27 - باب ذكر
الاستثناء من الإيمان من غير شك فيه
قال محمد بن الحسين :
من صفة أهل الحق ، ممن ذكرنا من أهل العلم الاستثناء في الإيمان ، لا على جهة الشك - نعوذ بالله من الشك في الإيمان ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان ، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا ؟
وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا : أمؤمن أنت ؟ قال : آمنت بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والجنة والنار وأشباه هذا ، فالناطق بهذا والمصدق به بقلبه مؤمن ، وإنما
الاستثناء في الإيمان لا يدري أهو ممن يستوجب ما نعت الله به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا ؟ هذا طريق
[ ص: 657 ] الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، عندهم أن الاستثناء في الأعمال لا يكون في القول والتصديق بالقلب ، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان ، والناس عندهم على الظاهر مؤمنون ، به يتوارثون ، وبه يتناكحون ، وبه تجري أحكام ملة الإسلام ، ولكن الاستثناء منهم على حسب ما بيناه لك ، وبينه العلماء من قبلنا روي في هذا سنن كثيرة ، وآثار تدل على ما قلنا . قال الله تعالى : (
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) ، وقد علم تعالى أنهم داخلون .
وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=680809دخل النبي صلى الله عليه وسلم المقبرة فقال : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " .
وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673964 " إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى " .
وروي أن رجلا قال عند
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : " أنا مؤمن " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن [ ص: 658 ] مسعود : " أفأنت من أهل الجنة ؟ " قال : " أرجو " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " أفلا وكلت الأولى كما وكلت الأخرى " .
وقال رجل
لعلقمة : أمؤمن أنت ؟ قال : " أرجو إن شاء الله "
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين :
وهذا مذهب كثير من العلماء ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بما ذكرنا ، واحتج بمساءلة الملكين في القبر للمؤمن ، ومجاوبتهما له ، فيقولان له : " على اليقين كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث يوم القيامة إن شاء الله " ، ويقال للكافر والمنافق : " على شك كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله " .