المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
3154 قال أبو يعلى : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا المحاربي ، ثنا يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال : فاتني العشاء ذات ليلة فأتيت أهلي ، فقلت : هل عندكم عشاء ؟ قالوا : لا ، والله ما عندنا عشاء ، فاضطجعت على فراشي فلم يأتني النوم من الجوع ، فقلت : لو خرجت إلى المسجد فصليت ، وتعللت حتى أصبح ، فخرجت إلى المسجد ، فصليت ما شاء الله ، ثم تساندت إلى ناحية المسجد كذلك ، إذ طلع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال : من هذا ؟ قلت : أبو بكر ، قال : ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقصصت عليه القصة ، فقال : والله ما أخرجني إلا الذي أخرجك ، فجلس إلى جنبي ، فبينا نحن كذلك إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنكرنا ، فقال : " من هذا ؟ " فبادرني عمر رضي الله عنه فقال : هذا أبو بكر وعمر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أخرجكما هذه الساعة ؟ " فقال عمر رضي الله عنه : خرجت فدخلت المسجد فرأيت سواد أبي بكر رضي الله عنه فقلت : من هذا ؟ فقال : أبو بكر ، فقلت : ما أخرجك هذه الساعة ؟ فذكر الذي كان ، فقلت : وأنا والله ما أخرجني إلا الذي أخرجك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وأنا والله ما أخرجني إلا الذي أخرجكما ، فانطلقوا بنا إلى الواقفي أبي الهيثم بن التيهان فلعلنا نجد عنده شيئا يطعمنا " فخرجنا نمشي ، فانتهينا إلى الحائط في القمر ، فقرعنا الباب ، فقالت المرأة : من هذا ؟ فقال عمر رضي الله عنه : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، ففتحت لنا فدخلنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين زوجك ؟ " قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء من حش بني حارثة ، الآن يأتيكم ، قال : فجاء يحمل قربة حتى أتى بها نخلة ، وعلقها على كرنافة من كرانيفها ، ثم أقبل علينا ، [ ص: 223 ] فقال : مرحبا وأهلا ، ما زار ناسا أحد قط مثل من زارني ، ثم قطع لنا عذقا فأتانا به ، فجعلنا ننقي منه في القمر ، ونأكل ثم أخذ الشفرة فجال في الغنم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياك والحلوب " أو قال : " إياك وذات الدر " . فأخذ رضي الله عنه شاة فذبحها وسلخها ، وقال لامرأته : قومي ، فطحنت وخبزت وجعلت تقطع في القدر من اللحم ، وتوقد تحتها حتى فرغ الخبز واللحم ، فثرد ، وغرف عليه من المرق واللحم ، ثم أتانا به فوضعه بين أيدينا فأكلنا حتى شبعنا ، ثم قام إلى القربة وقد صفقتها الريح ، فبرد ، فصب في الإناء ، ثم ناول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب ، ثم ناول أبا بكر رضي الله عنه فشرب ، ثم ناول عمر رضي الله عنه فشرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله ، الذي خرجنا لم يخرجنا إلا الجوع ، ثم رجعنا وقد أصبنا هذا ، لتسألن عن هذا يوم القيامة ، هذا من النعيم " ثم قال صلى الله عليه وسلم للواقفي : " ما لك خادم يسقيك الماء ؟ " قال : لا والله يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا أتانا سبي فأتنا حتى نأمر لك بخادم " . فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه سبي ، فأتاه الواقفي فقال : " ما جاء بك ؟ " قال : يا رسول الله وعدك الذي وعدتني ، قال : " هذا سبي فقم فاختر منه " . فقال : كن أنت تختار لي ، فقال صلى الله عليه وسلم : " خذ هذا الغلام وأحسن إليه " . قال : فأخذه فانطلق به إلى امرأته ، فقالت : ما هذا ؟ فقص عليها القصة قالت : فأي شيء قلت له ؟ قال : قلت له : كن أنت الذي تختار لي ، قالت : قد أحسنت ، قال لك : أحسن إليه ، فأحسن إليه ، قال : ما الإحسان إليه ؟ قالت : أن تعتقه ، قال : فهو حر لوجه الله تعالى .

[ ص: 224 ] [ ص: 225 ] [ ص: 226 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية