صفحة جزء
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا [ ص: 214 ] محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا مرحوم بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، أنه أتى عائشة، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بحجرتي ألقى إلي الكلمة تقر بها عيني، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم، فعصبت رأسي، ونمت على فراشي فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لك يا عائشة؟" فقلت: أشتكي رأسي فقال: "بل أنا وارأساه أنا الذي أشتكي رأسي" ، وذلك حين أخبره جبريل عليه السلام أنه مقبوض، فلبثت أياما، ثم جيء به يحمل في كساء بين أربعة، فأدخل علي فقال: " يا عائشة أرسلي إلى النسوة، فلما جئن قال: " إني لا أستطيع أن أختلف بينكن فائذن لي فأكون في بيت عائشة، قلن: نعم.

فرأيته يحمر وجهه ويعرق، ولم أكن رأيت ميتا قط فقال: "أقعديني" ، فأسندته إلي، ووضعت يدي عليه، فقلب رأسه فرفعت يدي عنه، وظننت أنه يريد أن يصيب من رأسي فوقعت من فيه نقطة باردة على ترقوتي أو صدري، ثم مال فسقط على الفراش، فسجيته بثوب، ولم أكن رأيت ميتا قط، فعرفت الموت بغيره، فجاء عمر يستأذن ومعه المغيرة بن شعبة، فأذنت لهما، ومددت الحجاب فقال عمر: يا عائشة ما لنبي الله؟ قلت: غشي عليه منذ ساعة، فكشف عن وجهه فقال: واغماه، إن هذا لهو الغم، ثم غطاه، ولم يتكلم المغيرة، فلما بلغ عتبة الباب قال المغيرة: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر فقال عمر: كذبت، ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يأمر بقتال المنافقين، بل أنت تحوشك فتنة، فجاء أبو بكر فقال: ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة؟ قلت: غشي عليه منذ ساعة، فكشف عن وجهه، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه، ثم [ ص: 215 ] قال: وانبياه واصفياه واخليلاه صدق الله ورسوله إنك ميت وإنهم ميتون ، وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ، كل نفس ذائقة الموت .

ثم غطاه، وخرج إلى الناس فقال: أيها الناس: هل مع أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: لا قال: من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات.

ثم قال: إنك ميت وإنهم ميتون إلى قوله ذائقة الموت فقال عمر: أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر؟ قال: نعم قال عمر: هذا أبو بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار وثاني اثنين، فبايعوه، فحينئذ بايعوه.


التالي السابق


الخدمات العلمية