صفحة جزء
ذكر منع أهل الذمة سكنى الحجاز

6010 - أخبرنا محمد بن علي النجار قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع بها إلا مسلما . [ ص: 19 ]

6011 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد الحلواني، عن النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، أن عائشة حدثته قالت: آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" .

6012 - حدثنا محمد بن إبراهيم، قال حدثنا سهل بن عثمان العسكري، حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

6013 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: قال أبو عبيدة: جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، فأما العرض فما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة، وقال الأصمعي: جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول، وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام، قال: قال أبو عبيد : فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من هذا كله، فيرون أن عمر إنما استجاز إخراج أهل نجران من اليمن وكانوا نصارى، إلى سواد العراق لهذا الحديث، وكذلك إجلاؤه أهل خيبر إلى الشام وكانوا [يهودا] . [ ص: 20 ]

6014 - حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا المقري قال: حدثنا الليث قال: حدثني سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: بينا نحن في المسجد خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال: "يا معشر يهود أسلموا تسلموا" ، قالوا: بلغت يا أبا القاسم. قال: "ذلك أريد" ، ثم قالها الثالثة، فقال: "اعلموا أن الأرض لله ولرسوله وأنا أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ولرسوله" .

6015 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، سمع ابن عباس يقول: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثم بكى حتى بل دمعه الحصى، قلت: يا أبا عباس: ما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فيه فقال: "ائتوني بكتف أكتب كتابا، ولا تنازعوا، ولا ينبغي عند رسول الله تنازع، وأوصاهم: "أن أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد الذي كنت أجيزهم" .

6016 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ومحمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر [ ص: 21 ] قال: أجلى عمر المشركين من جزيرة العرب، وقال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" ، وضرب لمن قدم منهم أجلا قدر ما يبيعون سلعهم .

6017 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا ( أبو) معاوية، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: جاء أهل نجران إلى علي فقالوا: شفاعتك بلسانك، وكتابك بيدك، أخرجنا عمر من أرضنا، فردها إلينا، قال: ويلكم إن عمر كان رشيد الأمر، فلا أغير شيئا صنعه عمر.

وقال أبو معاوية: قال الأعمش : كانوا يقولون: لو كان في [نفسه] عليه شيء [لاغتنم] هذا .

6018 - حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا أبو معاوية، عن حجاج عمن سمع الشعبي يقول: قال علي لما قدم ههنا، ثغر الكوفة: ما قدمت لأحل عقدة شدها عمر . [ ص: 22 ]

قال أبو بكر: وقد ثبت أن عمر بن الخطاب ضرب لليهود، والنصارى، والمجوس، إقامة ثلاثة أيام يتسوقون بها ثغر المدينة، وبه قال مالك، والشافعي .

6019 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب ضرب لليهود، والنصارى، والمجوس إقامة ثلاث ليال يتسوقون بها، ويقضون حوائجهم، ولم يكن أحد منهم يقيم بعد ثلاث ليال .

وقال مالك: لا يترك أحد على غير دين الإسلام يقيم بالمدينة فوق ثلاثة أيام وقد نهى عمر بن الخطاب، قال مالك : فأرى أن يجلوا من المدينة، ومكة، واليمن، وأرض العرب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبقى دينان بأرض العرب" ، وقد أجلاهم عمر بن الخطاب من فدك، ونجران . [ ص: 23 ]

قال الشافعي : " فإن سأل من تؤخذ منه الجزية أن يعطيها ويجري عليه الحكم على أن يسكن الحجاز; لم يكن ذلك له، والحجاز: مكة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها كلها؛ لأن تركهم سكنى الحجاز منسوخ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استثنى على أهل خيبر فقال: "أقركم ما أقركم الله" ، ثم أمر بإجلائهم، وأحب أن لا يدخل الحجاز مشرك بحال لما وصفت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يبين لي أن يحرم أن يمر ذمي بالحجاز مارا لا يقيم ببلد منها أكثر من ثلاث ليال، وذلك مقام مسافر; لأنه قد يحتمل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم منها، وأن لا يسكنوها، ويحتمل لو ثبت عنه "لا يبقين دينان بأرض العرب" ، لا يبقين دينان مقيمان، ولولا أن عمر ولي إخراج أهل الذمة، لما ثبت عنده من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم محتملا ما رأى عمر بن الخطاب من أن أجل من قدم من أهل الذمة تاجرا ثلاث [ليال] ، لا يقيم فيها بعد ثلاث، لرأيت أن لا يصالحوا بدخولها بكل حال .

وقال الشافعي : وليست اليمن بحجاز، فلا يجليهم أحد من اليمن، وسائر البلدان ما خلا الحجاز، فلا بأس أن يصالحوا على المقام بها، ولا يبين لي أن يمنعوا ركوب بحر الحجاز، ويمنعون المقام في سواحله، وإن كانت في بحر الحجاز جزائرا وجبالا تسكن منعوا سكناهما، لأنها من أرض الحجاز" .

قال أبو بكر: وقد قال قائل من أهل العلم: معنى قوله: "لا يجتمع دينان بأرض الحجاز" من ألفاظ الخبر الذي معناها معنى النهي، أي [ ص: 24 ] لا يجتمع دينان بأرض الحجاز، واحتج الشافعي في منعه إعطاء أهل الذمة أن يسكنوا الحرم أو أرض الحجاز بحال، أو أرض العرب، لأن اشتراط من اشترط ذلك إنما اشترط خلاف كتاب الله، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط" .

ومن شرط لهم سكنى الحرم أو الحجاز بحال، فقد اشترط خلاف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد بخلافه كتاب الله قوله: ( إنما المشركون نجس ) الآية، والسنة المانعة من ذلك قوله: "لا يترك دينان بجزيرة العرب" .

التالي السابق


الخدمات العلمية