صفحة جزء
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أم ذر، قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت، فقال لي: ما يبكيك؟ فقلت: ومالي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض , وليس عندي ثوب يسعك كفنا لي ولا لك؟ قال: فأبشري ولا تبكي؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين" .

وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة، فأنا ذلك الرجل، والله ما كذبت ولا كذبت , فأبصري الطريق.

فقلت أنا: وقد ذهب الحاج وتقطعت الطريق؟ قال اذهبي فتبصري، قالت: فكنت أشتد إلى الكثيب , ثم أرجع [ ص: 402 ] فأمرضه , فبينما أنا وهو كذلك إذا أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم تخد بهم رواحلهم.

قال علي: قلت ليحيى بن سليم: تخد أو تخب؟ قال: بالدال.

قالت: فألحت بثوبي فأسرعوا إلي حتى وقفوا علي فقالوا: من هو؟ قالت: أبو ذر , قالوا: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم , ففدوه بآبائهم وأمهاتهم , وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فقال: أبشروا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين" , فما من أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في قرية وجماعة , والله ما كذبت ولا كذبت.

أنتم تسمعون أنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها , أني أنشدكم الله ثم إني أنشدكم الله أن يكفني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا , وليس من أولئك النفر إلا وقد قارف ما قال إلا فتى من الأنصار , فقال: أكفنك يا عم، أكفنك في ردائي هذا أو في ثوبين في عيبتي من غزل أمي.

قال: أنت فكفني، فكفنه الأنصاري من النفر الذين حضروه، وقاموا عليه ودفنوه في نفر، كلهم يمان.


وكان في هذا الحديث عن أبي ذر: فأبشري ولا تبكي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبدا".

التالي السابق


الخدمات العلمية