المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
[ ص: 394 ] 1461 \ 1 - وقال إسحاق : أخبرنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - رجلا سمحا شابا جميلا ، من أفضل شباب قومه ، وكان لا يمسك شيئا ، فلم يزل يدان حتى أغلق ماله كله في الدين ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا له ، فأبوا - فلو تركوا لأحد من أجل أحد تركوا لمعاذ - رضي الله عنه - من أجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ماله كله في دينه ، حتى قام معاذ - رضي الله عنه - بغير شيء ، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - على طائفة من أهل اليمن أميرا ليجبره ، فمكث معاذ - رضي الله عنه - باليمن أميرا - وكان أول من اتجر في مال الله تعالى هو - فمكث حتى أصاب ، وحتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال عمر لأبي بكر - رضي الله عنهما - : أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه ، وخذ سائره ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : إنما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليجبره ، ولست آخذا منه شيئا إلا أن يعطيني ، فانطلق عمر - رضي الله عنه - إليه ، إذ لم يطعه أبو بكر - رضي الله عنه - فذكر ذلك عمر لمعاذ - رضي الله عنهما - فقال معاذ - رضي الله عنه - : أنا أرسلني النبي - صلى الله عليه وسلم - ليجبرني ، ولست بفاعل ، ثم لقي معاذ عمر - رضي الله عنهما - فقال : قد أطعتك ، وأنا فاعل ما أمرتني ، إني رأيت في المنام أني في حومة ماء ، وقد خشيت الغرق ، فخلصتني منه يا عمر ، فأتى معاذ أبا بكر - رضي الله عنه - فذكر ذلك له ، وحلف أنه لم يكتمه شيئا ، حتى تبين له سوطه ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : والله لا آخذه منك ، وقد وهبته لك . فقال عمر - رضي الله عنه - : هذا حين طاب وحل ، فخرج معاذ - رضي الله عنه - عند ذلك إلى الشام .

هذا الحديث إسناده صحيح ، ولكنه مرسل ، ولم يخرجوه في [ ص: 395 ] كتبهم ، بل خرج أبو داود منه في المراسيل المفرد قطعة منه .

وقد خالف عبد الرزاق هشام بن يوسف ، فرواه عن معمر موصولا ، قال : عن ابن كعب ، عن أبيه ، ورواه ابن المبارك عن معمر فأرسله .

1461 \ 2 - وقال الحارث : حدثنا إسحاق بن عيسى بن الطباع ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرني معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، قال : كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - شابا سمحا ، أفضل فتيان قومه ، فلم يزل حتى أغرق ماله في الدين ، فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرماءه ، فلو ترك أحد من أجل أحد لترك معاذ بن جبل - رضي الله عنه - من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : فبقي معاذ - رضي الله عنه - ولا مال له .

[ ص: 396 ] [ ص: 397 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية