مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وإنه بشر به عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه، امكثوا في أرضي ما شئتم، وأمر لنا بطعام وكسوة قلت: هذا إسناد صحيح، وظاهره يدل على أن أبا موسى كان بمكة، وأنه خرج مع nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أرض الحبشة، والصحيح عن يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة، عن أبي موسى أنه بلغهم مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم باليمن فخرجوا مهاجرين في بضع وخمسين رجلا في سفينة، فألقتهم سفينتهم إلى النجاشي بالحبشة، فوافقوا nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده فأمرهم جعفر بالإقامة فأقاموا حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن خيبر، فأبو موسى شهد ما جرى بين جعفر وبين النجاشي، فأخبر عنه، ولعل الراوي وهم في قوله: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق والله أعلم.
فنفخوا له قربة فجعلها في صدره , ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه، فجاءنا الزبير فجعل يليح إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي، فوالله ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي , ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة، وأقام من أقام " قال الزهري: فحدثت بهذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير عن أم سلمة، فقال عروة: هل تدري ما قوله: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه؟ قال: فقال لا، إنما حدثني بذلك أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة، فقال عروة: فإن عائشة حدثتني " أن أباه كان ملك قومه، وكان له أخ من صلبه اثنا عشر رجلا، ولم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا: إنا إن قتلنا أبا النجاشي، وملكنا أخاه فإن له اثنى عشر رجلا من صلبه، فتوارثوا الملك لبقيت الحبشة عليهم دهرا طويلا لا يكون بينهم اختلاف، فعدوا عليه فقتلوه، وملكوا [ ص: 305 ] أخاه، فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه فلا يدبر أمره غيره، وكان لبيبا، فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا: لقد غلب هذا الغلام أمر عمه، فما نأمن أن يملكه علينا وقد عرف أنا قد قتلنا أباه، فإن فعل لم يدع منا شريفا إلا قتله، فكلموه فيه، فلنقتله، أو نخرجه من بلادنا فمشوا إلى عمه فقالوا: قد رأينا مكان هذا الفتى منك وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه، وجعلناك مكانه، وإنا لا نأمن أن تملكه علينا فيقتلنا، فإما أن نقتله وإما أن تخرجه من بلادنا قال: فقال: ويحكم قتلتم أباه بالأمس، وأقتله اليوم؛ بل أخرجه من بلادكم.
فخرجوا به فوقفوه بالسوق فباعوه من تاجر من التجار فقذفه في سفينة بستمائة درهم أو بسبعمائة درهم.
فانطلق به فلما كان العشي هاجت سحابة من سحاب الخريف فجعل عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقين ليس في أحد منهم خير.
فمرج على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله إن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره للذي بعتم بالغداة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب.
فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فردوه، فعقدوا عليه تاجه، وأجلسوه على سريره وملكوه، فقال التاجر: ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي، فقالوا: لا نعطيك: فقال: إذا - والله - أكلمه، فقالوا: وإن.
فمشى إليه فكلمه، فقال: أيها الملك إني ابتعت غلاما فقبضوا مني الذي باعونيه ثمنه , ثم عدموا على غلامي فنزعوه من يدي، ولم يردوا علي مالي فكان أول ما خبر من صلابة حكمه وعدله أن قال: لتردن عليه ماله أو ليجعلن غلامه يده في يده، فليذهبن به حيث شاء، فقالوا: بل نعطيه ماله [ ص: 306 ] ، فأعطوه إياه، فلذلك يقول: ما أخذ الله مني الرشوة، فآخذ الرشوة منه حيث رد علي ملكي، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه.