صفحة جزء
ذكر خبر احتج به من قال: إن الرجلين اشتركا في قتل الرجل أن الخيار في ذلك إلى الإمام يجعل السلب لأيهما شاء

6114 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا مسدد، حدثنا يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: بينما أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني، وشمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع [ ص: 127 ] منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عماه، هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فعجبت بذلك، فغمزني الآخر، فقال لي مثلها، قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، ألا إن هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه بسيفهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال: "أيكما قتله؟"، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: "هل مسحتما سيفكما؟" قالا: لا. فنظر في السيفين، فقال: "كلاكما قتله" ، فقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح - وكانا معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح .

قال أبو بكر: وقد قال قائل: إن الذي يستحق جميع السلب إذا انفرد القاتل بقتل المشرك، فأما إذا اشتركا في قتله، فالخيار فيه إلى الإمام يجعل السلب لأيهما شاء، وقائل هذا قائل بالخبرين جميعا [كل] في موضعه .

قال أبو بكر: هذا يجوز أن يقوله قائل إن صح خبر عبد الرحمن بن عوف هذا، فإن في قلبي من صحته شيء، وإن لم يصح، فالنظر يدل على [ ص: 128 ] أن السلب بينهما إذا كانا قاتليه، والله أعلم .

قال أبو بكر: وفي حديث ابن مسعود حين قتل أبا جهل بعد أن ضربه الأنصاريان وأزمناه، دليل على ما قال الشافعي : إن السلب للذي أزمنه دون القاتل بعد; لأن ابن مسعود أجاز عليه بعد أن أزمنه الأنصاريان، والله أعلم، فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم منه شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية