1025 - حدثنا
أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي ، قال : حدثنا
[ ص: 1517 ] أحمد بن يحيى بن مالك السوسي ، قال : حدثنا
داود بن المحبر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16290عباد بن كثير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، قال : قرأت [ واحدا ] وسبعين كتابا ، فوجدت في جميعها : إن الله عز وجل لم يعط جميع الناس ، من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقل
محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا كحبة رمل من بين جميع رمال الدنيا ، وإن
محمدا صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا ، وأفضلهم رأيا" .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
وأنا أبين من غريب حديث
أبي هالة ، الذي ذكرناه على ما بينه من تقدم
[ ص: 1518 ] من العلماء ، مثل :
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد ، وغيره ، فإنه علم حسن لأهل العلم وغيرهم .
قوله في أول الحديث :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخما مفخما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ) معناه : عظيما معظما ، يقال : فخم بين الفخامة ، ويقال : أتينا فلانا ففخمناه ، أي عظمناه ورفعنا من شأنه ، وقال الشاعر :
نحمد مولانا الأجل الأفخما
وقوله : ( أقصر من المشذب ) المشذب : الطويل البائن ، وأصل التشذيب : التفريق ، يقال : شذبت المال : إذا فرقته ، فكان المفرط الطويل فرق خلقه ولم يجمع ، يريد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن مفرط الطول ، ولكنه بين الربعة وبين المشذب .
وقوله : ( إن انفرقت عقيقته فرق ) يريد : شعره ، يريد أنه كان لا يفرق شعره إلا أن يفترق الشعر من قبله ، ويقال : كان هذا في أول الإسلام ، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقوله : ( أزهر اللون ) يريد : أبيض اللون ، مشرقه ، مثل قولهم : سراج
[ ص: 1519 ] يزهر ، أي يضيء ، ومنه سميت الزهرة : لشدة ضوئها ، فأما الأبيض غير المشرق فهو الأمهق .
وقوله : ( أزج الحواجب ) يعني به : طول الحاجبين ، ودقتهما ، وسبوغهما إلى مؤخر العينين .
ثم وصف الحواجب فقال : ( سوابغ في غير قرن ) ، والقرن : أن يطول الحاجبان حتى يلتقي طرفاهما .
قال
الأصمعي : كانت العرب تكره القرن ، ويستحب البلج .
والبلج : أن ينقطع الحاجبان ، فيكون ما بينهما نقيا .
وقوله :( أقنى العرنين ) يعني : المعطس ، وهو المرسن .
والقنا فيه : طوله ، ودقة أرنبته وحدب في وسطه .
وقوله : ( يحسبه من لم يتأمله أشم ) يعني : ارتفاع القصبة ، وحسنها واستواء أعلاها ، وإشراف الأرنبة قليلا ، يقول : يحسن قنا أنفه اعتدال يحسبه قبل التأمل أشمه .
وقوله : ( ضليع الفم ) يعني : عظيمه ، يقال : ضليع بين الضلاعة ، ومنه
[ ص: 1520 ] قول الجني
لعمر رضي الله عنه : إني منهم لضليع ، وكانت العرب تحمد ذلك ، وتذم صغر الفم .
قوله : ( دقيق المسربة ) والمسربة : الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة .
قوله : ( كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ) يعني : الجيد العنق . والدمية : الصورة ، وشبهها في بياضها بالفضة .
وقوله : ( بادن متماسك ) والبادن : الضخم . يقال : بدن الرجل ، وبدن - بالتشديد - إذا أسن ، ومعنى قوله : ( متماسك ) يريد : أنه مع بدانته متماسك اللحم ، ليس بمسترخيه .
وقوله : ( سواء البطن والصدر ) : يعني أن بطنه غير مستفيض ، فهو مساو لصدره ، وأن صدره عريض ، فهو مساو لبطنه .
وقوله : ( ضخم الكراديس ) يعني : الأعضاء ، هو في وصف
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [ ص: 1521 ] رضي الله عنه ، له أنه كان : "جليل المشاش" أي : عظيم رؤوس العظام ، مثل الركبتين ، والمرفقين ، والمنكبين .
قوله : ( أنور المتجرد ) يعني : ما جرد عنه الثوب من بدنه ، وهو : ( أنور ) من النور ، يريد : شدة بياضه .
وقوله : ( طويل الزندين ) والزند من الذراع : ما انحسر عنه اللحم ، وللزند رأسان : الكوع ، والكرسوع ، فالكرسوع : رأس الزند الذي يلي الخنصر ، والكوع ، رأس الزند الذي يلي الإبهام .
يقال عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : إنه كان عرض زنده شبرا .
وقوله : ( رحب الراحة ) يريد : أنه واسع الراحة ، وكانت العرب تحمد ذلك ، وتمدح به ، وتذم صغر الكف ، وضيق الراحة .
قوله : ( شثن الكفين والقدمين ) يعني : أنهما إلى الغلظ والقصر .
قوله : ( سائل الأطراف ) يعني : الأصابع ، أنها طوال ، ليست بمنعقدة ولا
[ ص: 1522 ] منقبضة .
وقوله : ( خمصان الأخمصين ) يعني : الأخمص في القدم من تحتها ، وهو ما ارتفع عن الأرض في وسطها ، أراد بقوله ( خمصان الأخمصين ) : أن ذاك منهما مرتفع ، وأنه ليس بأرج ، والأرج : هو الذي يستوي باطن قدمه ، حتى يمس جميعه الأرض .
ويقال للمرأة الضامرة البطن : خمصانة .
قوله : ( مسيح القدمين ) يعني : أنه ممسوح القدمين ، فالماء إذا صب عليهما مر عليهما مرا سريعا لاستوائهما .
قوله : ( إذا زال زال تقلعا ) : هو بمنزلة ما وصف
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه "إذا مشى تقلع" .
وقوله : ( يخطو تكفيا ، ويمشي هونا ) يعني : أنه يمتد إذا خطا ، ويمشي في رفق ، غير مختال ، لا يضرب غطفا ، والهون - بفتح الهاء - الرفق : قال الله عز وجل : (
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) ، فإذا ضممت الهاء فهو الهوان . قال الله عز وجل : (
عذاب الهون ) .
قوله : ( ذريع المشية ) يريد : أنه مع هذا المشي سريع المشية ، يقال : فرس ذريع بين الذرعة ، إذا كان سريعا . وامرأة تذراع : إذا كانت سريعة الغزل .
[ ص: 1523 ] قوله : ( إذا مشى كأنما ينحط من صبب ) معنى [ الصب ] : الانحدار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
فهذه صفات خلقه ، وأما صفات أخلاقه صلى الله عليه وسلم : -
قوله : ( يسوق أصحابه ) يريد : أنه إذا مشى مع أصحابه قدمهم بين يديه ، ومشى وراءهم ، وفي حديث آخر : ( يبسر أصحابه ) والبسر : السوق .
قوله : ( دمثا ) والدمث من الرجال : السهل اللين .
قوله : ( ليس بالجافي ولا المهين ) يريد أنه : لا يحقر الناس ولا يهينهم ، وليس بالجافي الغليظ الفظ ولا الحقير الضعيف .
قوله : ( يعظم النعمة وإن دقت ) يقول : إنه لا يستصغر شيئا أوتيه ، وإن كان صغيرا ، ولا يحقره .
وقوله : ( ولا يذم ذواقا ولا يمدحه ) يعني : أنه كان لا يصف الطعام بطيب ولا فساد إن كان فيه .
وقوله : ( إذا غضب أعرض وأشاح ) معنى : أعرض عدل بوجهه ، وذلك فعل الحذر من الشيء ، والكاره للأمر .
وأشاح : الإشاحة تكون بمعنيين : أحدهما : الجد في الأمر والإعراض بالوجه ، يقال : أشاح : إذا عدل بوجهه ، وهذا معنى الحرف في هذا
[ ص: 1524 ] الموضع ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651328 "اتقوا النار ولو بشق تمرة" ثم أعرض وأشاح ، أي : عدل بوجهه .
وقوله : ( يفتر ) أي : يبتسم ، ومنه يقال : فررت الدابة إذا نظرت إلى سنها .
وقوله : ( عن مثل حب الغمام ) يعني : البرد . شبه ثغره به ، والغمام : السحاب .
وقوله : في دخوله : ( جزأ جزأه بينه وبين الناس ، ويرد ذلك بالخاصة على العامة ) يعني : أن العامة كانت لا تصل إليه في منزله كل وقت ، ولكنه كان يوصل إليها حقها ، من ذلك الجزء [ بالخاصة ] التي تصل إليه ، فتوصله إلى العامة .
وقوله : ( يدخلون روادا ) : هو جمع رائد ، والرائد أصله الذي يبعث به القوم ، يطلب لهم الكلأ ومساقط الغيث ، ولم يرد الكلأ في هذا الموضع ، ولكنه ضربه مثلا لما يلتمسون عنده من العلم والنفع في دينهم ودنياهم .
وقوله : ( لا يتفرقون إلا عن ذواق ) الذواق : أصله الطعم ، ولم يرد الطعم ها هنا ، ولكنه ضربه مثلا ، لما ينالونه عنده من الخير .
وقوله : ( يخرجون أدلة ) يعني : يخرجون من عنده بما قد تعلموه ،
[ ص: 1525 ] فيدلون عليه الناس وينبئونهم به ، وهو جمع دليل ، مثل : شحيح وأشحة ، وسرير وأسرة .
وقوله : وذكر مجلسه : ( لا تؤبن فيه الحرم ) يعني : لا يقذف فيه ، يقال : أبنته بكذا من الشر : إذا رميته . ومنه في حديث الإفك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665474 ( أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي بمن - والله - ، ما علمت عليه من سوء قط ) ، ومنه رجل مأبون : أي : معروف بخلة سوء رمي بها .
وقوله : ( ولا تنثى فلتاته ) يعني : أي لا يتحدث بهفوة أو زلة ، إن كانت في مجلسه من بعض القوم . ومنه يقال : ثنوت الحديث إذا أذعنه . والفلتات : جمع فلتة ، وهي ها هنا الزلة والسقطة .
وقوله : ( إذا تكلم أطرق جلساؤه ، كأن على رؤوسهم الطير ) يعني : أنهم يسكنون ، فلا يتحركون ، ويغضون أبصارهم ، والطير لا تسقط إلا على ساكن ، ويقال للرجل إذا كان حليما وقورا : إنه لساكن الطائر .
وقوله : ( لا يقبل الثناء إلا عن مكافئ ) يعني : إذا ابتدي بمدح كره ذلك ، فإذا اصطنع معروفا فأثنى عليه مثن وشكره قبل ثناءه .
[ ص: 1526 ]