صفحة جزء
ذكر استئجار الإمام على الغنائم من يحملها ويقوم بحفظها، أو سوق رقيق أو حيوان إن كان فيما غنم

واختلفوا في استئجار من يحمل الغنائم ويقوم بحفظها، فكان الأوزاعي يقول في الإمام تجتمع عنده الغنائم، فيخاف أن تضيع الغنيمة: لا أعلم بأسا أن يقول: من حرس الليلة العسكر فله دابة من السبي، أو دابة من الفيء، فإن الراعي يعطى أجره من الغنيمة، وقال في الأسارى: يوثقون بالحبال والحديد، وينفق عليهم من جماعة الفيء .

وقال الأوزاعي : يجعل الإمام للراعي والدليل من جماعة المال، قيل لأبي عمرو: فمن أين يعطي الجاسوس؟ قال: من المال الذي تجهزوا به إلى الصائفة، فإن لم يكن معه، أعطاه من جملة الغنيمة، وقال أبو عمرو: كانت الولاة يجهزون أمراء الصوائف بمال من بيت المال يحمل منه لرجاله، وينفق منه على أهل الحاجة، وينفق على الجواسيس، وعلى كل من أبلى بلاء في مناهضة الحصون ونحو ذلك، قال أبو عمرو: فإن لم يجهزوا على الصائفة بمال من بيت المال أعطي الجواسيس، والدليل، وراعي دواب الغنيمة من قبل أن تقسم الغنيمة، وينفق على جماعة السبي من قبل أن يقسم [من] جملة الغنيمة .

وقال أحمد بن حنبل في الإمام يستأجر القوم على سباق الرمك إلى مكان بالشام على النصف أو بدنانير معلومة؟ أكرهه على فرس [ ص: 210 ] (حبس) ، وأما أن يؤاجر نفسه على دابته فأرجو أن لا يكون به بأسا، وكان الشافعي يقول: إذا [حوله] الإمام - يعني ما أصاب من الغنيمة - عن موضعه إلى موضع غيره، فإن كانت معه حمولة حملها عليها، وإن لم يكن معه فينبغي للمسلمين أن يحملوه إن كانت معهم، حملوه بلا كراء، وإن امتنعوا فوجد كراء تكارى على الغنائم واستأجر عليها، ثم أخرج الكراء أو الإجارة من جميع المال .

وقال أصحاب الرأي: إن أصاب المسلمون في أرض الحرب شيئا كثيرا، وليس مع الإمام فضل من الدواب والإبل، يحملهم عليها في عسكر المسلمين، مشى الرجال ومن أطاق من الصبيان، وإن كان فيما غنم المسلمون دواب وإبل استاقوها معهم إلى دار الإسلام، وإن لم يطيقوا أن يستاقوها ذبحوا الإبل، والغنم، والدواب، وأحرقوها بالنيران; لئلا ينتفع بها أهل الحرب، ولا ينبغي لهم أن يعرقبوها; لأن ذلك مثلة، وإن كان في الغنيمة التي أصابوا سلاح، ومتاع، وآنية كثيرة، ولم يكن معهم من الظهر ما يحملون عليه ذلك، فليحرقوا ذلك بالنار، ولا يدعوه ينتفع به أهل الحرب . [ ص: 211 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية