صفحة جزء
شرى المسلم أرضا من أرض السواد

واختلفوا في المسلم يشتري أرضا من أرض السواد فمنعت طائفة من بيع ذلك، وأبطل بعضهم البيع، وممن قال لا يجوز بيع أرض التي افتتحت عنوة: مالك بن أنس، قال مالك: وأما ما افتتح عنوة، فإن أولئك لا يشتري منهم أحد، ولا يجوز لهم بيع شيء مما تحت أيديهم من الأرض; لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين. وحكي عنه أنه كان ينكر على الليث دخوله فيما دخل فيه من أرض مصر . [ ص: 37 ]

وقال أبو عبيد : "قد تتابعت الأخبار بالكراهة لشرى أرض الخراج، وإنما كرهها الكراهون من جهتين: إحديهما أنها فيء للمسلمين، وأخرى أن الخراج صغار، وكلاهما داخل في حديثي عمر، أحدهما قوله: ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه الله منه، ووافقه على ذلك ابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن (عمرو) ، وقبيصة، وميمون بن مهران، ومسلم بن مشكم، وقوله لعتبة بن فرقد، ووافقه علي بن أبي طالب" .

6032 - حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ويحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سفيان العقيلي، عن أبي عياض، عن عمر قال: لا تشتروا رقيق أهل الذمة، فإنهم أهل خراج، وأرضيهم فلا تبتاعوها، ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد أن نجاه الله منه . [ ص: 38 ]

6033 - وحدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا بكير بن عامر، عن الشعبي، قال: اشترى عتبة بن فرقد أرضا على شاطئ الفرات يتخذ فيها قضبا، فذكر ذلك لعمر فقال: ممن اشتريتها؟ قال: من أربابها. فلما، اجتمع المهاجرون والأنصار عند عمر قال: هؤلاء أهلها، فهل اشتريت منهم شيئا؟ قال: لا، قال: فارددها على من اشتريتها منه، وخذ مالك .

6034 - وحدثني علي، عن أبي عبيد قال: حدثني أبو نعيم، عن سعيد بن سنان، عن عنترة قال: سمعت عليا يقول: إياكم وهذا السواد .

6035 - وحدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا يزيد، عن المسعودي، عن أبي عون الثقفي قال: أسلم دهقان على عهد علي فقام إلى علي فقال: أما أنت فلا جزية عليك، وأما أرضك فلنا .

وكان الأوزاعي يقول في شرى أرض الجزية: لم يزل أئمة المسلمين ينهون عن ذلك يكتبون فيه، ويكرهه علماؤهم، وحكى الشافعي عن النعمان أنه سئل; أيكره أن يؤدي الرجل الجزية على خراج الأرض؟ فقال: لا. وقال: إنما الصغار خراج الأعناق، وبه قال يعقوب. وقال النعمان: كان لعبد الله بن مسعود، ولخباب بن الأرت، ولحسين بن [ ص: 39 ] علي، ولشريح أرض خراج. فأرى النعمان شرى المسلم أرض الجزية.

وكان الشافعي يقول: أما من قبل أنه لا يحقن به الدم، الدم محقون بالإسلام، و (هو) يشبه أن يكون ككراء الأرض بالذهب والفضة، وقد اتخذ أرض الخراج قوم من أهل الورع والدين، وكرهه قوم احتياطا وقال إبراهيم النخعي: إذا أسلم الرجل من أهل السواد، فأقام بأرضه أخذ منه الخراج، فإن ترك أرضه رفع عنه الخراج .

وقال الثوري: ما كان من أرض صولح عليها ثم أسلم أهلها بعد، وضع عنه الخراج، وما كان من أرض أخذت عنوة ثم أسلم صاحبها، (وضعت) عنه الجزية وأقر على أرضه الخراج .

التالي السابق


الخدمات العلمية