[ ص: 256 ] باب
رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك وأمره بهدم مسجد الضرار ومكر المنافقين به في الطريق وعصمة الله تعالى إياه وإطلاعه عليه، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ ، قال: أخبرنا
أبو جعفر البغدادي، حدثنا
أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد، حدثنا أبي، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة، عن
أبي الأسود، عن
عروة ، قال: "
ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا من تبوك إلى المدينة ، حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه فتآمروا عليه أن يطرحوه في عقبة في الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر خبرهم، فقال: "من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم" وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر [ ص: 257 ] حذيفة غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، لا يشعر إنما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله عز وجل حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أدركه، قال: "اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار" ، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة: "هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟" قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال صلى الله عليه وسلم: "هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟" ، قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: "فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها" ، قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم قال: "أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه" ، فسماهم لهما، وقال: "اكتماهم".