صفحة جزء
ذكر غسل الكافر ودفنه

واختلفوا في غسل الكافر ودفنه؛ فكان مالك يقول: لا يغسل المسلم والده إذا مات كافرا، ولا يتبعه، ولا يدخله في قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه. وكان الشافعي يقول: لا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين، ويتبعه، ويدفنه. وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي.

قال أبو بكر: ليس في غسل من خالف الإسلام سنة يجب اتباعها، والحديث الذي احتج به الشافعي منقطع لا تقوم به الحجة. وقد روينا [ ص: 363 ] عن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي وائل وقد ماتت أمه نصرانية: فقال: اركب دابة وسر أمامها. وروي عن ابن عباس أنه قال: يقوم عليه، ويتبعه، ويدفنه، وقد اختلف عنه. وقال الحسن البصري : لا نرى بأسا أن يجنه أو يكفنه.

2927 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن أبي إسماعيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال: ماتت أمي نصرانية، فأتيت عمر فذكرت له ذلك فقال: اركب دابة وسر أمامها.

2928 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن ضرار بن مرة أبي سنان، عن سعيد بن جبير قال: كان عندنا رجل كان له أب يهودي، - أو نصراني - فمات فلم يتبعه، فسألت ابن عباس فقال: يقوم عليه، ويتبعه، ويدفنه.

2929 - حدثنا يحيى، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن شريك العامري قال: سمعت الحارث بن أبي ربيعة سأل ابن عمر عن أم له، نصرانية ماتت، فقال له ابن عمر: تأمر بأمرك وأنت بعيد، ثم تسير أمامها؛ فإن الذي يسير أمام الجنازة ليس معها [ ص: 364 ]

وقال عطاء بن أبي رباح: لا يحمل المسلم جنازة الكافر، ولا يقوم على قبره. وقال أحمد بن حنبل وقد سئل عن شهود جنازة النصراني الجار، فقال: على نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة كان يشهد جنازة أمه فكان يقوم ناحية، ولا يحضره؛ لأنه ملعون.

قال أبو بكر: سن النبي صلى الله عليه وسلم غسل موتى المسلمين، وليس في غسل من خالفهم سنة، وأحسن شيء روينا في هذا الباب حديث ناجية بن كعب عن علي.

2930 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي قال: لما هلك أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الضال قد هلك، قال: "انطلق فواره، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني"، قال: فأتيته قال: فأمرني أن أغتسل، ثم دعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم، أو ما على الأرض من شيء. [ ص: 365 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية