صفحة جزء
ذكر الفرض للذرية وإجراء الأرزاق عليهم

6377 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، قال: حدثنا أبو عمر ، قال: حدثنا شعبة ، عن بديل، عن علي بن أبي طلحة ، عن راشد بن سعد ، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام الكندي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك كلأ فإلينا" - وربما قال: "فإلى الله ورسوله" - "ومن ترك مالا: فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه" .

6378 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة ، عن عدي، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك دينا فإلي، ومن ترك ضياعا فإلي، ومن ترك مالا فلورثته" . [ ص: 441 ]

6379 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان قال: حدثني عبد الله بن شريك العامري، عن بشر بن غالب، قال: سأل ابن الزبير حسين بن علي : متى يجب سهم المولود؟ قال: إذا استهل وجب سهمه، قال: على من فكاك الأسير؟ قال: على الأرض التي يقاتل عنها.

6380 - وحدثنا علي ، عن أبي عبيد قال: حدثنا يزيد ، عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كان عمر لا يفرض للمولود حتى يفطم، قال: ثم أمر مناديا فنادى: لا تعجلوا أولادكم عن الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام، قال: وكتب بذلك في الآفاق بالفرض لكل مولود في الإسلام .

6381 - وحدثنا علي ، عن أبي عبيد ، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال: حدثني [ محمد ] بن هلال، قال: حدثني أبي [عن] جدتي: أنها كانت تدخل على عثمان ، ففقدها يوما، فقال لأهله: ما لي لا أرى فلانة، فقالت امرأته: يا أمير المؤمنين، ولدت الليلة غلاما، قالت: فأرسل إلي خمسين درهما، وشقيقة سنبلانية، ثم قال: هذا عطاء ابنك، وهذه كسوته، فإذا مرت [به] سنة رفعناه إلى مائة . [ ص: 442 ]

6382 - وحدثنا علي ، عن أبي عبيد ، حدثني هشام بن عمار ، عن الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن أبي العاتكة أو كلثوم بن زياد مولى سليمان بن حبيب - الشك من هشام - قال: حدثني سليمان بن حبيب: أن عمر بن الخطاب فرض لعيال المقاتلة ولذريتهم العشرات قال: فأمضى عثمان ، ومن بعده من الولاة ذلك وجعلوه موروثة يرثها ولد الميت منهم ممن ليس في العطاء، والعشرة، حتى كان عمر بن عبد العزيز ، قال سليمان : فسألني عمر عن ذلك، فأخبرته، فأنكر الوراثة، وتركهم عموما مع عيال من ليس في الديوان، وقال: أقطع الوراثة، وأعم بالفريضة، فقال سليمان : فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين، فإني أتخوف أن يستن بك من بعدك في قطع الوراثة، ولا يستن بك في عموم الفريضة قال: صدقت، أتركهم .

وكان الشافعي يقول: ينبغي للإمام أن يحصي جميع من في البلدان من المقاتلة، وهم من قد احتلم، واستكمل خمس عشرة من الرجال، ويحصي الذرية، وهم من دون المحتلم ودون البالغ خمس عشرة، ومن النساء صغيرتهن، وكبيرتهن، ويعرف قدر نفقاتهم، وما يحتاجون إليه في مؤوناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم، ثم يعطي المقاتلة في كل [ ص: 443 ] عام عطاءهم، والذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم (في) كسوتهم، ونفقتهم طعاما، أو قيمته دراهم أو دنانير يعطي المنفوس شيئا، ثم يزاد، كلما كبر على قدر مؤنته وهذا يستوي، لأنهم يعطون الكفاية، ويختلف في مبلغ العطايا باختلاف أسعار البلدان، وحالات الناس فيها، فإن المؤنة في بعض البلدان أثقل منها في بعض، قال: ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق، ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة .

قال أبو بكر : ومما يدل على أن الأعراب لا حق لهم في الفيء: حديث بريدة، وقد ذكرناه في هذا الكتاب. قال: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك إليها، فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم إن هم قبلوا أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يكونوا، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المسلمين، ولا يكون لهم في الغنيمة شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين" .

وقال الشافعي : وإذا قرب القوم من الجهاد، ورخصت أسعارهم أعطوا أقل مما يعطى من بعدت داره، وغلا سعره، وعليهم أن يغزوا إذا غزوا، ويرى الإمام في إغزائهم رأيه، فإذا غزا البعيد، أغزاه إلى أقرب المواضع من مجاهده، وإن استغنى مجاهده بعدد [ ص: 444 ] و[كثرة] من قرب أغزاهم إلى أقرب المواضع من مجاهدهم .

قال الشافعي : والعطاء الواجب من الفيء لا يكون إلا لبالغ يطيق مثله القتال، وإن كان لا يقدر على القتال بأن يكون أعمى، أو منقوص الخلق: لم (يفترض) له فرض المقاتلة، وأعطي الكفاية شبيه عطاء الذرية. فإن مرض مرضا يرجى برؤه. أعطي عطاء المقاتلة ويخرج العطاء في كل عام للمقاتلة في وقت من الأوقات، وإن فضل من المال فضل بعدما وصفت من إعطاء العطاء، وضعه الإمام في إصلاح الحصون، والازدياد في الكراع وكل ما قوى به المسلمين. وإن استغنى المسلمون وكملت كل مصلحة لهم فرق ما يبقى منهم بينهم كله على قدر ما يستحقون في ذلك المال. وإن ضاق الفيء عن مبلغ العطاء فرقه بينهم بالغا ما بلغ لم يحبس عنهم منه شيئا، ويعطي من الفيء رزق الحكام، وولاية الأحداث، والصلات بأهل الفيء، وكل من قام بأمر الفيء من وال وكاتب وجندي، ممن لا غنى لأهل الفيء عنه رزق مثله.

وذكر أبو ثور ما يجبى مما يوقفه من الخراج مما غلب عليه، وتركه الغالبون عليه للمسلمين. فإن الإمام يقسم ذلك في غزاة المسلمين على قدر مؤنتهم، وعيالاتهم ويوسع عليهم في ذلك على قدر ما يكون الخراج من كثرة وقلة، ويصلح من ذلك طرقهم، وقناطرهم، وجسورهم وما لا بد [ ص: 445 ] للمسلمين منه ويعطي قراء القرآن المحتاج وعلماء المسلمين ومحدثيهم، وكل ما كان للمسلمين فيه منفعة، ويسبغ عليهم في ذلك ولا يعطي أحدا ممن لا منفعة للمسلمين فيه، وإذا أعطى الإمام من له حق مما يستوجب، وفضل من الفيء شيء جعله في بيت مال المسلمين لنوائبهم وما يحدث من أمر عدوهم، وإصلاح طرقهم، وسبلهم، وما لا بد لهم منه، ويكون الإمام أبدا مستظهرا بمال، لأنه لا يدري ما يحدث من أمر يحتاجون فيه إلى النفقة، فإن نابت المسلمين نائبة وفي مال الفيء قلة: كان للإمام أن يستقرض من بيت مال الصدقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية