ ص: 387 ] يقول : حدثني موسى بن أبي تميم ، عن سعيد بن يسار .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما .

6104 - وكما حدثنا علي بن عبد الرحمن قال : حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا قتادة ، عن أبي الخليل ، عن مسلم [ ص: 388 ] عن أبي الأشعث الصنعاني : أنه شهد خطبة عبادة ، أنه حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الذهب بالذهب وزنا بوزن ، والفضة بالفضة وزنا بوزن ، والبر بالبر كيلا بكيل ، والشعير بالشعير كيلا بكيل ، ولا بأس ببيع الشعير بالتمر ، والتمر أكثرهما يدا بيد ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، من زاد أو استزاد فقد أربى .

[ ص: 389 ]

6105 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا الحسين بن حفص الأصبهاني ، حدثنا سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث .

عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذهب بالذهب وزنا بوزن ، والفضة بالفضة وزنا بوزن ، والبر بالبر مثلا بمثل ، والشعير بالشعير مثلا بمثل ، والملح بالملح مثلا بمثل ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى .

6106 - وكما حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا [ ص: 390 ] إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر .

عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الذهب بالذهب مثلا بمثل ، الكفة بالكفة ، والفضة بالفضة ، مثلا بمثل ، الكفة بالكفة ، والبر بالبر مثلا بمثل يدا بيد ، حتى ذكر الملح .

6107 - وكما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن أن سهيل بن أبي صالح أخبره ، عن أبيه .

عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق ، إلا وزنا بوزن مثلا بمثل ، سواء بسواء .

[ ص: 391 ]

6108 - وكما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن .

عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دينار بدينار ، ودرهم بدرهم ، وصاع تمر بصاع تمر ، وصاع بر بصاع بر ، وصاع شعير بصاع شعير ، لا فضل بين شيء من ذلك .

6109 - وكما حدثنا علي بن معبد ، حدثنا المعلى بن منصور ، أخبرنا عباد - يعني ابن العوام - ، وعبد العزيز بن المختار ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة .

عن أبيه قال : نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، وأمرنا أن نبيع الذهب في الفضة ، والفضة في الذهب كيف شئنا .

[ ص: 392 ] وفي هذا الباب آثار كثيرة اكتفينا منها بالذي جئنا به منها ، فكان في هذه الآثار إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع الذهب بالذهب مثلا بمثل ، وقد يكون الذهب يتفاضل ، فيكون أحدهما أعلى من الآخر يباعان بدينارين مستويين ، فظاهر آثار النبي صلى الله عليه وسلم تطلق ذلك ; لأن ذلك لو كان مما يختلف لاختلاف الدينارين اللذين ذكرنا ، لبين للناس حتى يعلموا أنه أراد بما أطلق غيرهما ، وليس لأحد أن يأتي إلى ما أجمله النبي صلى الله عليه وسلم بحكم واحد فيستعمل فيه تفريق الأحكام وضرب الأمثال ، وكذلك التمر ، فقد أباح بعضه ببعض مثلا بمثل ، يدا بيد ، ولم يختلف في ذلك بين تمرين متفاضلين بيعا بتمر متساو .

وقد وجدنا التمر في نفسه موجودا فيه الاختلاف والتباين حتى تكون فيه التمرة العالية في مقدارها ، وتكون فيه التمرة المقصرة عن ذلك ، فإذا بيع التمر بمثله من التمر فكان هذا موجودا فيه ، ولم يمنع منه الشراء لتباينه في نفسه ولاختلافه في قيمته ، وإذا كان ذلك لا يراعى بقسمة الثمن عليه إذا بيع بجنسه ، وكان البيع فيه جائزا دل ذلك [ ص: 393 ] أنه قد خولف في ذلك بين الأشياء الموزونات وبين الأشياء المكيلات المبيعات بأمثالها ، فلم تستعمل فيها القيم ، واستعمل فيها التساوي فيما هي عليه من كيل أو وزن فأجيز بيع ذلك ، وأبطل إذا كان بخلاف ذلك .

وقد روي عن عبد الله بن عباس أيضا ما يدل على هذا المعنى .

كما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا عثمان بن حكيم ، عن عطاء .

عن ابن عباس قال : بيع التمر في رؤوس النخل إذا كان في غيره دراهم أو دنانير لا بأس به .

فكان وجه ذلك أنه جعل التمر المبيع في رؤوس النخل مبيعا بمثله من التمر الذي ابتيع به ، ولو راعى في ذلك استعمال قسمة التمر على القيم لما جوز ذلك البيع ، وفي تجويزه إياه ما قد دل على أنه لم يستعمل فيه قسمة التمر على القيم كما يستعملها في بيع العرضين اللذين بخلاف ذلك ، وإذا كان ذلك كذلك فيما ذكرنا كان مثله في الذهبين المتفاضلين المبيعين بالذهب المتساوي لا يراعى فيه قسمة الثمن على القيم ، ولكن يراعى فيه التساوي في الوزن لا ما سواه .

فقال قائل : هذا الذي ذكرته عن عبد الله بن عباس مستحيل ; لأن [ ص: 394 ] مذهب ابن عباس كان إجازة بيع الفضة بالفضة مع الفضل الذي في أحدهما على الآخر يدا بيد ، ويروى عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك .

6110 - فذكر ما قد حدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا الخصيب بن ناصح ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس .

عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما الربا في النسيئة .

[ ص: 395 ]

6111 - وما قد حدثنا فهد ، حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، أخبرنا سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن ابن عباس .

عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله [ ص: 396 ]

6112 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا عمرو بن عون ، حدثنا خالد يعني الواسطي ، عن خالد - يعني الحذاء - ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

عن أسامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

قال هذا القائل : فإذا كان هذا مذهب ابن عباس كان محالا أن يحتاج في ذلك إلى ما قد رويته عنه .

فكان جوابنا له في ذلك : أن عبد الله بن عباس قد كان هذا مذهبه ، ثم نزع عنه بعد ذلك وصار إلى قول غيره فيه .

6113 - كما حدثنا يونس ، حدثنا عبد الله بن نافع المديني ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار .

عن أبي سعيد الخدري قال : قلت لابن عباس : أرأيت الذي تقول : الديناران بالدينار ، والدرهمان بالدرهم ، أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما . قال ابن عباس : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : نعم ، قال : فإني لم أسمع بهذا ، إنما أخبرنيه أسامة بن زيد ، فقال أبو سعيد : ونزع [ ص: 397 ] عنها ابن عباس .

[ ص: 398 ] فقال قائل : ومن أين نزع ابن عباس عما كان عليه قبل ذلك ، وقد كان أخذه عن أسامة بن زيد ، وموضع أسامة من الإسلام موضعه إلى ما حدثه به غيره مما يجوز أن يكون حدثه به أسامة ناسخا له ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أن الربا الذي حرمه القرآن وجاء فيه الوعيد عليه هو الربا في النسيئة ، وهو ما كانوا يتبايعون من الآجال في الأموال بالأموال ، فكان ذلك مما حرمه القرآن وتوعد الله تعالى عليه بما توعد ، فكان ربا النسيئة هو التفاضل في الأشياء المكيلات والموزونات ، فوقف ابن عباس على أن الذي حدثه أبو سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ربا غير ربا النسيئة ، فصار إليه وترك ما كان عليه قبل ذلك ، إذ كان في ربا سوى ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية