صفحة جزء
ذكر السلب الذي يستحقه القاتل

6116 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك ; أن البراء بن مالك، بارز مرزبان الزارة، فقتله، فبلغ سواريه، ومنطقته ثلاثين ألفا، فقال عمر بن الخطاب : إنا كنا لا نخمس الأسلاب، ولكن سلب مرزبان مال، فكثره فخمسه .

6117 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأسود بن قيس، عن شبر بن علقمة العبدي، قال: كنا بالقادسية فخرج رجل منهم عليه من السلاح والهيئة، فقال: مرد، ومرد، يقول رجل إلى رجل، فعزمت على أصحابي أن يبارزوه، فأبوا، وكنت رجلا قصيرا [ ص: 130 ] قال: فتقدمت إليه، فصاح صوتا، وكبرت، وهدر وكبرت قال: فاحتمل بي فضرب بي، قال: ويميل فرسه، فأخذت خنجره، فوثبت على صدره فذبحته، قال: وأخذت منطقة له، وسيفا، ورانين، ودرعا، وسوارين فقوم اثنى عشر ألفا قال: فأتيت سعد بن مالك قال: فرح إلي ورح بالسلب قال: فرحت إليه، فقام على المنبر، فقال: هذا سلب شبر بن علقمة، خذه هنيئا مريئا، فنفلنيه كله.

6118 - حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا ( هشيم ) ، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيت عمرو بن معدي كرب يوم القادسية، وهو يحرض الناس على القتال، وهو يقول: يا أيها الناس كونوا أسدا أسدا أغنا شاته، إنما الفارسي تيس إذا ألقى نيزكه، فبينا هو كذلك، إذ بوأ له أسوار من أساورة فارس بنشابته، فقلنا له: يا أبا ثور! إن هذا الأسوار قد بوأ بك بنشابة، فأرسل الآخر نشابته، فأتت سية قوس عمرو، فطعنه، فدق صلبه فصرعه، ونزل إليه فقطع يديه، وأخذ سوارين كانا عليه، ويلمق من ديباج ومنطقة، فسلم ذلك له.

6119 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا القعنبي، عن مالك ، [ ص: 131 ] عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، أنه قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال ابن عباس : الفرس من النفل، والسلب من النفل .

وكان مكحول يقول: للمبارز المقاتل سلب المقتول: فرسه بسرجه، ولجامه، وسيفه، ومنطقته، ودرعه، وبيضته، وساعداه، وساقاه، وراناه بما في ذلك كله بذهب، أو فضة، أو جوهر، أو ما كان عليه من طوقه، وسواريه إن كانا عليه، بما فيها من جوهر .

وقال الأوزاعي : له فرسه الذي قاتل عليه، وسلاحه، وسرجه، ومنطقته، وقرطاه، وخاتمه، وما كان في سرجه وسلاحه من حلية قال: ولا يكون له الهميان فيه المال، وإن كان قاتله على فرسه، ثم نزل عنه، فقاتله، ومقود فرسه في يده فقتله، لم يكن له فرسه، إلا أن يكون صرعه هو عن فرسه بطعنة أو ضربة فيكون له، إذا أشعره وهو على دابته، فصرع، أو نزل هو عن دابته بعد ما أشعره فقاتله، فقتله، كانت دابته له مع سلبه، وقال: له تاج إن كان على رأسه، وقال: ما كان مع العلج من دنانير أو ذهب ليس مما يتزين به لحربه، وفي منطقته نفقة، أو كمه، أو نكته، فلا شيء له من ذلك، هو مغنم بين الجيش .

وكان الشافعي يقول: والسلب الذي يكون للقاتل كل ثوب عليه، وكل سلاح عليه، ومنطقته، وفرسه، إن كان راكبه، أو ممسكه، فإن كان منفلتا منه، أو مع غيره فليس له، وإنما سلبه ما أخذ من يديه، أو ما [ ص: 132 ] على بدنه، أو تحت يديه، فإن كان في سلبه أسوار ذهب، أو خاتم، أو تاج، أو منطقة فيها نفقة، فلو ذهب ذاهبون إلى أن هذا مما عليه من سلبه كان مذهبا، ولو قال قائل: ليس هذا من عدة الحرب وإنما له سلب المقتول الذي هو سلاح كان وجها، والله أعلم. ولا يخمس السلب .

وكان أحمد بن حنبل يقول في المنطقة: فيها الذهب والفضة: هو من السلب، وقال: الفرس ليس من سلبه، وسئل عن السيف من السلب؟ قالا: لا أدري، وقيل للأوزاعي: أيسلبوا قتلاهم، حتى يتركوا عراة؟ فقال: أبعد الله عورتهم، ولو ترك عليهم شيء كان أحسن، وكره الثوري أن يتركوا عراة .

قال أبو بكر: الذي قاله الثوري أحسن.

واختلفوا في القاتل يكتم السلب خوفا أن لا يعطيه الإمام، فقال الأوزاعي : لا يأخذه إلا بإذنه، قال أحمد: ما يعجبني أن يأخذه.

وفي قول الشافعي : له أن يأخذه; لأنه حق حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم له، كما يأخذ سائر حقوقه الذي له. به أقول .

وقال الأوزاعي في الأجير الذي استؤجر للخدمة: إن بارز فقتل صاحبه فله سلبه، وقال في رجل قتل قبل الفتح، إن له السلب ما كان، وما كان بعد الفتح فلا شيء له .

واختلفوا في العلج يحمل عليه الرجل، فيستأخر له ثم يقتله: [ ص: 133 ] فقال الثوري : له سلبه إذا كان قد بارزه.

وقال الأوزاعي : ليس له سلبه، إذا لم يكن حدد إليه بسلاح، وإن أسره ثم قتله لم يكن له سلبه، قيل للأوزاعي: فإن حمل على علج فاعتنقه ثم جاء آخر فقتله، قال: سلبه للذي اعتنقه، قيل له: فإن أسر رجل علجا، ثم جاء آخر فقتله قال: لا يكون السلب لواحد منهما، قيل له: فإن أسر رجل علجا، ثم أتى به إلى الإمام فقتله الإمام، قال: لا يكون له سلبه، قيل له: فرجل حمل على فارس فقتله، فإذا هو امرأة، قال: إن كانت حددت له بسلاح فإن له سلبها، والغلام كذلك إذا قاتل فقتل كان سلبه لمن قتله .

قال أبو عمر : ولا يبارز العبد إلا بإذن مولاه، فإن بارز بإذن مولاه، فقتل صاحبه لم ينفل سلبه، ويرضخ له منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية