المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
4507 \ 1 - وقال معاذ بن المثنى راوي مسند مسدد فيما زاد فيه : حدثنا الحسن بن أبي شعيب ، ثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني ، ثنا منتصر بن دينار ، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : وجه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه نضلة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار ، فأغاروا على حلوان فافتتحها ، فأصاب غنائم كثيرة وسبيا كثيرا ، فجاؤوا يسوقون ما معهم وهم بين جبلين ، حتى أرهقتهم العصر ، فقال لهم نضلة رضي الله عنه : اصرفوا إلى سفح الجبل ، ففعلوا ، ثم قام نضلة رضي الله عنه فنادى بالأذان فقال : الله أكبر ، الله أكبر . فأجابه صوت من الجبل لا يرى معه صورة ، كبرت كبيرا يا نضلة ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أخلصت يا نضلة إخلاصا ، قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال : نبي بعث لا نبي بعده ، قال : حي على الصلاة . قال : فريضة فرضت ، قال : حي على الفلاح ، قال : أفلح من أتاها وواظب عليها ، قال : قد قامت الصلاة ، قال : البقاء لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى رؤوسها تقوم الساعة ، فلما صلوا ، قام نضلة رضي الله عنه ، فقال : أيها الكلام الحسن الطيب الجميل قد سمعنا كلاما حسنا ، أفمن ملائكة الله أنت ، أم طائف ، أم ساكن ؟ ابرز لنا فكلمنا ، فإنا وفد الله عز وجل ، ووفد نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال : فبرز له شيخ من شعب من تلك الشعاب أبيض الرأس واللحية ، له هامة كأنها رحى ، طويل اللحية في طمرين من صوف أبيض ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فردوا عليه السلام ، فقال له نضلة : من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا زرنب بن ثرملا [ ص: 406 ] وصي العبد الصالح عيسى بن مريم ، دعا لي بالبقاء إلى نزوله من السماء ، فقراري في هذا الجبل ، فاقرأ على عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه السلام ، وقل له : اثبت وسدد وقارب ، فإن الأمر قد اقترب وإياك يا عمر إن ظهرت خصال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنت فيهم ، فالهرب الهرب ، فقال نضلة رضي الله عنه : يا زرنب ! رحمك الله ، أخبرنا بهذه الخصال نعرف بها ذهاب دنيانا وإقبال آخرتنا ، قال : إذا استغنى رجالكم برجالكم ، ونساؤكم بنسائكم ، وكثر طعامكم فلم يزدد سعركم بذلك إلا غلاء ، وكانت خلافتكم في صبيانكم ، وكان خطباء منابركم عبيدكم ، وركن فقهاؤكم إلى ولاتكم ، فأحلوا لهم الحرام ، وحرموا عليهم الحلال ، وأفتوهم بما يشتهون ، واتخذوا القرآن ألحانا ومزامير بأصواتهم ، وزوقتم مساجدكم وأطلتم منابركم ، وحليتم مصاحفكم بالذهب والفضة ، وركبت نساؤكم السروج ، وكان مستشار أميركم خصيانكم ، وقتل البريء لتوعظ به العامة ، وبقي المطر قيظا ، والولد غيظا ، وحرمتم العطاء ، وأخذه العبيد والسقاط ، وقلت الصدقة حتى يطوف المسكين من حول إلى حول لا يعطى عشرة دراهم ، فإذا كان كذلك نزل بكم الخزي والبلاء ، ثم ذهبت الصورة فلم تر ، فنادوا فلم يجابوا ، فلما قدم نضلة على سعد رضي الله عنه أخبره بما أفاء الله عليه ، وبما كان من شأن زرنب ، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبره ، [ ص: 407 ] فكتب عمر رضي الله عنه : لله أبوك سعد ! اركب بنفسك حتى تأتي الجبل ، فركب سعد رضي الله عنه حتى أتى الجبل ، فنادى أربعين صباحا فلم يجابوا ، فكتب إلى عمر رضي الله عنه ، وانصرفوا .

هذا موقوف غريب من هذا الوجه ، ما رأيت بطوله إلا بهذا الإسناد .

4507 \ 2 - وقد رواه عبد الرحمن بن إبراهيم الراسي عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه ، فذكره ، وليس بطوله ، وسمى الأمير نضلة بن معاوية ، أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريقه .

ووقع لنا بإسناد آخر فسمى جعونة بن نضلة ، والله أعلم ، وقد شرحت أمره في ترجمة جعونة في حرف الجيم من كتابي في الصحابة رضي الله عنهم .

[ ص: 408 ] [ ص: 409 ] [ ص: 410 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية